الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من اصطفى وبعد، فيقول الله تعالى: {وّلاتكن للخائنين خّصٌيمْا} [النساء: 105] ويقول تعالى: {)وَلا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً) (النساء:107)
ويقول تعالى: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) النساء:109)
إن مما لاشك فيه، ولا ريب يعتريه: ان قضية الإرهاب أصبحت في عصرنا هذا من أهم القضايا التي دوخت الأوساط الدولية، والدول الإسلامية كغيرها نالها نصيب من الإرهاب على تفاوت بينها، ونال بلاد الحرمين من ذلك شيء كثير! فما معنى الإرهاب ياترى، وماهي البواعث والأسباب التي تؤدي إليه، وما حجم الأضرار التي تنتج عن تلكم الممارسات الإرهابية الظالم أهلها.
إن الإرهاب كلمة لها معنى ذو صور متعددة، يجمعها: الإخافة والترويع للآمنين من دون حق، وإزهاق الأنفس البريئة وإتلاف الأموال المعصومة، وهتك الأعراض المصونة، وشق عصا المسلمين وتفريق جماعتهم والخروج على إمامهم وتهييج الشباب ضد بلادهم والزج بهم في مواجهات ومصادمات مع ولاة الأمر والعلماء في صور من الإرهاب الفكري مخزية.
فيعقب ذلك الإرهاب تغيير النعم لتحل محلها الفتن والنقم ويظهر الفساد في الأرض، وما أحداث الجزائر عنا ببعيد، فقد قتل فيها باسم الجهاد والدعوة أكثر من مائة ألف مسلم: نعم إنها والله ثمرة أشرطة التهييج والهمز واللمز والطعن في العلماء والأمراء وهي ثمرة وشاهد على فساد الجماعات الإسلامية الحركية المحدثة، التي أولها أناشيد وتمثيل يسمونه إسلامياً وتهييج، وآخرها تكفير وتفجير، فأفسدوا الدين والدنيا، وخربوا البلاد وروعوا العباد، وكل هذا باسم الجهاد والدعوة إلى تحكيم الشريعة! فليتهم يحكمون الشريعة في أنفسهم فينبذون جماعاتهم وأحزابهم البدعية وفكر الخوارج الضُلال ويعودون إلى الدعوة السلفية المباركة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكفون عن دماء المعصومين من المسلمين وغيرهم ويشتغلون بالعلم والتعليم وتفقيه الأمة والإصلاح بالطرق المشروعة.
وإذا كان الأمر كذلك:
1- فما الاختطاف للبشر في المراكب الجوية وغيرها، وما اغتيال الزعماء والتفجير في منشآت الدول من دون حق إلا صورة من صور الإرهاب المنتنة الفاتنة.
2- وما التخطيط الرهيب للانقلابات وقتل رجال الأمن إلا من الإرهاب الآثم.
