Friday 15th august,2003 11278العدد الجمعة 17 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رياض الفكر رياض الفكر
يا أطباء... لا تقولوا ما لا تفعلون!!
سلمان بن محمد العُمري

تعتبر مهنة الطب من أسمى المهن الإنسانية، وأرقى الأعمال التي يعترف كل البشر بفضلها عليهم، فهي المهنة التي تتعامل مع الإنسان نفسه، صحة ومرضاً، عافية وسقماً، لتقدم البلسم - بإذن الله - ولهذا كان الطبيب قديماً يطلق عليه «الحكيم»، ولا تزال هذا اللفظة هي نفسها تدور على ألسنة العديد من الناطقين بلغة الضاد، وكلمة حكيم تأتي من الحكمة، والحكمة ضالة المؤمن بطبيعة الحال، وهي من أروع الصفات التي يمكن أن يتحلى بها إنسان.
وبطبيعة الحال فإن الطبيب ليس فقط طالباً درس نوعاً من العلوم ومن ثم صار يطبقها في مجال ممارسته لمهنته، بل هو إنسان قبل كل شيء، فهو الذي يتعامل مع البشر، وهو الذي عليه أن يفهم طبائع النفوس، وهو الذي عليه أن يراعي المشاعر والأحاسيس، فكلامه له معنى، ولصحته مغزى، ولسلوكه وقع خاص، ولتصرفاته بالغ الأثر، ولكتابته كل الأهمية، وعلى هذا كان الطبيب إنساناً يحسب عليه أي فعل أو قول، في بيته، في عمله، في عيادته، في المجتمع، في أسفاره، والطبيب الناجح هو ما تطابقت أفعاله وأقواله مع صفات الحكمة، فصار سلوكه العفوي ينم عن نفسه، وصارت طبيعته صافية نقية تصدر عنها كل الصفات الحسنة من دون تفكير وبشكل فطري سليم.
ولكن هذه هي صفات النجاح، ورغم أن الطب كمهنة يشتمل على نخبة من أبناء المجتمع، إلا أن هذا لا يمنع أن يكون في هذه المهنة الفاشل والكسول والمهمل وحتى المسيء، ولن أتطرق إلى كل هذه النواحي السلبية وخلفياتها ومسبباتها، ولكنني أكتفي بالتوجه نحو سبب أعتبره أساسياً في هذه النواحي كلها ألا وهو عدم تطابق الفعل مع القول، فكل منا ربما شاهد طبيباً يتحدث عن التدخين وفي ختام حديثه يمد يده إلى جيبه ليستخرج السجائر الفاخرة ويشعلها أمام الجميع بشعور أو دون شعور، بقصد أو من دون قصد ويبدأ النفس وتلويث الجو والبيئة والإنسان، وقبل كل شيء يكون قد نقض العهد بينه وبين جمهوره ومستمعيه وربما محبيه، وأنهى عقد الثقة، وحطم ما قد بنى، وتزعزع كل شيء.
وطبيب آخر يتحدث عن أهمية الرياضة، وهو أبعد ما يكون عنها، وآخر يتحدث عن مضار الكمبيوتر لفترات طويلة وهو يحرص كل الحرص على متابعة كل شيء بالانترنت، وآخر يتحدث عن مخاطر الجوال، ولا يلبث أن يتحدث بالجوال المرة تلو المرة خلال حديثه، والبعض يحرض الناس ضد «الشاورما» وترى أن وجباته الأساسية هي «الشاورما» وملحقاتها، وآخر يتحدث عن مخاطر البدانة ووزنه يتجاوز المائة بمئة أخرى.
إن من الأهمية بمكان الانتباه لهذه الناحية الحساسة لأنها هي المفتاح الذي يكمن فيه سر النجاح الوقتي والدائم لأي إنسان وتحديداً الطبيب.
رسالة صغيرة نهمسها لكي يتفقد كل طبيب بعضاً من سلوكياته ويتضمن مدى التطابق بين القول والفعل.. والله المستعان.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved