Friday 15th august,2003 11278العدد الجمعة 17 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تأملات في كتاب 2-3 تأملات في كتاب 2-3
بقلم د. محمد بن سعد الشويعر

هل لليهود حقّ في فلسطين، حتى يعتبروها وطناً لهم؟ إن إسماعيل الخطيب في كتابه: نحن وفلسطين واليهود، يوضح الجذور التاريخية لسكان فلسطين، فيبيّن أن فلسطين من حيث جغرافيّتها وتاريخها جزء طبيعي من بلاد الشام، التي كانت مقسّمة قديماً إلى قسمين: سوريا وفلسطين.
ويوضح أيضاً أن سكان فلسطين عرب أقحاح، فمنذ سنة (3500) قبل الميلاد، أخذت جماعات ساميّة تنتقل من الجزيرة العربية إلى بلاد الشام، وقد استقرّ الكنعانيّون في فلسطين، والكنعانيون هم عرب في الأصل، كانت هجراتهم من شبه الجزيرة العربية، وهم الذين أسّسوا الحضارة والتنظيم في بلاد الشام: سوريا وفلسطين وتسمى فلسطين في التوراة: كنعان نسبة إليهم. (ص78).
وعن دخول العبرانيين إلى فلسطين، أوضح أن ذلك لم يأت إلاّ بعد موت موسى عليه السلام، بقيادة يوشع بن نون، لكن الآشوريين احتلّوا فلسطين عام 721 ق.م، حيث قضوا على اليهود، وأخذ البابليون إلى العراق حوالي خمسين ألفاً من اليهود الذين ظلوا في الأسر البابلي مدة طويلة.
وخضعت فلسطين بعد ذلك لحكم الفرس، ثم الاسكندر ثم غزاها الرومان في أوائل القرن الميلادي الأول، وفي عصر الرومان لقي اليهود الباقون بها اضطهاداً عنيفاً، وتمكن الحاكم الروماني من القضاء على بقايا نفوذ اليهود عام 135م.. ومع الفتح الإسلامي عام 15ه 636م، عادت فلسطين إلى عروبتها الأصيلة، وظلّت كذلك إلى اليوم رغم تتابع غزوات المستعمرين (نفس الكتاب ص79 ) ولم ينعم اليهود بالأمن إلاّ في ظل الإسلام. ثم مع مرور الغزو الصليبي، فإن اليهود والنصارى، عاشوا في ظل دول الإسلام وقياداته المتتابعة، بأمن وسلام، يزاولون عباداتهم وتحفظ حقوقهم، وتظللهم راية الإسلام وعدالته وإنصافه.
ويوضح المؤلف بداية المشكلة، عندما غرز الغرب، حربة في فلسطين، بوعد «بلفور» وزير خارجية بريطانيا، بجعل فلسطين وطناً تعهّد به لليهود، بعد أن تأذّت أوروبا بأسرها من شرورهم، وأسفروا عن عداوتهم لكل شعوب الأرض، فتخلصّوا منهم، ليكونوا شوكة في نحور المسلمين والعرب فيقول: وقد سعت بريطانيا للعمل على تمكين الصهيونية من تنفيذ مخططاتها.. وللتذكير فإنه في عام 1918م، كان 90% من سكان فلسطين عرباً، يعيشون فيها كما عاش أجدادهم، وأجداد أجدادهم، بينما كان عدد اليهود، لا يزيد عن 50 ألفاً، معظمهم من العرب الذين يدينون بالديانة اليهودية.
وفي الفترة من عام 1918م و1948م، عرفت فلسطين غلياناً واضطرابات، حيث سمحت السَّلطات البريطانية بتدفّق المهاجرين اليهود، الذين عملوا على تكوين عصابات ومنظمات إرهابيّة، كانت هي الأساس في تكوين ما يسمى بدولة «إسرائيل» عام 1948م. (نفس الكتاب ص80).
ثم تحدث عن مكانة المسجد وما حوله في الكتاب، والسنة المطهرة، وأنها مثوى الأنبياء، منذ هاجر أبو الأنبياء إبراهيم إليها، إلى أن أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم إليها، حيث صلى ببيت المقدس، إماماً بأنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، واستعرض الآيات البيّنات في فضل الأقصى وما حوله.. ثم قال: هذه الأرض المباركة، بيت المقدس، وأكنافه: ابتدأ أبوبكر الصديق فتحها، ثم استكمل الفتح في عهد عمر بن الخطاب، ثم فتحت مرّة أخرى على يد صلاح الدين الأيوبيّ، وظل المسلمون خلال تاريخهم، يضحّون من أجل الحفاظ عليها، لتظلّ منارة لدعوة التوحيد كما كانت في عهد الأنبياء والرسل، وشدّ الرحال إليها لزيارة مسجدها والمرابطة فيها، سادات هذه الأمة: صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم التابعون وتوالت عليها الأوقاف الإسلامية: الأراضي والمساكن بجوار حائط البراق كما عمل الملك الأفضل: نور الدين (نفس المصدر ص 85-86) وقد استباح اليهود، كما نهبوا أملاك المواطنين وطردوهم. وتحدث عن المسجد الأقصى الأسير، بعد حديثه عن بناء المسجد الأقصى، الذي كان بعد المسجد الحرام بأربعين سنة، باعتبار صلة آدم عليه السلام بذلك (يراجع من ص 87-104).