3- وما عمل الجماعات المسلحة في بعض الأقطار، التي تصول وتجول باسم الجهاد والدعوة إلى توحيد الحاكمية زعموا، فتقتل هذا، وتأخذ مال هذا، وتروع الأسر والدول، وتنسف المصالح والمنشآت وتغتال رجال الدولة ونواب ولي الأمر ظلماً وعدوانا وتجد من أدعياء العلم الذين سموهم دعاة ومشايخ صحوة ومفكرين إسلاميين، تجد منهم من يؤيد ويبرر ويرجع تلك الجرائم المروعة إلى تقصير الولاة والعلماء، بل قد يصدرون الفتاوى في إباحة دماء الحكام وأتباعهم فلم يسلم من شرهم أحد من الناس في أوطانهم إلا من كان متقيداً بخطط التنظيم الحزبي الحركي. الله أكبر، كم من عالم سلفي عاقل ناصح، قد ناداهم وحذرهم من هذه الطرق المهلكة والمناهج الفاسدة فلم يقبلوا نصحه بل وقعوا في عرضه، وقالوا في حقه: عميل مداهن، لا يفقه الواقع ولايحمل هم الإسلام، ولا يلتف حول الشباب، ولا يتفهم قضايا الأمة، إلى آخر ما ورد في قاموس الجماعات الحركيات في باب: «سب علماء السنة والتوحيد وابعاد الشباب عنهم وربطهم برموز الحركة وقيادتها» ولما أوردوه في باب: تهميش دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب لتحل محلها الدعوات الحزبية الوافدة الحركية إلى بلاد الحرمين، فشيء عجيب، والله لو علمت بما عندهم في هذا الباب لفزعت وذهلت، ولا تعجل فهذه ثمراتهم ومن ثمارهم تعرفونهم: ألا يوجد في شبابنا من يطعن في علمائنا ثم يوقر رموز الجماعات الحركية ويصف قادتها بالشهداء والمنظرين والمصلحين والمجددين والمجاهدين! فإذا ما بَيّنَ له علماؤنا ما عندهم من بدع وشركيات وخرافات صوفية وضلالات وجهالات، قال أنتم تحسدونهم ويملى عليكم بكرة وأصيلا. ألا يوجد من شبابنا من يكفر بلادنا ويتقرب إلى الله بالتفجير فيها؟ فبمن تأثر ومن قدوته في ذلك؟ أهو ابن باز والألباني وابن عثيمين وهيئة كبار العلماء؟ لا.. لا وألف لا، وإنما تأثر أولئك الشباب بكتب من يسمون بالمفكرين «الإسلاميين»، ومن سار على طريقهم (الثورة والتهيج) من الدعاة الحركيين من بني جلدتنا تحت غطاء: سلفية المنهج وعصرية المواجهة وان أردتم برهاناً على سعي أولئك في تهميش دعوتنا السلفية فاختبروا بعض شبابنا، اختبروهم في دعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب والجماعات الوافدة تكفيرية وصوفية وقطبية وسرورية محترفة، وانظروا لمَنَ ولاؤهم ، وعمن يدافعون واسألوا عمن يتلقف شبابنا إذا خرجوا من بلادنا؟ وإلى مراكز من يتجهون؟ وفي مساجد مَنْ يعتكفون؟ وفي معسكرات مَنْ على التكفير والتفجير يتدربون؟ وعلى منهج مَنْ إذا خرجوا للدعوة أياما معدودات يسيرون؟ ولمن على الجهاد لتحرير الحرمين يبايعون زعموا؟ من الذي غرر بشبابنا منذ حرب الخليج ونفرهم من العلماء بعد فتوى ابن باز وابن عثيمين ومن معهما من هيئة كبار العلماء بجواز الاستعانة حتى زعم إفكاً وزوراً إنه لا توجد عندنا مرجعية علمية موثوقة!، إذا كان ابن باز وابن عثيمين وهيئة كبار العلماء غير موثوق بهم فمن الذي يوثق به.. إلى آخر ما جنته أيدي الحزبيين من إفساد لشبابنا، ثم يزعمون ان سبب التفجير هو بُعْدُ العلماء عن الشباب، وان العلماء في أبراج عاجية وأنهم لايسمعون للشباب وأنهم.. الخ، حتى صارت هذه الأحداث والتفجيرات الأخيرة فرصة لأولئك الجهال لتصفية حسابات قديمة مع العلماء! ألا فاعلموا وبلغوا ان السبب هم أولئك الذين أبعدوا ونفروا الشباب من العلماء، وشوهوا صورة مشايخنا في أذهان بعض شبابنا وصرفوهم إلى من لا علم عنده ولا بصيرة من دعاة التهريج والتهييج! فصدروا شيخ الصحوة زعموا والمفكر الجاهل بالكتاب والسنة، بل والمهرج الله أكبر، أهذا جزاء ابن باز وابن عثيمين والألباني وبقية علمائنا، هل جزاؤهم وشكرهم ان يحملوا هذا الجرم الفظيع؟ اللهم إنا نعوذ بك أن نَظلِم أو نُظلم، ونبرأ إليك ممن يطعنون في علمائنا، اللهم إنا نبرأ إليك من أولئك: الذين يغررون ويغشون أمة محمد صلى الله عليه وسلم. ثم نقول لمن يطعنون في علمائنا بعد تلك التفجيرات: ما بالكم تذكرون سيئاتهم ولا تذكرون حسناتهم؟ أين منهج الموازانات يا أصحاب الموازنات الحركية التي تكيل بمكيالين وتزن بعشرين ميزاناً إلا الميزان السلفي.
4- ومن الحركات الإرهابية البشعة المخيفة ما قامت به عصابة شر غالية متطرفة، أصحاب منامات وأماني كاذبات، وكان من خبر هذه الزمرة انهم دخلوا البيت الحرام في مطلع هذا القرن الهجري ومعهم مهديهم المزعوم فطالبوا حجاج بيت الله الحرام والعاكفين والركع السجود عند بيت الله بمبايعة المهدي المزعوم تحت وطأة السلاح والقتل وطلقات البنادق والرشاشات وترويع الآمنين، فلا إله إلا الله كم سفكوا من الدماء ظلماً وعدواناً، فأخافوا أهل البيت الحرام، وأفزعوا أهل الإسلام، حتى عطلت الجمع والجماعات في المسجد الحرام أياماً عديدة، وتناثرت الجثث والأشلاء عند الكعبة والصفا وزمزم فناداهم العلماء لينزلوا على حكم شريعة الله ويتوبوا إلى ربهم فأبوا إلا مواصلة السير في طريق الفساد والإرهاب والعصيان والعناد، فاستعان أهل الإسلام بربهم ولجأوا إليه وتضرعوا فاستجاب الله دعاءهم ومكن جنود الإسلام منهم وطهر بيت الله الحرام، وقبض عليهم فلقوا جزاءهم، وصدرت فتاوى العلماء في استنكار هذا الإرهاب الآثم. ولقد كان وزير الداخلية صريحاً واضحاً حين ذكر في حديث له في رمضان الماضي أن من أسباب هذه الفعلة تأثر أولئك الشباب بأفكار جماعتي التبليغ والاخوان المسلمين. وإنك لتعجب من بعض الناس، لما دافع الوزير عن الهيئة - وقد أحسن- ابرزوا كلامه وشكروه وأعادوه، وأما كلامه المتقدم في التحذير من الجماعات الدعوية الوافدة وبيانه لآثارها فيطوى عند أولئك ولا يروى: {$ّلا تّلًبٌسٍوا پًحّقَّ بٌالًبّاطٌلٌ $ّتّكًتٍمٍوا پًحّقَّ $ّأّّنتٍمً تّعًلّمٍونّ}.
5- ومن صور الإرهاب ما قامت به شرذمة ضالة، وعصابة ملحدة استهدفت الحرم الآمن، وقامت بزرع المتفجرات المدمرة في حج سنة تسع وأربعمائة وألف للهجرة وتم التفجير بالفعل عند بيت الله الحرام يوم السابع من شهر ذي الحجة من السنة المذكورة، فقتل وأصيب عدد من حجاج بيت الله الحرام، فكانت العاقبة حميدة، فقبض على أولئك المجرمين ونفذ فيهم حكم رب العالمين.
6- ومن صور الإرهاب ما قام به صدام حسين وحزبه الهالك من غزو للكويت وحشد لقواته على حدود بلاد الحرمين، وإرساله الصواريخ إلى قلب الرياض، فلا إله إلا الله كم من دم معصوم سفك، وكم من عرض انتهك، وكم من مال معصوم خرب واهلك، ولكن كانت العاقبة حميدة، فرد الله هذا الظلم على عقبيه وانتقم للمظلومين، وسلم بلاد الحرمين.
