جزرة الانسحاب الإسرائيلي بصحبة عصا الاحتلال

من بين أطنان ركام الهدم والتدمير التي تلجأ إليها قوات الاحتلال الإسرائيلي لمواجهة الكفاح الفلسطيني الساعي لتحقيق الاستقلال الوطني وانهاء الاحتلال الإسرائيلي البغيض لوطنه، ومن بين عشرات الانتهاكات والتجاوزات الصهيونية تنجح السلطة الوطنية الفلسطينية في انتزاع مكاسب هي في حقيقتها حق شرعي تفرضه المواثيق والاتفاقيات التي التزمت بها سلطات الاحتلال، إلا أن الإسرائيليين كعادتهم لا يقدمون شيئاً إلا بعد أن يحصلوا على أشياء، مطبقين ووفق أساليب الابتزاز الصهيوني وعلى قاعدة «العصا والجزرة»، فمقابل التسليم والموافقة على تنفيذ احدى فقرات خارطة الطريق التي تفرض على قوات الاحتلال الانسحاب من المدن الفلسطينية، أعلن عن قرب انسحاب القوات الإسرائيلية المحتلة من مدينتي أريحا وقلقيلية، والمفترض أن يتم في غضون اليومين القادمين، ومدينتي رام الله وطولكرم بعد أسبوعين من اتمام الانسحاب من قلقيلية، ومقابل هذين الانسحابين المقررين والمفروضين في البنود الواجبة بخريطة الطريق، التي جزأها الاسرائيليون ب«تقسيط الانسحابات من المدن» بهدف ابتزاز حكومة أبو مازن، فالانسحاب من أريحا وقلقيلية وطولكرم ورام الله الذي أسقط منه مدينة الخليل، وضع له ثلاثة شروط هي بمثابة ابتزاز وقح، إذ تطالب سلطات الاحتلال مقابل الانسحاب من المدن الأربع أن تنشئ السلطة الوطنية الفلسطينية جهازاً لتحديد ما وصفتهم بالارهابيين وأن تكافح الشرطة الفلسطينية الإرهاب. وأن تعمل حكومة أبو مازن على عدم وقوع هجمات إرهابية خلال فترة الانسحاب من المدن الأربع.
هذه الشروط التي تفرضها قوات الاحتلال مقابل تنفيذ بنود متفق عليها تعمل هي وباصرار على نسف الجهود التي تقوم بها السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومة أبو مازن لتهيئة السبل والأجواء لتثبيت الأمن واعادة الثقة، إلا أن قوات الاحتلال تخرب كل هذا بسعيها الدؤوب إلى مواصلة الاغتيالات وقتل العناصر القيادية لحركات المقاومة الفلسطينية وهدم المنازل وترويع المواطنين الفلسطينيين، لتصنع حالة من التوتر والمواجهة تجعل من الصعب على أي سلطة أن تنفذ شروطها الابتزازية مما يعرقل أي حل مبرمج لخريطة الطريق.