على الرغم مما قد يطرأ على الوضع في الأردن فإن كلمة لابد أن تقال عن الدور الكبير الذي لعبته تونس في اخماد نار الأزمة التي اكتوى فيها العرب كلهم.
ففي تلك الساعات الرهيبة المظلمة من بداية المذبحة في الاردن انطلق صوت الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة داعيا إلى قمة عربية نعرف كلنا مساعيها وضعت حداً لذلك الاقتتال الاخوي الدامي.
وكان واضحاً، خلال ذلك دور تونس الكبير الذي تكشف باضطلاع السيد باهي الادغم، رئيس وزراء تونس، برئاسة لجنة التوفيق العربية، التي برعايتها تم التوصل إلى اتفاق عمان الأخير.
ونذكر كلنا أن تونس وضعت طويلا من قبل أنظمة المشرق المحاربة بالكلام، داخل قفص الاتهام وشوهت تشويها مريرا، كما كان يجري تشويه كل تحرك مخلص، لكن تبين في ما بعد أن ما دعت إليه تونس بالصراحة المعهودة والجريئة عن رئيسها الحبيب بورقيبة، اضطر عرب أنظمة المشرق المهزومة إلى القبول بأقل كثير مما دعا إليه بورقيبة.
ومنذ وقت طويل قال بورقيبة ان مشكلة فلسطين لا تحل إلا باطلاق شعبها لتحرير أرضه والتزام محيطه القومي المباشر بذلك، على غرار ما فعلت تونس والمغرب وليبيا أثناء معركة الجزائر.
وفي المحنة الأخيرة في الاردن تحركت تونس وتحقق لها عبر اخلاصها وصراحتها أن تضع اتفاقا - يرجى له أن ينفذ - مناسبا جداً للوضع في الأردن. ويقول كثيرون ان التدخل التونسي بهذه القوة المعنوية أكد انها ليست، أبدا، أقل وطنية من كل الآخرين الذين وضعوا ذات يوم، عنقها تحت المقصلة.
وبهذه القوة المعنوية جاء الباهي الادغم يكرس كل وقته في الاردن فينزع سلاح الاخوة من وجه بعضهم البعض ويقيم بينهم سلام الاخوة، وقانون الاخوة.
نقول هذه الكلمة لكيلا تضيع الحقيقة، شأنها دائما، وسط الصخب العربي المعتاد.
فقد كان كل شيء عاقل يضيع في متاهات النفاق والهدير. وكان الارهاب الاعلامي والاذاعي يحطم كل محاولة من هذا القبيل. حتى ان الاحرار انفسهم وصلوا إلى حال وجدوا أنه من المغامرة أن يقولوا كلمة الحق بصوت عال وجريء.
فوراً كانت تنهال فوق رؤوسهم أمواج الغضب والتهم. لكن ومهما كان كلمة الحق يجب أن تقال والحق الآن هو أن تونس لعبت دورها باخلاص وحكمة وشجاعة ووطنية.
«عن الرأي العام»
|