المفتون السياسيون

إنما منح الله الإنسان العقل ليميز ما بين الصح والخطأ ويفضله عن البهائم والحيوانات الأخرى التي لا تميز، وأنزل الله الرسالات وبعث الرسل والأنبياء ليوضحوا الخطوط وينقلوا ما يجب ان يقوم به الإنسان خلال رحلته الدنيوية، فالأنبياء والرسل أوضحوا ما أنزله الله هداية للبشرية التي وهبها الله العقول والأفئدة لتميز وتختار ما بين الخير والشر.وإذا كان الحق بيِّناً والباطل بيِّناً فإن الرسالات السماوية التي كانت خاتمتها الرسالة المحمدية قد حددت بوضوح الفواصل بين ما هو حق وما هو باطل، والرسول الكريم أوصى المسلمين بالتمسك بما أوضحته الشريعة الإسلامية بقوله صلى الله عليه وسلم «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجد» الحديث...
والمسلمون مطالبون دائماً بالتمسك بسنة الرسول المصطفى وخلفائه الراشدين لا يمكن ان يخرجوا عن نصوص الشريعة الإسلامية نتيجة انحراف فئة تسعى لأهداف دنيوية، لبست في عصرنا الحاضر لبوس السياسة، ولأهداف أغلبها الوصول إلى الحكم أُلبست التوجهات الدينية لبوساً سياسية بحيث تولدت فئة من تخصصوا في تجيير نصوص الشريعة الإسلامية لخدمة الأهداف السياسية خروجاً عن الشريعة التي تتعامل مع النص القرآني والحديث النبوي في حدود أبعاده ومحتوياته الدينية والفكرية والأسباب التي رافقت نزول الآية القرآنية وقول الحديث الشريف، في حين ظهرت فئة تخصصت في البحث عن نصوص تحقق غاياتها الدنيوية السياسية بعيداً عن الأبعاد الدينية والفكرية والزمانية التي أوجبت نزول الآية الكريمة والحديث الشريف.
هذه الفئة التي يمكن تسميتها ب «المفتين السياسيين».. أو «المفتين الدنيويين» أخذوا ينتقوا نصوصاً يلبسوها أبعاداً وتوجهات بعيدة كل البعد عما تسعى إليه الشريعة الإسلامية.ومع ان هؤلاء المفتين ليسوا من أصحاب الفكر ولا من المتميزين إلا في غلوهم وتطرفهم إلا أنهم وجدوا من يأخذ بفتاويهم التي تغري الشباب من أبناء الأمة الإسلامية باللجوء إلى التخريب والإجرام بارتكاب أعمال التفجير والقيام بالإرهاب بدعوى القيام بالجهاد الذي كثر الحديث عنه من دون التبصر والتبحر في النص الذي حدد بدقة شروط الجهاد ومسبباته ليغيب النص مفسحاً المجال للخطاب الذي غلب عليه الكلام الحماسي العام دون إسناد شرعي وعلمي.
هذه الفئة الضالة من المفتين السياسيين الدنيويين دفعت بالمئات من شباب الإسلام بل الآلاف منهم إلى الإجرام والإرهاب وفق مخطط وعمل تراكمي تسبب في كل ما يحدث في العديد من الدول الإسلامية ومنها المملكة، وعملهم هذا يمثل أكبر وأخطر أعمال الإجرام الديني والفكري والجنائي، ولذا فإن محاصرة هؤلاء ومحاكمتهم وكشف زيفهم يمثل أولى الخطوات وأنجعها لتحصين الأمة الإسلامية وأبنائها وحمايتها من هؤلاء المنحرفين فكرياً ودينياً.