7- ومن صور الإرهاب: ذلك التفجير الآثم الذي وقع بمدينة الرياض بحي العليا سنة ست عشرة وأربعمائة وألف، الذي أخاف وأفزع وروع الآمنين، ثم تفتت قلوب أهل هذه البلاد أسى وكمداً حينما علموا بأن الجناة من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، لكنهم تتلمذوا على أشرطة ألهبت مشاعرهم وأوغرت صدورهم ضد بلادهم وعلمائهم وحكامهم ثم كانت العاقبة حميدة ومكن الله منهم.
8- ومن صور الإرهاب ذلك التفجير المروع في مدينة الخبر سنة سبع عشرة وأربعمائة وألف، فهو والله صورة مخيفة من صور الإرهاب الظالم أهله، وكان أشد ضرراً من سابقه الذي كان بمدينة الرياض لكثرة ما نتج عنه من قتل وإصابات في المسلمين والمستأمنين وستكون العاقبة حميدة بإذن الله وسيعثر عليهم ويلقون جزاءهم، لأن الله لا يصلح عمل المفسدين.
9- ومن صور الإرهاب والتطرف هذا التفجير الأخير بمدينة الرياض عاصمة بلاد التوحيد - حرسها الله من كل سوء- في يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وأربعمائة وألف، فسفكت فيه دماء المعصومين من المسلمين والمستأمنين، الله أكبر، ما ذنب أبنائنا الذين ازهقت أرواحهم في هذا التفجير الإرهابي الآثم، وبأي حق ترمل نساؤهم ويفقدهم الولد والوالد، الله أكبر كم من أم مكلومة فقدت ابنها في هذا الحادث تدعو الله بالليل والنهار ان ينتقم لها من هؤلاء الظلمة، والله أعلم بما في قلب ذاك الأب من حسرات وهو يتسلم جثة ابنه وقد تفحم واحترق، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لايزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً» فاللهم انتقم لهؤلاء المؤمنين المظلومين، اللهم اشف صدورهم، اللهم أعظم أجورهم واغفر لموتاهم، واخلف لهم خيراً، اللهم واكتب لموتانا أجر الشهداء واخلفهم في عقبهم وأصلح ذرياتهم من بعدهم، اللهم مَكّن جنود الإسلام ممن يسعى بالافساد وفي الأرض اللهم افضحه واخذله وخذ بحق المظلومين منه يا ذا الجلال والإكرام.
وإنك لتعجب كيف يقدم أولئك الشباب على هذه الجرائم المحرمة شرعاً، وكيف يستبيحون دماءهم ودماء غيرهم، ثم حلت المصيبة الأخرى وضاقت الصدور وازداد الناس غماً على غم لما ظهر أن من قام بهذه التفجيرات في بلاد الإسلام لا في بلاد الكفار هم من شبابنا، فكيف يقع ذلك وصار حديث الناس في أسباب هذه الفعلة الشنيعة وكثر والله التلبيس والتضليل وتجهيل الأمة، بل التبرير المغلف لهذه الأعمال الإرهابية الآثمة: فهل السبب المناهج الدراسية؟ كلا ليست هي السبب؛ لأن هؤلاء لا علاقة لهم بمناهجنا فإنهم يحرمون التعليم النظامي وينفرون أتباعهم منه، ومناهجنا هي التي خرجت العالم والطبيب والسياسي الناصح. هل السبب البطالة؟ كلا والله فهؤلاء يحرمون أيضاً العمل في وظائف الدولة ويشتغلون بالتجارة، وانك والله لتعجب من بعضهم كان يحث الشباب على ترك وظائف الدولة والاشتغال بالتجارة ليبقى حراً بزعمه ويقول دلوني على سوق المدينة. واليوم يزعم ان سبب التفجير فقدان أصحاب سوق المدينة للوظائف؟ فأي تناقض هذا. وأي تلاعب بعقول الأتباع؟!
