* الرياض - عبدالرحمن اليوسف:
تحدثت الصحف والمجلات عن قضية تزوير الأعمال الفنية الغنائية حديثا طويلا وطرحت المشكلة باسهاب وأبدت رؤاها في ذلك.
ولكن ومع كثرة الحديث في هذا الموضوع إلا أننا لا نزال نشاهد الكثير من الألبومات المزورة، تباع بأسعار أقل من النسخ الأصلية، ولكن ماذا عن المحلات التي تستغل وضعها الجغرافي البعيد عن السوق ومنافساته وتبيع هذه الألبومات المزورة بثمن الأصلية.
هناك الكثيرون ممن يحقرون من شأن هذه المسألة ولا يرون لها أي تأثير على السوق «فالكل ماشي» على حد تعبيرهم و«خلهم يترزقون الله»، ولكن المشكلة أو القضية تفوق في الحقيقة كل توقعات هؤلاء وتتعدى بتأثيرها حدود المعقول، فمثلا إذا نظرنا إلى وضع الشركات والفنانين الذين طالتهم يد السرقة الفكرية والتعدي وجدنا انهم معرضون الى خسائر مادية كبيرة نتيجة الرواج الهائل للألبومات المقلدة والتي في الغالب تحمل نفس صورة الفنان ونفس شعار الشركة المسروقة ولكن بجودة أقل وبطباعة سيئة جداً ويمكن لأي شخص ملاحظة ذلك. كما أن الحقوق الأدبية والفكرية للشعراء والملحنين وللشركة معرضة للضياع لأن من بين النسخ المقلدة ما لا يشير الى الشعراء والملحنين والشركة المنتجة وهذه الأشياء من حق أي فرد التمتع بها بحكم انه صاحب الفكرة ومن حقه ان يشار اليه بذلك وأن يتمتع بحقه الفكري وهذا لا مجال لنفيه أو التقليل منه، وكما يقال هو ملك فكري لا بد أن ينسب لصاحبه كما لا بد أن يحمى من تعدي الآخرين مثله مثل العقارات والسيارات والأموال وغيرها وأي تعد عليه يعتبر سرقة فكرية يعاقب عليها القانون الاعلامي والثقافي - إن صح التعبير.
وإلى جانب الخسارة المادية وضياع الحقوق نجد خسارة الجهد الذي يبذله كل من الفنان والشركة المنتجة في تنسيق العمل وبنائه وإخراجه بصورة أو رؤية معينة تعبر عما في داخل الفنان من رؤى وأفكار، فكل الفنانين يحرصون على تنسيق الأعمال وملاءمتها لبعضها ويتعبون على ذلك كثيراً، فمثلا ألبوم الفنان محمد عبده «مجموعة إنسان» ألبوم منسق جميع اعماله ملائمة لبعضها ومنسجمة ومتجانسة ولو أخذنا أغنية «مجموعة إنسان» ووضعناها مع أغنية «مضاوي» مثلا لضحكنا ملء شدقينا على هذا التنسيق أو «التخريب» هذا العنصر غائب في النسخ المقلدة فهي تحاول جمع الأغاني التي يرون أنها مطلوبة ثم يضعونها في ألبوم واحد يجعلك في نهاية الأمر متنرفزا منه وبدل أن تحب هذه الأغنية وتلك تجد أنك بقدرة قادر تكره كل ما في هذا الالبوم المقلد من أغان لدرجة تطول معها الفنان.
هذا ما يمكن أن يقال عن تأثير التزوير على الفنانين والشركات المنتجة أما التأثير على المستمع فيمكن أن يكون عن طريق أحد الأمور:
أولاً: التأثير المادي فربما يعتقد المستمع انه سيحصل على عمل جيد ونقي ومنسق ولكنه يجد عكس ذلك تماما عمل رديء في نسخه وتسجيله وغير منسق يختلط فيه الحابل بالنابل السريع والبطيء، ولا يلبث المستمع إلا ويصاب بالملل من ذلك الألبوم الذي يشق بعد ذلك طريقه عبر نافذة السيارة الى أحد الشوارع المليئة بالسيارات.
ثانياً: قد يتغير حكم المستمع على الألبوم الفلاني للفنان الفلاني نتيجة الأسباب التي ذكرناها وهي رداءة التسجيل والعشوائية في الجمع أو عدم التنسيق وهذا الشيء قد يحرم المستمع من جودة العمل الاصلي وأصالة الفنان.
ثالثاً: المستمع عرضة لأن يفوته الكثير من الطرح الفكري في الألبوم نتيجة التقطيع الذي يصيب هذه الأعمال المقلدة سواء الكاسيت أو السي دي. كل هذه الأمور قد تحدث للمستمع وهو إما جاهل وذلك عن طريق الغش - وهو السائد - فالالبومات تباع على أنها أصلية وهي في الحقيقة مقلدة ومزورة، وإما عارف بالشيء - وهو الأقل - وهذا المستمع ينقسم الى عارف مكره، وعارف باختياره، فالمكره نجده في الاماكن البعيدة عن مدينة الرياض أوجدة أو الدمام ولو بعداً قليلا وهؤلاء يستغلهم بعض ضعاف النفوس من أصحاب محلات الكاسيت في الطرق السريعة والقرى مستغلين وضعهم الجغرافي البعيد عن الرقابة والمراقبين. أما العارف باختياره فنجده في المدن الرئيسة يبحث عن النسخ المقلدة في بعض المحلات التي تبيعها بسعر أقل قليلا من النسخ الأصلية وهؤلاء المستعمون قلة قليلة جداً.
والمطلوب من وزارة الاعلام هو تشديد الرقابة على المحلات جميعها فسوق الكاسيت كبير ويجد اقبالا من جميع فئات المجتمع وتجب حماية هذا السوق من عبث العابثين فالقانون موجود وبنوده واضحة ولو ان لكل مراقب جزءاً ولو يسيرا من الغرامة التي تؤخذ على أي مخالف أو متعد على حقوق فكرية، لكنا وجدنا ولمسنا التحسن في السوق فالمراقبون يعرفون جيداً حالات الغش والتزوير التي تحدث فهم يدخلون السوق مرتين مرة للمراقبة ومرة للشراء إضافة الى علاقاتهم بموظفي شركات الانتاج الذين يدلونهم على أي حالة غش أو تزوير في السوق.
كما تجب ملاحقة من يقفون وراء التزوير هذا وهم في اغلبهم من العمالة الوافدة الذين يريدون نهب خيرات هذا الوطن والعبث بأمنه الفكري المتطور. كما لا يمنع لو أصدرت وزارة الاعلام بعض النشرات التوعوية لوضعها في كل محل ويكتب فيها عبارة ارشادية للمواطنين ورقما خاصا لمن يريد التبليغ عن أي حالة غش وتزوير.
فالملكية الفكرية حق من الحقوق ولا يجوز إغفالها كما أنها مظهر من مظاهر المجتمع الانساني المتحضر. والمجتمع المتقدم يحرص حرصا شديدا على اعطاء الآخرين حقوقهم بل عدم التعدي عليها كما تفرض الدول المتقدمة غرامات مالية كبيرة على من تسوِّل له نفسه التعدي على الملكية الفكرية لأحد كان............ من يحمي هؤلاء.
|