تطرقنا في المقال السابق عن أسباب الاعتداءات على الأطفال ونستكمل اليوم، تاريخ تطور هذه الحالة عند المعتدي فقد بينت دراسة نفسية أن بداية تاريخ قيامه بهذه الجريمة يعود إلى عملية اعتداء حدثت له أدت إلى تعود مثل هذا السلوك.. وان آثار الاعتداء لا تقتصر على تلك الأعراض فحسب، وإنما يمكن ان تمتد على مدى تقدم السن، فعندما يصلط الشخص إلى سن ومرحلة الشباب فإنه لا يستطيع ان يقوم بعلاقات سوية مع الآخرين لمعاناته من اضطرابات في الشخصية التي قد تدفعه إلى إدمان المخدرات، ودأبه على أن يتعدى جنسياً على الصغار، فضلاً عن عدم استطاعته إقامة علاقة جنسية سوية عندما يتزوج، وأحياناً يصاب البعض - من الفتيات والشباب الذين تم الاعتداء عليهم في الصغر - بمرض شره الطعام، مع الرغبة في التقيؤ المستمر. وانتهت هذه الدراسات إلى عدة توصيات، من أهمها:
- من الضروري ان تقوم الأسرة بتوعية أبنائها، ولكن دون ترهيبهم أو تخويفهم، ويكون ذلك بشكل غير مباشر، كأن تكون النصيحة بعدم خلع الملابس أمام أحد، أو عدم دخول دورة المياه مع أحد الأصدقاء.
- من الضروري ان تحتوي مناهج الدراسة على نوع من التوجيهات الجنسية المبسطة، وخصوصاً في المرحلة الاعدادية، على ان يدرس تلك المواد اساتذة مشهود لهم بالخلق الرفيع، حتى لايحدث استغلال للأطفال، مع التركيز على أهمية غرس السلوك الديني وآدابه في نفوس النشء.
- من الممكن ان تستعين المحكمة في حالة قضايا الاعتداء على الأطفال بالطبيب النفسي، وليس فقط بالطبيب الشرعي للحصول على تقرير تفصيلي واضح عما حدث للطفل، ولايكتفي فقط بمجرد حدوث الواقعة من عدمها كما يفعل الطب الشرعي.
- نعم إن حالات الاعتداء في تزايد وخاصة في تلك المجتمعات التي يتميز أفرادها بالتفكك والتشرد نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتدنية أو النقيض يحدث في الطبقات المخملية التي تغفل عن أبنائها وتسلمهم أيدي الخدم والمربين الذين قد يجهلون أو يهملون الأمانة المنوطة بهم في التربية أو الرعاية.
- على الرغم من كثرة حوادث الاعتداءات في الدول الغربية وبعض الدول العربية إلا ان هذه الظاهرة انعكست على مجتمعاتنا المحافظة حيث تبين ان هناك مثل هذه الحالات التي غفل عنها المجتمع وإن كانت محدودة والتي ربما تقود في النهاية إلى الجريمة، فهل سيبقى المجتمع مكتوف الأيدي أمام مثل هذه الظواهر الشاذة التي تفشت في المجتمعات الأخرى، وقد - لاسمح الله - تمتد إلى المجتمعات المحافظة كمجتمعنا، أم سيُعلن تحرك قريب للتصدي لها؟ نرجو ذلك.
|