وهل السبب العلماء: هل السبب ابن باز وابن عثيمين والألباني وهيئة كبار العلماء؟ لا أظن أن عاقلاً يحترم نفسه يقول ذلك، ومن تفوه به فاكتبوه في سجل الأفاكين، واحذروه فإنه رجل سوء ولو كان فيه خير لشكر واعترف بفضل من علمه وفقهه، الله أكبر: سلم منك اليهود والنصارى «واهل البدع والأهواء» ولم يسلم منك علماء السنة والتوحيد، نعوذ بالله من الخذلان. ثم إن كان عندك رأي فاذهب إلى العلماء ليبينوا لك ويعلموك، أما ان تجرم علماءنا أمام العامة فهذ والله جناية على الشريعة وعلى العوام لأنهم إذا فقدوا الثقة بعلمائنا الربانيين فإلى أين يتجهون ومن يستفتون بعد ذلك وهل يرضى أولئك أن يتكلم الفقهاء الواقع ومشايخ الصحوة ورموز الإخوان المسلمين والتبليغ بهذه الطريقة أمام العامة مع ما فيها من تهكم واستعداء ومحاولة إسقاط لا أظنهم يرضون.
وهل السبب كتب ابن تيمية لا والله فهو شيخ الإسلام حقاً والمجدد للدعوة السلفية وكتبه تعلن براءته من خوارج العصر الذين يتمسحون به ويحرفون كلامه ليوافق أهواءهم، وهل السبب دعوة الإمام المجدد (محمد بن عبدالوهاب) ومن معه من أئمة الدعوة السلفية بنجد، لا والله، فإن آثارهم في البلاد والعباد حميدة، فدعوتهم سلفية نقية فيها العلم والحلم والسمع والطاعة ولزوم الجماعة، ومن قرأ فتاويهم فيمن افتاتوا على الملك عبدالعزيز وأرادوا الجهاد دون إذنه يعلم أنهم في وادٍ وجماعة التكفير في واد آخر، ولكنه التلبيس والتضليل.
وهل السبب الدعوة السلفية المباركة، التي وصلت إلى الدنيا كلها، دعوة على منهاج النبوة وما كان عليه السلف الصالح لا والله ليست هي السبب لأنها تحذر من فكر هؤلاء الخوارج وتعلن البراءة منهم ويدل على ذلك عداء أصحاب هذا الفكر المتطرف للدعوة السلفية ومشايخها، ووصفهم بالأوصاف المختلف للتنفير والتشويه: بازية، عثيمينية، ألبانية، عامية مرجفون في المدينة، إلى غير ذلك مما يطلقه الثوار على الدعوة السلفية دعوة الإمام المجدد رحمه الله وغفر له.
ومن تحايل هؤلاء الإرهابيين انهم قد يسمون أنفسهم بالجماعة السلفية للجهاد والهجرة ونحو ذلك من الألقاب، بقصد التضليل وتشويه صورة الدعوة السلفية ولكن إذا رأيت أفعالهم وإرهابهم علمت براءة الدعوة السلفية منهم.
وهل السبب الحكم بغير ما أنزل الله؟ لا والله كذبوا، فإن بلادنا ولله الحمد والمنة خير بلاد الدنيا في تطبيق شرع الله والحكم بما أنزل، وتحقيق التوحيد ومحاربة الشرك والقبور التي تعبد من دون الله فلله الحمد والمنة، ونعوذ به من كفران النعمة.
وهل السبب التضييق على الدعوة كما زعم بعض الحركيين في مقابلة له مع إحدى القنوات الفضائية؟ لا والله، لقد كذب وافترى، فإن الدعوة في بلادنا قائمة على قدم وساق ومكاتب الدعوة والجاليات، والمحاضرات والندوات، والدروس العلمية في كل مكان فماذا نريد بعد ذلك؟ أما إيقاف من فيه شر وإفساد حماية للمجتمع من أفكاره فهذا من حق ولي الأمر كما يقول العلامة ابن باز، بل قد يجب على ولي الأمر ذلك إن لم يندفع شره نصحاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم والعجب ان هؤلاء أصبحوا ينادون بعد التفجيرات بالحوار، فيقال أهلا وسهلا، تعالوا نتحاور في فكر سيد قطب وأثره على شباب بلاد الحرمين ولنتحاور في فكر الخوارج الذي سرى إلى شبابنا من الذين مهدوا له منذ حرب الخليج وما صاحبها من أشرطة استعداء للشباب على الدولة وتهييج. ولنتحاور في فكر الاخوان المسلمين الذي يصدق عليه أنه «بتاع كله» وفكر جماعة التبليغ الصوفي هكذا فلنتحاور إن كنتم تريدون الحوار حقاً للحصول إلى الحق. وهل السبب وجود المنكرات: والجواب ان يقال: إن المنكرات كانت في الدول الإسلامية من قبل: الأموية والعباسية وغيرهما، فلم يكن ذلك مبرراً للإفساد وسفك الدماء والخروج على ولاة الأمر، بل الواجب الإصلاح والنصيحة بالتي هي أحسن، بل لقد وجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رجل زنا فرجم وهو ما عز رضي الله عنه، ثم الغامدية رجمت رضي الله عنها، وسرقت امرأة مخزومية فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، وجيء برجل قد شرب الخمر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بجلده وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى عليه بقية الناس، فعل ذلك زجراً وتأديباً فماذا تقولون بعد ذلك؟؟.
وهل السبب ان العلماء أغلقوا أبوابهم في وجوه الشباب ولم تتسع صدورهم لهم؟ لا وربي ما كان ذلك وما يكون إن شاء الله، وبرهان ذلك بَيِّنٌ لكل ذي عقل وعينين فبيوت العلماء ومجالسهم مفتوحة للصغير والكبير، وطالب العلم وغيره، ودار الإفتاء ولله الحمد تستقبل من أراد العلم والفتيا والرأي السديد، وتأدب مع العلماء، وأما الغوغائية فلا مكان لها عندهم، وينبغي أن يكرم أهل العلم عن ذلك.
ألا فاعلموا ان دار الإفتاء: كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نصرة الدين وبيان الحق للخلق، ومن يطعن في الأولى سلفه وشيخه من يطعن في الثانية، فاحذروهم بارك الله فيكم ولا تفتحوا الباب للعلمانيين والجهال، واحذروا ان يؤتى الإسلام من قبلكم، فإن العلمانيين يفرحون بطعن الأغرار في علماء الإسلام، واعملوا ان الإمام أحمد يقول: لحوم العلماء مسمومة من شمها مرض ومن أكلها مات. وقال الناصحون: من تعدى على العلماء بالثلب ابتلاه الله بموت القلب.
ومن تحايل بعض الحزبيين الطاعنين في العلماء عبر القنوات الفضائىة: زعمه ان ذلك من باب الصراحة والنقد والنصيحة فيقال له: نحن ننتظر منك إذاً: النصيحة والنقد لفقهاء الواقع ومشايخ الصحوة ودعاة الحزبية حتى نعلم هل ذلك منك نصيحة للعلماء أم فضيحة.
وزعم بعضهم ان السبب فقدان الشورى وليس هذا بشيء، فإن الشورى عندنا لها مجلس يخصها يضم نخبة من أهل العلم والخبرة والمشورة.
وليعلم أن ولي الأمر له أن يفعل الأمر أحياناً دون مشورة فلا يجب عليه أن يشاور في كل أمر فإن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح ولم يخبر أحداً بوجهته سوى أبي بكر رضي الله عنه حتى يفاجئ كفار مكة ولم يستشر أحدا في ذلك، صلوات الله وسلامه عليه، ثم إذا شاور ولي الأمر فلا يلزمه قبول المشورة إن رأى الأصلح في غيرها، ففي غزوة بدر استشار النبي صلى الله عليه وسلم عمر في أسارى بدر فأشار عليه بقتلهم، فلم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمشورته، ولما عزم أبوبكر على قتال المرتدين أشار عليه عمر بترك قتالهم لهم فلم يأخذ أبوبكر بمشورة عمر الفاروق وقاتلهم وحصل من ذلك خير عظيم ودحر لأهل الباطل. وهل السبب أن هؤلاء الشباب اجتهدوا فأخطأوا، هكذا.. أخطأوا؟ فيقال: وهل هم من أهل الاجتهاد حتى يجتهدوا، بل الواجب أن يتورعوا وأن يحذروا القول على الله بلا علم، والجرأة على الفتيا في هذه الأمور العظام، ثم يقال: وهل سفك الدم الحرام (دماء المعصومين من المسلمين والمعاهدين) هل هو محل اجتهاد، وهل قتل رجال الأمن الموحدين في البلد الحرام مكة: هل أيضاً اجتهاد؟ نعم.. إنه اجتهاد الجهال وفتوى المضللين.
فالحذر الحذر معاشر الإخوان، فإن هذه الأسباب المدعاة تفتح الباب لدعاة الفتنة، وتعطيهم المبرر لتكرار هذه الجرائم المروعة، ولننظر في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج لقد أمر بقتلهم وأخبر أنهم شر قتلى تحت أديم السماء ووصفهم بأنهم كلاب النار مع شدة عبادتهم وزهدهم وبكائهم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم وقراءتكم عند قراءتهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وقاتلهم علي رضي الله عنه ومن معه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقتلوهم شر قتلة يوم النهروان فهذا حكم الله فيهم لعظيم شرهم وذلك أنهم يكفرون المسلمين بالكبائر، ويردون السنة بظاهر القرآن، ويستبيحون دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
فيا شباب الإسلام: اتقوا الله في أنفسكم واحذروا دعاة الباطل، فها هم بعض شبابنا لما أصغوا إليهم أوردوهم المهالك، فالنجاء النجاء
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين أن أمته ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، إلا واحدة فقط جعلنا الله منها، وهؤلاء هم أهل السنة السلفيون، المتمسكون بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأخيار.
فاحذروا دعاة الحزبية والفتنة، الذين يصرفون الشباب عن العلم والعلماء إلى طريقة الحرورية السفهاء: باسم الفكر الإسلامي والدعوة والجهاد وانكار المنكر، فإلى متى إلى متى يا أخي؟؟
إن الله جل وعلا، باعثك، وسائلك عن شبابك وعمرك فيم أفنيته، وإن من خير ما تأتي به يوم القيامة التمسك بالسنة في زمن كثرت فيه الأهواء والفتن وعظمت فيه غربة المنهج السلفي، قال رسول الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء» والغرباء حقاً: هم أهل السنة، الذين يصلحون إذا فسد الناس ويصلحون ما أفسد الناس من السنة.
فلا تغتر بهذه الدعوات المضللة، ولو كثر اتباعها، والزم أهل السنة وعلماءهم، وتفقه في منهج السلف واعرف طرق الحزبيين الضلال حتى لا تقع في حفرهم وتهلك كما هلك أولئك.
الحلم الحلم يا شباب الإسلام، والعقل العقل، عليكم بالعلم فإن الله يرفع به العبد وينجيه به من الفتن، فخذوا العلم ممن عرف بسلامة المعتقد وصحة المنهج والبعد عن طرق المفتونين، وخذوا بقول العبد الصالح محمد بن سيرين: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.
كم من شاب غرته فتاوى الظلام والعنف والتكفير فترك علماء المسلمين وجماعتهم إلى من لايعُرفُ ما علمه ولايدُرى من هو، وإذا وقعت الواقعة قال إنه بريء منهم، فعليكم بتصحيح المنهج والرجوع إلى العلماء والالتفاف حول ولاة الأمر وأهل العلم لأن هذه هي طريقة شباب السنة السلفيين الأخيار وشيبهم.
وأما أسباب هذه التفجيرات وغيرها من عمليات الإرهاب فقد ألمحت إليها، ولها وقفة أخرى اسأل الله ان ييسرها وينفع بها.. إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع فعليه بكتاب «الإرهاب» زيد المدخلي، حفظه الله ورعاه، فإنه خير ما ألف في هذا الباب، ومنه اقتبست وأفدت.
|