تَجُوزُ بكَ الذُّرا الخيلُ العِرَابُ
ويأْنَسُ حين يُبصرك السَّحابُ
ويمنحك الفضاءُ مَدَاه حتى
يريك نهايةَ البعدِ اقترابُ
وينهلُّ الرَّبيعُ الطَّلْقُ خِصْباً
تنال به سعادتها الشِّعابُ
لك اللغةُ الفصيحةُ يا محبّاً
حديثُكَ عن فؤادك يُسْتَطابُ
سمعتُ لسانَ شعركَ فاستقرَّتْ
به في القلب ألحانٌ عِذَابُ
هنا أبْها، ألستَ ترى بهاءً
تُطَرّز منه للحسن الثِّياب؟
تحدِّث عنه ألْسِنَةُ الرَّوابي
حديثاً لا يكذِّبه الضَّبابُ؟
هنا أبها، ألست ترى القوافي
تسير - بلحنها الصافي - الرِّكابُ؟
أَدِرْ وجه القصيدةِ كي تَراها
وفي أَهدابها حُلُمٌ مُذَابُ
وحدِّثْها حديثَ الحب، إني
أراها لا تعيب ولا تُعَابُ
ولا تجعل زكاتَكَ عن هواها
فراقَكَ حين يكتمل النِّصابُ
هنا أبها، ألستَ ترى يديها
يزيِّنُها من «الحِنَّا» خضابُ
لك الاَبْهَى من الشعر المقفَّى
وللحسناءِ حُبُّكَ والشَّبَابُ
تيقَّن يا حبيبُ، بأنَّ قلبي
وفيٌّ لا يُداخلُه ارتيابُ
أُحبُّ الخيِّرين وأصطفيهم
ولي رأيٌ يعانقه الصَّوابُ
إذا أحبَبْتُ، كان الحبُّ نَهْراً
له في قلبِ من أهوى انسيابُ
تقول لِيَ التجاربُ، وهي أَدْرَى
بما يعنيه في البحر العُبَابُ:
إذا استأمنْتَ في المرعى ذئاباً
فلا تغضبْ إذا سطت الذِّئابُ
تيقَّنْ يا حبيبُ بأن همِّي
يبدِّده الدُّعاءُ المستجابُ
يَظَلُّ لمن أحنُّ لهم حضورٌ
أُسَرُّ به، وإنْ رحلوا وغابوا