Thursday 14th august,2003 11277العدد الخميس 16 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

سيكولوجية اللعب سيكولوجية اللعب

يعتبر اللعب طبيعة فطرية في الطفل جعلها الله غريزة في نفسه تساعده في تنمية وبناء الجسد والعقل بشكل طبيعي، فقد يكون اللعب عند الكبار وسيلة لملء وقت الفراغ أو التسلية ولكنه بالنسبة للطفل عمل هام جداً وضروري له على كافة المستويات العقلية والنفسية والجسدية والاجتماعية والأخلاقية فاللعب هو حياة الأطفال حتى في أشد المرض نجد الطفل في أقصى طاقات اللعب والانغماس فيه ناسياً آلام المرض سابحاً في عالم اللعب الخاص به، ومن هنا فاللعب إحدى الحاجات الأساسية للنمو الطبيعي لدى الطفل فهو نشاط حيوي يساعد الطفل على النمو الطبيعي وليس مضيعة للوقت كما يعتقد الآباء وخصوصاً في مرحلة ما قبل المدرسة لأن هذا اللعب هو اللبنة الأساسية في العملية التعليمية والتربوية في باقي مراحل حياته المستقبلية، إن اللعب يبدأ عند الطفل عندما تتفتح عيناه على الدنيا فهو يلاعب نفسه ويناغيها ويسعد حينما يلعب معه الأهل حتى وهو لا يزال رضيعاً، أليس هذا ما يدل على أهمية اللعب؟
أهمية وفوائد اللعب:
1- الفوائد الجسدية: حيث إن اللعب ضروري لنمو العضلات وتنشيط الدورة الدموية.
2- الفوائد التربوية والابداعية: حيث إن اللعب يفتح الباب أمام الطفل للتعلم من خلال أدوات اللعب المختلفة التي تؤدي لمعرفة الطفل للأشكال المختلفة والألوان والأحجام والملابس والحصول على المعلومات المفيدة والمتنوعة من خلال اللعب كما تفجر في الطفل طاقات الابتكار والابداع وتجريب الأفكار والاختراعات أحياناً والتي تنمي الذكاء والقيم المهارية والفكرية لدى الطفل.
3- الفوائد الاجتماعية والأخلاقية: فاللعب يعلم الطفل كيفية بناء علاقات اجتماعية مع الآخرين وتكوين صداقات ناجحة من خلال التعامل الذكي والمثمر مع الآخرين وغرس القيم الاجتماعية الايجابية كالتعاون والانتماء والانخراط والتفاني من أجل الجماعة، كما أن اللعب يسمو بالقيم والمفاهيم الأخلاقية لدى الطفل مثل الصدق والأمانة والحب والتسامح والتحلي بالروح الرياضية وضبط النفس والذوق والعدل من خلال مفهوم الخطأ والصواب والفوز والهزيمة والأخذ والعطاء أثناء اللعب.
4- الفوائد الذاتية: حيث إن اللعب يجعل الطفل يكتشف ذاته ويتعرف على قدراته ومواهبه ومهاراته من خلال تعامله مع زملائه وأقرانه ويجعل الطفل يحدد ذاته وهويته ويتعلم كيف يواجه مشاكله ويتغلب عليها ويعمل على حلها من خلال غرس روح المثابرة والاصرار والصبر.
5- الفوائد النفسية : قد كان يعتقد أن اللعب يجعل الطفل هادئاً أثناء النوم نتيجة لامتصاص طاقته الجسدية أثناء اللعب مما يجعله ينام نوماً هادئاً ولكن الأمر أكبر من ذلك فاللعب يحفظ الطفل من المعاناة النفسية حيث يزيل ما بداخله من توتر وخوف وخجل وانطواء ويدخل على نفسه المرح والسرور ويجعله يتخلص من الكبت والقيود والأوامر والنواهي المفروضة عليه داخل المنزل وهذا التنفيث من الكبت يحمي الطفل من المعاناة النفسية وبالتالي فاللعب أحد أهم عوامل الاستقرار النفسي لدى الأطفال.
نصائح للآباء..
المسموح والممنوع في اللعب:
