منذ أسابيع قلائل رحل الشاب أديب ذو الست عشرة سنة، رحل بعدما قاده قدره إلى اللعب بالدراجة النارية وسط جموع من العربات المسرعة.. فارتطمت به إحداهن.!
رحل أديب وهو لم يكمل بعد اختبارات الفصل النهائي، رحل وتحجرت الدموع في مآقي أخيه وأصدقائه وجموع من الناس.!
رحل أديب قبل أن يعلم نتيجة اختباراته.. وقاده اللعب بالدراجة النارية لعمل حركات بهلوانية وبسرعة جنونية.. إلا أن الموت كان أسرع إليه..!
لقد أوردت هذه القصة الواقعية، ليعلم الآباء الجناية التي يرتكبونها في حق أبنائهم.!
وأتوقف عند هذه المقدمة المؤلمة وأطرح سؤالاً مهماً..
من المسؤول عما يحدث لشبابنا من إهمال وتسيب؟!
أهي الأسرة.. والتسيب.. أم الاثنان معا؟!
ولماذا نبكيهم بحرقة بعد أن هيأنا لهم الوسائل التي تودي بحياتهم؟!
مثل هذا الفتى الذي ذهب ضحية، مؤكد أن الأسرة هي التي هيأت سبل ذلك، لأنها ابتعدت عن تربية أبنائها ونسيت دورها في التربية، فاعتاد الأبناء اللهو واللعب في الطرقات العامة، بدون أن يكون هناك رقيب.!
وما زلنا نسمع ونرى آلاف الضحايا من الشباب وهم عدة المستقبل ومنارته الذين تركوا بلا توجيه أو تربية صحيحة وذهبوا ضحية الإهمال وتلبية رغباتهم على حساب أرواحهم التي تزهق كل يوم.!
أما الأمر الثاني كثرة هذه الدراجات النارية، التي أخذت تزداد بطريقة ملفتة للنظر، وهي تسمى (دراجات الموت)! فعلى من نلقي باللوم ومن يحضرها ويروجها من أجل الربح والكسب، وهي تسقط آلافاً من الضحايا من الشباب وأنا أعلم أن المرور يمنع استعمال هذه الدراجات النارية ومع ذلك نراها تعج بها الشوارع..!
ونرى الصور التي تتكرر كل يوم والشباب يجوبون الطرقات العامة بلا إذن أو ترخيص ويعكسون اتجاه السير بسرعة جنونية تفوق الوصف.!
ثم أين دور المرور والذين تركوا لهؤلاء ممارسة هذا العبث في الطرقات العامة؟
وإذا عدنا إلى سجلات الحوادث، نجد أننا نسجل أرقاماً خيالية في الشهر.!
خاصة إذا ما قيست على مدينة جدة.. فنسبة الوفيات تصل إلى 50% من جراء الحوادث التي لا تعد ولا تحصى.!
وبعد:
ماذا يمكننا أداؤه، ونحن نرى أمام أعيننا شباباً في عمر الزهور يذهبون كل يوم نتيجة إهمال البيت، كما أن الفراغ القاتل الذي يجعلهم ينفسون تلك الطاقات المهدرة نحو موت محقق.!
والصور تتكرر كل يوم.. وكل لحظة في حياتنا.!
فمتى تدرك الأسرة دورها ومسؤوليتها التي ستسأل عنها أمام الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء الذين يذهبون ضحية التسيب وإهمال التربية الصحيحة، وما هو دور رجال المرور حيال (الدراجات النارية)، التي يملكها الكثيرون، وعدم السماح لهم بقيادتها حتى لو كانت مرخصة.!
غير أن التهاون في مثل هذه الأمور يجعل المشكلة تتفاقم أكثر!
فيا ليتنا ندرك عواقب ذلك ونمنع استخدام وسائل الموت العاجل، منعاً باتاً ونمنع استيرادها.!
مرفأ:
متى نوقف نزيف الدماء المضرجة فوق الأرصفة.. ففي كل حي روح من شبابنا تزهق من جراء الحوادث.. فهل نعيد النظر في تربية ما ننجب، أداءً لرسالتنا الحقة في الحياة..!؟.
|