لي صديق أمنية (عمره ..!) حسبما اعتاد قوله أن يتكلم اللغة الإنجليزية مع أهلها في حضرة أصدقائه بالطلاقة التي يتكلمها حينما يكون وحيداً مع متكلميها. إنه بمعنى آخر يخجل من أصدقائه فلا يستطيع حينها التعبير بنفس القدرة التي يعتقد أنه يمتلكها ودليله على ذلك ما يفعله في حال غياب هؤلاء الأصدقاء. غير أن صديقي هذا - وعلى خلاف المعتاد- فاجأني منذ وقت قريب بالقول إنه نجح أخيراً في أن يكسر حاجز خجله هذا حيث استطاع أن يجيد التعبير باللغة المذكورة رغم حضور اصدقائه إلى الدرجة التي تفاجأ بها هو شخصياً. هذا وحين سألني متعجبا عن السبب وراء ذلك لم أجد بدا من اشتقاق الاجابة من عبارته هو شخصيا بالقول: «فقط لأنك فاجأت نفسك»..، وبعد افتراقنا أخذت بالتفكير بإجابتي العفوية هذه لأستنتج من لدنها بدهية من النادر تذكرها إلا وهي أن الإنسان بحوزته القدرة على أن يفاجئ نفسه.. ومتى ذلك..؟! حينما يقرر هو ذلك بكل عزيمة وإصرار. فالإنسان في حقيقته مجموعة من الملكات المستثمر قليلها المنثور أو المطمور غالبها، كذلك فالإنسان مجموعة من (التجارب) الناجحة والفاشلة وحين يمنح (الفشل) حيزا في كيانه تتراكم آثاره عبر الزمن، وتستدمج تطبيقاته عبر التفاعل ابتداء من مرحلة طفولته، مروراً بمرحلتي شبابه وكهولته، وصولا أو - بالأصح - هبوطا اضطراريا على مدارج شيخوخته.
فليتك إذن تعلم أن محددات وجودك في الحياة ليست حصراً على الجينات فقط بل إن لخبراتك السابقة أدوارا مهمة أيضاً، إذن (فاجئ نفسك).. تفحص قدراتك .. توسم مهاراتك.. واعقد لواء العزم على تطبيقها على أرض واقعك.. إياك أن تؤخر ذلك فتقع في نفس مغبات الخندق الزمني الذي وقع فيه سلفك الشاعر القديم الذي قال تحسراً:
ما استقامت قناة رأيي إلا
بعد أن عوّج المشيب قناتي
|
|