1- يسمح له باللعب مع اخوانه وأقاربه وجيرانه وزملائه في المدرسة أو النادي ممن يتصفون بالأخلاق الحميدة الطيبة وممن في مثل سنه تقريباً ولا يسمح له باللعب مع من لا يعرفهم جيداً أو الأكبر منه أو الأطفال العدوانيين أو سيئي الأخلاق، كما لا يسمح له باللعب مع الكبار وخصوصاً الأبوين أو المدرسين أو المدربين في النوادي وهذا ما يشجع الطفل على الطاعة والالتزام وتنفيذ التوجيهات مع اكتسابه الثقة بالنفس.
2- يسمح له بالالعاب البسيطة التي لاتؤذي الطفل ولايشترط أن تكون من الأنواع الغالية أو بممارسة الألعاب الرياضية كالسباحة وألعاب القوى والكرة وألعاب الدفاع عن النفس مثل الكراتيه والمصارعة مثلاً وكذلك الألعاب الترفيهية كمسابقات السرعة والقوة والألعاب الذهنية والتعليمية مثل الفوازير ولعبة السلم والثعبان وترتيب المكعبات وتلوين الرسوم وخلافه ويفضل اللعب الجماعي أو التنافس فيما بينهم لكن يجب منع الطفل من الألعاب التي لا تفيده بدنياً أو ذهنياً والتي قد تؤذيه مثل اللعب بالبلي أو زجاجات المياه الغازية أو اللعب بالطين أو اللعب العنيف المؤذي للحيوانات والطيور وكذلك أيضاً العاب الفيديو جيم والأتاري من حيث إنها نوع من القمار ولا تفيد النمو العقلي السليم وتؤثر على الطفل نفسياً من خلال الألعاب العنيفة مثل المطاردات والقتل والتي قد تجعله طفلاً عدوانياً.
3- يسمح للأطفال باللعب في الأماكن الآمنة وباشراف الأهل أو ممن نثق في متابعتهم للأطفال ويسمح لهم باللعب بحرية وتحمل ما يحدثونه من ضوضاء لكن دون إزعاج للآخرين ومحاولة الإقلال منها قدر الامكان، يجب على الآباء الامتناع عن تعنيف الطفل وعقابه إذا اتسخت ملابسه أو إضفاء الحماية الزائدة من خلال احكام فرض القواعد والسيطرة على تصرفاتهم أثناء اللعب وتقييد حرية الطفل ومنعهم من الحركة والتنطيط والجري لأن هذه الأمور مطلوبة في لعب الأطفال حتى تكون الفائدة منه أفضل وحتى لا نصيبهم بالإحباط والضيق والكبت.
4- السماح للأطفال باللعب في أوقات مخصصة لذلك حتى في فترات الدراسة لأن اللعب يجدد النشاط البدني والذهني للطفل ويجعله يتخلص من الملل ويقبل على الدراسة بصدر رحب وذهن متفتح ولا يجب حرمان الطفل من اللعب في فترات الدراسة وإجباره على المذاكرة المتواصلة وفرض القيود عليه، وحرمانه من متعة اللعب يجعله يمل ويسأم من المذاكرة ويصاب بقلة التركيز وضعف الذكاء والكبت والإحباط والسلوك العدواني والتأخر الدراسي رغم إرغامه على المذاكرة المتواصلة التي لا تعود بفائدة مثمرة ولهذا يجب تخصيص أوقات محددة كل يوم ساعة أو اثنتين على الأقل للعب الحر أو الجماعي ومرة أسبوعياً على الأقل حتى يبدأ الأسبوع الدراسي بأداء جيد بعد هذا التنشيط الدوري الأسبوعي.
خلاصة القول هو أن اللعب حياة الأطفال وأمانيهم ومتعتهم الجميلة.. فدع طفلك يلعب ويمرح ولاتحرمه من ممارسة حقه في اللعب المفيد حتى لايبدأ حياته طفلاً مكبوتاً محروماً معقداً يعاني مرارة الاضطراب النفسي فيما بعد وبدلاً من أن يكون لسان حاله ليت الشباب يعود يوماً «يصبح» ليت الطفولة تعود يوماً ليستمتع بالبراءة والفطرة واللعب المباح.. ليتهم يعيشون طفولتهم الحقيقية من البداية ولأجل مستقبل سعيد.

د عزت عبد العظيم *
* استشاري الأمراض النفسية بمستشفى الحمادي بالرياض/أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved