تعد المطارات في جميع أنحاء العالم البوابة المشرقة نحو التعريف ببداية معالم وهوية البلاد الاقتصادية والحضارية، وبلادنا بفضل من الله تمتلك مطارات ذات طابع نوعي بفن معماري لا مثيل له وتعد حقيقة تحفة معمارية يشهد لها كل زائر ومقيم، لكن المؤسف له أن أمام وبين هذه الشواهد التي نفتخر بها نلاحظ وقد تغيرت صورة مطاراتنا، وكأنها في أحيان تعد أطلالاً، وفي أحيان أخرى كأنها قصور مشيدة منذ عقود ولت والسبب هنا لا يكمن في عدم توافر أعمال الصيانة والنظافة فتلك مسألة ندرك حسمها سلفاً، فهي تأتي ضمن الأولويات ويشرع بالعمل فيها قبل تشغيل هذه المطارات رسمياً، بل نلاحظ قيام أعمال الصيانة والنظافة تعج بمباني المطارات قبل تشغيلها أيضاً بسنة أو أكثر، حرصاً من المسؤولين على أهمية هذه المرافق الوطنية الحساسة، والقضية المنظورة في الأساس هنا، تكمن فيما يسببه بقاء العمالة (الرجالية) الوافدة مدة طويلة تشبه الاقامة المؤقتة حينما تصل مدة إقامة الوافد على أرض المطار يوماً أو يومين بسبب عدم استلامه من قبل صاحب العمل، أو من قدم للزيارة إليه ويلاحظ ذلك على سبيل المثال في مطار الملك خالد الدولي، فيشاهد أعداد كبيرة تمكث بين ردهات وأروقة المطار، إما لساعات طوال أو يوم أو يومين، والقضية الثانية، أن هناك بعض المواطنين والمقيمين، ومن خلال مركباتهم الخاصة يباشرون استقبال بعض الوافدين، خصوصاً من يتأخر من أصحاب العمل عن استلام عمالته، ومن هنا تنشأ قضية آخرى وهي عندما يقل ذلك المخالف من أصحاب المركبات الخاصة هذا الوافد التائه، تمهيداً لإيصاله لصاحب العمل الذي قدم للعمل لديه، وقد لا يجده أحياناً في مقره فيضطر لترك العامل أمام مقر صاحب العمل، ويعود مرة أخرى مواصلاً نشاطه، وجواز سفر ذلك الوافد معه بحجة أنه لم يستلم أجر نقل ذلك الوافد، وأحياناً يحدث بقاء جواز السفر لديه لمدة طويلة قد لا يتمكن هذا الوافد من الحصول على إقامة نظامية، ويعد بعد ذلك شخصا مخالفاً لنظام الاقامة والشواهد والقضايا حول هذا الأمر، عديدة ومتنوعة سواء ما تسببه من تشويه لمطارات البلاد، أو من خلال ما ينتج من ذلك من قضايا أمنية وعمالية لا حصر لها، وإنني أرى أن الحل الجذري لهذه القضية الظاهرة أن يتم تكوين شركة أو مؤسسة تختص في استقبال وإقامة وتقديم الاعاشة لهذا النوع من الوافدين في منطقة قريبة من حرم أي مطار من المطارات الرئيسية الثلاثة، في كل من الرياض - جدة - الدمام، وأن يتحمل أصحاب العمل مصاريف الإعاشة والإقامة لعمالتهم، من خلال تنظيم وضوابط تقنن آلية تلك الإقامة داخل مباني هذه الشركة أو المؤسسة المقترحة، فمن هذا المنطلق سوف نكسب فوائد عديدة (أمنية واقتصادية) وإن مثل هذه الظواهر لا يمكن التباطؤ في معالجتها لتبقى مطاراتنا كما عهدناها، رمزاً لحضارة مشهود لها بالرقي والتقدم.
(*) الباحث في شؤون الموارد البشرية
|