Wednesday 20th august,2003 11283العدد الاربعاء 22 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
من ينقذ الأزواج من المرضعات؟
عبدالرحمن صالح العشماوي

حينما كان يحدثني الشيخ الأديب عميد أسرة المبارك في الأحساء «أحمد بن علي المبارك» عن قصة الشاعر الشيخ عبدالله بن علي العبدالقادر الذي فقد زوجته بعد شهر من زواجهما، وبعد قصة حب كبيرة بينهما بسبب تلك المرضعة التي لم تتذكر ارضاعها لهما إلا بعد زواجهما، شعرت بحزن كبير لتلك الحالة التي عاشها الشاعر في زمانه، على الرغم من انه قد واجهها شأن المسلم الممتثل لتعاليم دينه بصبرٍ واحتساب في قصة طريفة يمكن اختصارها للقراء الكرام: بعد ان تزوج الشيخ الشاعر بعائشة الفتاة الجميلة التي أحبَّها، وبعد مرور أكثر من شهر على حياتهما الزوجية السعيدة جاءت عجوز لزيارة الأسرة، وعلمت من أم عبدالله أنه تزوج بفلانة، فوضعت المرأة يدها على رأسها في حالة استنكار وقالت: كيف يتزوجها وهي أخته من الرضاع ووقع الخبر على أم العريس وقوع الصاعقة، وذهبت إلى الشيخ القاضي علي آل عبدالقادر والد العريس الشاعر واخبرته بالخبر فاسترجع وحوقل وطلب احضار العجوز إليه وسمع منها الخبر مؤكداً، وأنها أرضعتهما رضعات لا حصر لها، وسأل عن ابنه، فأخبروه انه مع عروسه في مخدعهما، فأسرع إليهما وطرق الباب، وخرج إليه العريس مضمَّخاً بعطر السعادة والهناء، وقال له أبوه: دع زوجتك تذهب إلى النساء، وتعال لأحدثك بأمرٍ مهم، وامتثل لأمر أبيه، وجاء إليه سائلاً: ماذا لديك يا أبي؟، قال له: مصيبة يا بني حدثت، قال الابن: لا حول ولا قوة إلا بالله، هل مات أحد الأهل؟، قال له: بل أكبر من ذلك، زوجتك عائشة هي اختك من الرضاعة.
كانت الصدمة كبيرة، ولكنَّ العريس تجلَّد وذكر الله، واسترجع في تلك اللحظة الحاسمة، وبعد لحظة صمتٍ حاول فيها جاهداً الثبات أمام هذا الخبر، قال لأبيه: الأمر أمر الله، وليس أمامنا إلا التسليم، وما زاد على أن قال ثلاثة أبيات:


ألا أيها الباكي على إِلْفه، لِمَهْ
فإنَّ هبات الدَّهر غيرُ متَّمَمهْ
رضاع بأيام الفطام استفدتَه
على فاقةٍ من غير عارٍ ومَأْثَمَهْ
وما أنتَ إلا صائمٌ في صيامه
سقاه إله العالمين وأطعمَهْ

أقول: حزنت لهذه القصة، وكان ظني أنها من النَّوادر، وإذا بها حلقة في سلسلة من القصص المحزنة الواقعية التي تجري إلى الآن، وقد عرفت هذه الأيام بعضا عن قرب.
فهنالك أسرة بلغ عدد أبنائها وبناتها سبعة أشخاص اتضح للأبوين أنهما اخوان من الرضاعة فافترقا، وأسرة أخرى مكونة من أربعة أولاد حدث لها ذلك، وعروسان في ليلة زفافهما تبيَّن من خلال شهادة مرضعتهما أنهما اخوان من الرضاعة، فخلعت العروس ملابس فرحتها، ولبستها فتاة أخرى تمَّ بها الزواج في الليلة نفسها، وهكذا تتوالى القصص المحزنة التي تفاجئ الأزواج في أوقاتٍ لا يتوقعونها، وتحدث في نفوسهم من الصَّدمة ما يملأ قلوبهم بالأسى والحزن خاصةً عند الذين أنجبوا أولاداً قلَّ عددهم أم كثر، وهنا يبرز السؤال المهم: من الذي ينقذ الناس من هذه الحالات المؤسفة؟ ولماذا يختفي خبر الرضاع هذه الفترات الطويلات؟، ولماذا لا يكون هناك عناية خاصة من الآباء والأمهات يسجلون بها حالات الرّضاع منذ حدوثها؟، ونحن هنا نتحدث عن أمرٍ ما يزال يقع إلى وقتنا هذا بالرغم من انتشار الوعي بين الناس وعدم حاجتهم إلى الاسترضاع لأولادهم كما كانت الحالة فيما سبق.
إنها دعوة صادقة إلى الأسر وأولياء الأمور فيها أن ينتبهوا إلى هذه الحالات من وقت مبكر حرصاً على استقرار النفوس، واطمئنان القلوب، ومنعاً للتفكُّك العائلي الذي يحدث بسبب المعرفة المتأخرة بحالات الرّضاع.
إشارة:


هذا هو الفجر قد جفَّتْ منابعُه
كأنه شفةٌ لم تعرف القُبَلا

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved