أتت ردة الفعل القوية التي جابه بها الشعب السعودي الكريم المخططات الرامية لزرع بذور الشك في يقينه والتفرقة بينه وبين قادته ورعاته الأوفياء الحكماء مخالفة لتوقعات تلك الفئة الإرهابية الضالة التي حسبت يقيناً أن هذا الشعب سيُهلل لأفعالها ويفرح بقتلها للناس ويُحّدث بمناقبها في المجالس والمنابر ودور العلم والعبادة، لكن خاب فألُ تلك الشرذمة الباغية التي وجدت نفسها معزولة محاصرة حبيسة لغيّها وضلالها بل لفظها الشعب الأبّي كما يلفظ راعي الإبل بعيراً أصابه «الجرب» والداء اللعين حتى لا تنتقل عدوته للبقية المتعافية.
نعم فقد كان والحمد لله مما شهدناه من التفافٍ ورفض للعدوان وزيادةٍ في اليقين وتماسكٍ في الجبهة الداخلية واقترابٍ للرعاة من الرعية وزياراتٍ متبادلة وترحيباتٍ مخلصةٍ من المدن والقرى والهجر التي زارها ولاة الأمر - حفظهم الله - وهذا ما صدم أولئك الذين كانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعاً حيث اعتقدوا أن تفجيراتهم الآثمة في الرياض وترويع الآمنين في الحرمين الشريفين قد تجلب إليهم تعاطفاً ويقابلهم أهل تلك الديار بالورود والزهور والرياحين العطرة بل كانوا يظنون أن الناس سيفرحون بقتلهم الأبرياء بغير حق، لكن الحمد لله الذي شفى صدور قوم مؤمنين وأرانا فيهم اليوم الأسود وقد احترق بناره من احترق وتجندلَ من تجندل ودخل ساحة العدالة من دخل، وجاء الناس زرافات ووحداناً تُجدد بيعتها للحق والعدل وتستنكر الأحداث الإرهابية وترفض وتتبرأ من كل من وقف معها وساندها ونفذها، بل رأينا كيف كان حديث سمو ولي العهد الذي صدر من قلبه النظيف المملوء بالحكمة إلى قلوب زعماء القبائل والعشائر الذين أصغوا إلى كلمات سموه وزينوها ليحشروها في إطار أحلامهم ويفصّلوا منها عباءة أيامهم فقد كان حديث ولي العهد لهم كحلم فتح في لحظة سحرية كل قوارير عطره وسكبها فوق لهاث عمرهم فأقسموا لسموه على شراكة بالدم والروح لا يفصل عراها غير الموت، وشكر سموه زعماء القبائل على هذا الإحساس الوطني النبيل والمشاعر الصادقة مؤكداً بان وقفتهم الوفية ليست غريبة على أبناء المملكة فهم جميعاً أهل عقيدة صافية وأن وفاءهم وإخلاصهم ليس بجديدٍ عليهم فهم يسيرون على ما سار عليه آباؤهم وأجدادهم.
نعم هكذا فاضت قلوب زعماء القبائل وبسطائها بولاءٍ لا ينطفئ مؤكدين لسمو ولي العهد شجبهم واستنكارهم للإرهاب بل والتزامهم للذود عن حياض الدين وحمى الوطن والأرض والعرض بأغلى ما يملكون وهي أرواحهم ودماؤهم في سبيل الدين والوطن والبيعة المعقودة والتواثق المتين مع أسرة آل سعود الحاكمة التي جمع الله بها شملهم ووحّد أقطارهم وألّف بين قلوبهم وطبقت شرع الله فصانت به الحقوق وحفظت به الدماء ووطدت به الأمن وأنارت به السبل فعّم الرخاء وانتشر العلم وزالت بفضل الله أغلال التطرف وأحقاد الجاهلية، وان ننسى فإننا لن ننسى ما نراه دوماً ويراه معنا العالم أجمع من سياسة المفتوح التي يتعامل بها قادة هذه البلاد مع المواطنين واجلاس الضعفاء ومؤانسة المهمومين وحل القضايا الشائكة وفك الضوائق وإصلاح ذات البين وطمأنة المذعورين وقضاء الحوائج.
إن تجديد البيعة وزيارات شيوخ القبائل لسمو ولي العهد وحديثه إليهم وحديثهم إليه تُعد لطمة وصفعة قوية على خدي مروجي الفتنة ودعاة التفرقة وأرباب العقول الفاسدة الذين أضلهم الشيطان والأفكار المنحرفة فأغمدوا خنجرهم في خاصرة الوطن يُخربون مقدراته ومكتسباته بما يعملونه في الخفاء مخالفين لشرع الله وسنة نبيه التي تحث على التسامح والأخلاق وتدعو للفضيلة، فهم يريدون بأعمالهم أن يقتلوا النفس التي حرم الله ويستحلوا دماء المسلمين بغير وجه حق سوى إشباع لفكرهم الضال للإضرار بهذا البلد القوي الشامخ وزعزعة أمنه وإقلاق مواطنيه ومقيميه الآمنين، وأكد سمو الأمير عبد الله بن عبد العزيز بحديثه للامة أن تلك الفئة الباغية خرجت عن العقيدة وعن الأخلاق وعن المواطنة وأنها ستنال عقابها العادل والرادع هي ومن يقف وراءها أو يؤيدها أو يتعاطف معها مهما طال الزمن.
نعم هاهو سمو سيدي ولي العهد يختصر بلقاءاته وتأكيداته آمال الأرض ليُبشر الجميع بمقدرة الدولة - أعّزها الله - على اجتثاث الفتنة من جذورها ومقدرتها على بسط الأمن والهيبة ونشر الرحمة على كافة ربوع الوطن وكسر شوكة تلك الشرذمة الضالة وكّف أياديها الآثمة عن العبث بأمن هذا البلد الآمن ليشرق بيقين الحق من جديد، ومن بعد هذا الذي شهدناه فليهنأ الجميع بشذى دوحة وارفة الظلال من العدالة والطمأنينة والخير العميم.
وإليكَ سيدي ولي العهد أتوجه بكلماتي وأنت واقفٌ فوق حزمة من الغيوم تستعد بكبرياء وعظمة لتشرع الباب للريح والمطر حاملاً الوطن إلى ساحات الصبا كي ينام بين ذراعيك ويحضنه قلبك تخاف عليه من خفقة عصفور أن يوقظه من متعة الأحلام ومن خيط شمس يسرق من غرته المشرقة ومضة، وما حدثتنا به ظلال أصالتكَ وما أطربتنا به جزل كلماتكَ من سعيكَ الميمون لانقاذ الوطن من عذابات الروح ونشر الأمن في ربوعه ليكون كالفردوس يتربع فيه مواطنوك بوافر من الرخاء والعدالة والتسامح، فأي روح تضمها جنباتك الطرية الشفافة وأنت تبدد ظلمات ليلنا بكلماتٍ تنعشنا كنسمات الربيع وتحيينا مثل قطرات الندى، فلكَ سيدي ولي العهد عذب ولائناً محفوراً في ثنايا الضلوع فقد رعيت همومنا وأتيت بحلمنا وألقيته مثل لمحة القضاء بين أيدينا وفي عيوننا وهانحن قد وثقنا بعينيكَ ترفع عنا أستار العذاب فصرت لدينا في موقع الروح.
الرياض - فاكس 014803452
|