Thursday 14th august,2003 11277العدد الخميس 16 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

عندما يتكلم القلم عندما يتكلم القلم
د.محمد بن عبدالعزيز الثويني/ بريدة عضو هيئة التدريس في كلية المعلمين بالرس

القلم ذو أهمية وشأن في سالف وحاضر وقادم الأمان، ومع ذا فهو أداة هينة لينة بيد الممسك به، لذا كان الثناء والعتاب للكاتب وعليه إن كتب فأحسن أو كتب فأساء. ولو كان الأمر يرجع للقلم لقال عن بعض ما به كتب أنا أترفع عن هذا المقال، ولو حذف منه أو أضيف لكان أكمل للحال، ولهذا فليست الجودة في الأداة حيث المكتوب هو محل التقويم والتقدير أو خلاف ذلك، وأنا هنا لست أبين أهمية القلم فهذه قد لا تختلف عليها حتى الغنم لو كان لها عقل بعض أشباه الغنم، ولكني أذكر بوظيفة أخرى للقلم مهمة ووصفة طبية عملية وسأورد هذه الوظيفة من خلال هذه الحكاية التي صيغت لتجسد واقع معاش.
جاء أخ يحمل الأسى في عينيه والبكاء في مقلتيه قد أغلق الدمع بحاجبيه، ولولا كبر المقام مع تمام الأجسام لأرخى العبرات ولسكب الدمعات ولنادى بالويل والحسرات على مجتمعه الذي فقد كل أنواع الرحمة ولم يجد إلا أكل اللحمة من نوع الغنم أو الإنسان حياً أو ميتاً. فسأل صديقه الخاص وصاحب سره الذي في قلبه فقال ما بال الحال ليست على ما يرام وعهدي بك قوي الشأن لكني لم أكن عن علم بحالتك المبكية فهل الأمر خطير أم جاء من العدو نذير ونحن لسنا على استعداد وحرص على النفير؟ فقال لا لكن الطفل اليتيم فلان كسر قلبي وقد كبر وأصبح في نظر الناس لا قيمة له ولا قدر، فلا بد من إشغال البال وهجر العيال حتى تسعد بهذا اليتيم الحال وأجمع له المال وأواسيه بكل حال، فقال له صديقه أنا معك إن المجتمع الا القليل البقاء فيه للأقوى والذلة والصغار لمن لا يقوى ولكني لست معك في العلاج فأنت كمن يهدم مصراً ويعمر قصراً، وهل أنت أرحم من الرحمن، وعملك هذا نياح ولا يحمل إلا شبه النباح، ولكن أين أنت والحلول العملية لترفع من شأن صاحبك وغيره عند البقية، رغبة بالعلم وتحصيله أو التجارة وأنواعها، أبحث له عن طرق جادة وحياة ترفعه حتى عنك ونياحك وقبل هذا تعال أدلك على طريق يخفف من حزنك وينظم لك فكرك اكتب أفكارك بقلم في قرطاس ثم كرر الكتابة واطل فيها ستجد في نهايتها أنك قد هدأت وأحسنت الفكرة وقدرت، وأنتجت رأياً عملياً لا بكائياً، وهكذا كل ما كان في خاطرك شيء تود أن تقوله ولكن في فيك ماء، فاكتب ما تريد ثم مزق بعد الكتابة فقد لا تصلح للقراءة من غيرك، وكلما أحسست أن فكرتك غير واقعية فسجلها ثم راجعها فستكتب ثم تمحو ثم تكتب حتى يستقر الرأي إلى ما يقرب للواقعية والحال. فهل تجرب لترى أن للقلم وظيفة أخرى.. قال: أفعل.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved