Sunday 17th august,2003 11280العدد الأحد 19 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

قناعات قناعات
سليم صالح الحريّص

ترك الأولون من الآباء والاجداد أمثلة عديدة في شتى مناحي الحياة ومواطنها ولم يتركوا شاردة أو واردة إلا وأتوا بمثل يختصرون به القصة أو الحكاية ويغنيهم عن السرد الممل. ولهذا نجد في موروثنا الكثير من الأمثلة هي حكم.. خلقتها تجربتهم في الحياة ونطقتها ألسنتهم وتداولوها وتركوا للأجيال ان يتناقلوها ليدللوا بها على كثير من القصص والحوادث.
.. حين قالوا ان (لا دخان من غير نار) فهو بالتأكيد لن يكون هناك دخان طالما لم توقد النار ولم تغذ بالحطب.
.. وحين يكون التقدير لشخص ما فلابد ان يكون لهذا التقدير مايبرره ونبع يعزز تدفق هذا التقدير بين مصلحة مشتركة تغذية أو مصلحة أحادية النفع أو هو احترام لمجرد الاحترام وهذا الصنف وفي هذا اليوم نادر الوجود.
.. حين يتغير الرأي في أمر ما .. ربما يكون هذا ثمرة انقلاب في الفهم انتفاء المصلحة فهم لشخصية طرف من الاطراف أو اكتشاف ما كان مخفيا.. لابد إذا لهذا التغير من ان يكون له اسبابه ودوافعه وايضا حين تترسخ الفكرة والصورة عن شخص ما فهي أيضا لها مايبررها.. يغذيها إذن لاتغيرات تطرأ في ظل بقاء القناعات كما هي وكما ولدت ولن يكون هناك تغير جوهري طالما بقيت المسببات وبقيت جمرتها تتقد تحت الرماد.
- تظل الأمور مرتبطة بأشياء قد تحركها.. قد تغيرها وقد تبقيها ساكنة إلى حين.
- في أحيان كثيرة نربط علاقاتنا بالآخرين من خلال رؤية ننسج خيوطها نحن ونضع لها الكثير من الأطر.. نرسم لها صورة قد تكون سلبية ومن الممكن ان تكون عكسها أو بين البين لكن هذه الصورة تخلق مواقف وتبنى حواجز أو تزيل حواجز.
لكن مايترسخ في الذهن هو بالتأكيد مايثبت تلك القناعات في ذهنيتنا قد تتغير إلى الأحسن وربما إلى الأسوأ هكذا هي الصورة.
فإن أردت تغيير قناعاتي فلابد من اقتلاع مسببات هذه القناعات من جذورها كي تتمكن من إقناعي بأن كل صور الماضي قد تغيرت واستبدلت بأخرى وبألوان أكثر نقاء وان التوجهات التي عشنا فصولها.. عهدناها لم تعد ليس لها اثر... لم يترك لها بقايا.. ان تحاول اقناعي كي تغير من مفاهيمي لمجرد اعتقادك بأنك تستطيع ايهامي بأن الأحوال والأمور قد تبدلت رغم علمك بأن الأمور لم تتغير... لم يطرأ عليها شيء مما تخيلته أو توهمت بتغيره بل هي اليوم أصبحت أكثر وضوحا عن ذي قبل.. أكثر سطوعاً مما كان قد كانت النيات مغلفة بورق (السلوفان) لتوهمنا برقتها ونعومتها لكنها اليوم بلا تغليف أو تلوين تلامسها على طبيعتها.. حقيقتها.. بالتأكيد لن تتمكن من نيل ما تريده أو الظفر بما ترسم له وتتمناه .. أبدا، إذ لست ممن ينساق وراء الوهم ولن انقاد وراء توجهاتك التي لبستها.. اليوم أنت!! مهما تملك من مقدرة وقدرة ووسائل إقناع ولن تستطيع نقل أقدامي قيد أنملة من مكانها ولن تتمكن من تحريك قناعاتي صوب أي اتجاه تريد أنت لا أريده أنا من الصعب جدا تبديل ملابسي والأصعب من كل هذا ان أتلون مثلما تلون آخرون.. لست من هؤلاء.. هذه أمور غير قابلة لل (عصرنة).
ليس لأنني عصبي.. عنيد.. غير قابل للأخذ والعطاء.. أبدا.. لكن الأمور البين منها والخفي التي تجلت.. منك اليوم وممن هم حولك.. الظاهرة والباطنة.. تجعلني أقف في مكاني.. تحت الشمس وليس في الظل كما تتوقع أو تعتقد.. أنافح.. أدافع عن مبدئي الذي تعرفه أنت قبل غيرك.. وعرفتني به.. عن قناعاتي التي شاركتني بها والتي كنت تناصفني إياها والتي هي ثمرة عقود من عمر.. تعب.. حصيلة تجارب مرة.. ومريرة.
.. لست ممن يتطلعون للضوء.. ولست من أولئك المتسلقين.. الصاعدين على الاكتاف وما أكثرهم.. الباحثين عن الهدوء وسط الضجيج.. الباحثين عن مكان وسط الزحام.. تأكد بأنني لست منهم ولن أكون..
وستجدني دائماً أردد ما قال شاعرنا الحاضر الغائب/ عبدالرزاق الهذيل:


مهما يكون الشعور اللي علي بادي
لازلت أنا الوارد اللي ماطوى حبله
على القراح الزلالي طال ميرادي
واشرب واصدر ضما مدري واش اشرب له
يا من تغاربتي غيابي وهو عادي
يعد الرجل عن مواطن ذلة أهيب له
كله حذر من خبيث أهداف ومعادي
وقلة ثقة في رفيق ماثبت نبله

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved