تشدني لهفةٌ وعشق مستمر لكل إصداراتك اليومية.. فالتميز عرفت به تميزٌ مبدع التحرير، والنص الأدبي الذي هو صراطك المستقيم لأنه يعبر عن تجربة راقية ويحمل في طيه خبرة تاريخية إعلامية.
وكما اعتادت عيني على قراءة ما تحويه صفحاتك قرأت في مجلة الجزيرة العدد - 45 - زاوية الافتتاحية ليوم الثلاثاء 7 جمادى الآخرة 1424هـ تحت عنوان مستقبل الصحافة الورقية بقلم سعادة التحرير الاستاذ خالد المالك.. وعليه استبيحه العذر في هذه المداخلة والتعقيب مع قناعتي الأكيدة ان العين لا تعلو على الحاجب - لكنه رأي قارئ.
فنعم نحن في زحمة عصر المعلوماتية الكبيرة ممثلة بالصحافة الالكترونية ومواقع الانترنت أو الشبكة العنكبوتية.. لكن عندما نحاول الاقتراب من لفظ - القراءة - نجد أنها عملية ذهنية معقدة من الناحية السيكولوجية - ونتساءل لم نقرأ الصحافة الورقية؟ فالإجابات ربما تكون كثيرة.. فقد نقرأ تلك الصحافة لأن فيها تحقيقا لرغباتنا في شغل وقت الفراغ.. وقد نقرؤها لأن في القراءة فرصة تتيح لنا امكانية التحليق في آفاق الخيال.. وقد نقرؤها لأن في القراءة تنمية جادة لمعارفنا وثقافتنا.. فالمرء عليه ان يبحث عن المعرفة لأن المعرفة لا تبحث عن أحد.. وربما نقرأ أيضا لأن الصحافة الورقية تجاوز للحدود المكانية والزمانية.. وأخيراً نقرؤها لأن في قراءتنا صداقة ذهنية أو فكرية تربط بيننا وبين كاتب مبدع.
ولهذا كانت الصحافة الورقية ذات تنوع ما بين موضوع جاد وآخر مسل تنوع يعين على سرعة التذوق ولا يدعو للملل.. ولأن طبيعة العصر والظروف التي يعيش فيها إنسان اليوم لا تدع للكثيرين وقت الفراغ للقراءة المنظمة في الكتب والمؤلفات المطولة ذات الموضوعات التي تتطلب مجهوداً عقلياً كبيراً.. إذاً لا بد من الاعتراف بأن هناك إعلاماً مقروءاً ورقياً متنوعاً وعديد الانتشار يشبع رغبة القارئ دون تعقد ومادته ذات أهمية للجانبين العلمي والأدبي.
ولئن قال بعض الناس :إن عصر الصحافة الورقية قد انتهى فإن هذا الرأي خطأ من أساسه لأن في تقديري، وكما قال الاستاذ خالد - لكن ما أعتقده ان جيلنا على الأقل - سوف يقاوم وبقوة من أجل استمرار ما اعتاد عليه - وقد صدق لأنه أقرب الناس للإعلام الورقي بل ومن خلال عمله وتجربته العملية فالصحافة الورقية لم تنته وعصر القراءة لها لن ينتهي مهما كانت المنافسة شديدة بين القراءة والسماع والمشاهدة، وكما يؤكد في نهاية زاويته - لعل للقارئ عذراً في ذلك وأنتم تلومون - نعم سيظل للصحافة الورقية طعمها المتميز ومذاقها الخاص بوصفها متعة من أعظم متع الحياة لأن القراءة فيها سياحة عبر الكلمات والرؤى في عالم الفكر باعتبارها ضرورة من ضروريات عصرنا الراهن وليست ترفا لأن قارئها إنما يهضم ما يطالعه كما قال (ج. أو بريان - وهو أحد خبراء فن القراءة مشبها قراء الصحف الورقية بقطعة الاسفنج الجافة التي تمتص دائما ما حولها من ماء..
وأختم تعقيبي بما قاله الشاعر العربي:
نعم الأنيس إذا خلوت كتاب
تلهو به إن خانك الأحباب
لا مفشيا سراً إذا استودعته
وتنال منه حكمة وصواب
|
صالح عبدالعزيز البدر/الأحساء
تلك المشاعر الصادقة
|