ونرى المؤلف يربط ماضي فلسطين، والمسجد الأقصى في تاريخ الإسلام: بالعدل والتسامح، والصلوات والاعتكاف بالمسجد، والبرّ والإحسان، بما آل إليه، بعدما دنّسه اليهود بآثامهم ومعاصيهم، وظلمهم وغطرستهم فيقول: ها هم اليهود يعيثون فيه فساداً، وها هم المسلمون في بقاع الدنيا يرون بأعينهم بواسطة التلفاز - ما يقوم به أعداء الله، من سفك الدماء، للشباب والأطفال العزل، ولا يكفيهم القتل، بل يعمدون إلى التّمثيل بجثث القتلى، ويعمدون إلى القتل البطيء، بإطلاق الرّصاص على الأرجل والأيدي، يطبقون بذلك ما يأمردينهم المنحرف به، من قتل المسلمين وأهل فلسطين.
وإذا كان اليهود في فلسطين قد دمّروا أكثر من 1200 مسجد، وحوّلوا أخرى إلى بيع لهم، أو إلى خمّارات ونوادٍ ليلية أو متاحف، فإنهم عمدوا كذلك، إلى تغيير معالم قبور المسلمين، حيث حوّلوها إلى مزارات يهودية كذباً وافتراء، وطردوا السكان من حولها للعمل على توسعتها، كما فعلوا بحيّ المغاربة وغيره من الأوقات الإسلامية.. بل عمدوا إلى طرد سكان القدس نفسها. ومصادرة أملاكهم، ومن عجيب أفعالهم أن المقدسيّ، إذا خرج مسافراً من القدس، فإنه يُمنع من العودة إليها، وهم يعلنون مراراً أن المسجد الأقصى ملك لهم، يخططون لهدمه بواسطة انفجار قويّ يدمّرونه عن آخره، ليبنوا مكانه هيكلهم المزعوم. وعلى هذا الوضع - إذا استمروا فلن يبقى في القدس مسلم واحد ( المصدر 104- 105).
ولا شك أن اليهود عندما يحرِّكون بأموالهم ومخابراتهم، الجهود ضد المملكة، وضدّ قيادتها المتمثلة في مواقف سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وهذا إنذار لكل مسلم.
ولذا إنَّما يهاجم اليهود الإسلام في صفائه ونقائه، لأنّ المملكة، وبمواقف قيادتها الثّابتة، تمثّل خطّ الدفاع الأول المهم عن الإسلام، إنَّها المطبّقة الوحيدة للشريعة الإسلامية: منهجاً وسلوكاً.. والحريصة على حماية جناب التوحيد، ومرنى أفئدة المسلمين، حيث يوجد الحرمان الشريفان في ربوعها، إلى جانب المشاعر المقدسة، ويؤمها كل عام ما بين حاج ومعتمر وزائر لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما يزيد عن خمسة ملايين من العالم بأسره، كلهم جاؤوا للعبادة وللتزود من الخير، ثم يرجعون لبلادهم، ليعلمّوا قومهم وينذروهم مما يقوّي الاسلام في النفوس، وهذا مما يزعج اليهود وأعوانهم، حيث ضاقوا ذرعاً فبدأوا كعادتهم يكيدون ويخططون للفساد والإفساد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد وعد بأن طائفة من أمته باقية على الحق لا يضيرهم مَنْ خذلهم.
(للبحث صلة)
أمانة المشورة:
جاء في الأمثال للميداني: ان حمير تفرّقت على ملكها حسّان، وخالفت أمره، لسوء سيرته فيهم ومالوا إلى أخيه عمرو، وحملوه إلى قتل أخيه حسّان، ورغّبوه في الملك، ووعدوه حسن الطّاعة والمؤازرة، فنهاهم «ذورعين» من بني حمير عن قتل أخيه، وعلم أنه إن قتل أخاه ندم، ونفر عنه النوم، وأنه سيعاقب من اشار إليه لغشّهم له.
فلما رأى «ذُورُعَيْنْ» أنه لا يقبل منه ذلك وخشي العواقب قال:
ألا من يشتري سهراً بنوم سعيدٌ من يبيت قرير عَيْنِ
فأمّا حمير غَدَرَتْ وخانَتْ فمعذرة الإله «لِذِي رُعَيْن»
ثم كتب البيتين في صحيفة، وختم عليها بخاتم عمرو، وقال: هذه وديعة لي عندكَ، إلى أن أطلبها منك. فأخذها عمرو ودفعها إلى خازنه، وأمره برفعها إلى الخزانة، والاحتفاظ بها إلى أن يسأل عنها.
فلما قتل أخاه وجلس مكانه في الملك، مُنِعَ منه النوم، وسُلِّط عليه السَّهر، فلما اشتدّ ذلك عليه، لم يدع باليمن طبيباً ولا كاهناً ولا منجِّماً، ولا عرّافاً ولا عائفاً إلاّ جمعهم، ثم أخبرهم بقصّته، وشكا إليهم ما به، فقالوا له: ما قتل رجل أخاه، أو ذا رحم منه، على نحو ما قتلت أخاك، إلاّ أصابه السّهر.
فلما قالوا ذلك. أقبل على مَنْ كان أشار عليه بقتل أخيه وساعده عليه من حمير فقتلهم وأفناهم.
فلما وصل إلى «ذِي رُعَيْن» قال له: أيّها الملك إن لي عندك براءة مما تريد أن تصنع بي، قال: وما براءتك؟
قال: مُرْ خازنك أن يخرج الصحيفة التي استودعتك إياها يوم كذا وكذا..
فأمر خازنه فأخرجها فنظر إلى خاتمه عليها ثم فضّها ، فإذا فيها البيتان.. ثم قال له: أيّها الملك قد نهيتك عن قتل أخيك، وعلمت أنك إنْ فعلت ذلك أصابك الذي أصابك. فكتبت هذين البيتين براءة لي عندك مما عَلِمْتُ أنّك تصنع بمن أشار عليك بقتل أخيك. فقبل منه ذلك، وعفا عنه، وأحسن جائزته، وذهبت مثلاً (1:65).

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved