هذه الوقفات مع كتاب الأستاذ العميد الدكتور طه حسين: «كتب ومؤلفون»، يبقى فيها حلقات محدودة، لأنتهي من مقدمة الدكتور شكري فيصل رحمه الله، وقد قلت آنفاً إنها مقدمة طويلة..
وحين أنتهي منها، قد يبقى وقفات قصار مع نصوص المقدمات، فقد يصادفني فيها ما يستحق الوقوف، مما تجاوزه الدكتور شكري، ولن تطول هذه الوقفات..! ولعل جزيرتنا، تتيح لي اكمال الوقفات، إلا إذا كانت تؤثر التوقف!؟ وربما في هذا الجنوح إلى الحديث عن الأدب ونقده، شيئاً من تخفيف وطآت النقد، التي يتأرجح الرأي فيها بين القبول والرفض، رغم أنه تقويم واصلاح!
* حين يخطر ببال الأستاذ العميد شيء من مقارنة بين الأديب عبد العزيز البشري والمويلحي وحافظ إبراهيم والبابلي، فإن الدكتور سرعان ما يتوقف ليقول: كنت أظن في أول الأمر أنه بقية لمدرسة قد مضى أكثر أعضائها، بقية لتلك البيئة التي كان يضطرب فيها المويلحي وحافظ والبابلي رحمهم الله، ولكني رأيته يعرض لأشياء ما كان أحد من هؤلاء يستطيع أن يعرض لها، ويلج موالج ما كان أحد من هؤلاء يفكر فيها، ثم يمرق منها كما يمرق السهم من الرمية».!
* هكذا يصور العميد اعجابه بالبشري، لأن البشري يتناول موضوعات يشاركه فيه لداته ممن ذكرهم الأستاذ العميد، غير أنهم لا يبلغون شأوه في ذلك، وحقاً قال العميد، فالبشري كما يقول الدكتور طه، يبدأ الفصل رائعاً ويمضي فيه رائعاً، أما الآخرون فيقدمون موضوعاتهم، عادية مألوفة لا تبلغ الروعة إلا نادراً.. وهذا الرأي يؤكد فرادة البشري وتميزه، كما يقول الدكتور شكري.. ويبلغ الحد الاعجابي بالبشري عند الدكتور شكري، ولا أقول إنه تأثر في ذلك بالأستاذ العميد، وإنما هو اقتناع بمكانة الكاتب الكبير، حتى دفع الدكتور شكري إلى القول: لم يقف بالدكتور طه عند اثبات فرادة البشري وتميزه، وانما دفع به في اتجاه آخر، فهو لم يكن مدرسة وحده فحسب، بل كان مدرسة لا تلاميذ لها، فكما أنك لا تستطيع أن تلحقه بهذه البيئة الأدبية أو تلك، فأنت لا تستطيع أن تلحق به هذا الكاتب أوذاك»..
|