* القاهرة مكتب الجزيرة علي البلهاسي:
في إطار مواصلة الجهود السعودية من اجل توحيد الأمة العربية والوقوف بجانب قضاياها المصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والعملية السلمية في الشرق الاوسط شهدت المنطقة العربية نشاطا دبلوماسيا سعوديا مكثفا بدأ باستقبال رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابومازن في المملكة ثم جولة سمو ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز التي شملت كل من سوريا ومصر والمغرب قبل ان يتوجه الى موسكو في زيارة رسمية لروسيا.
ويرى المراقبون في هذا النشاط الدبلوماسي المكثف خطوة تتسم بنظرة شاملة تجمع بين المشاورات العربية مع فلسطين وسوريا ومصر والمغرب التي تنطلق من حرص المملكة على بحث كل ما يتعلق بقضايا الامة العربية في ضوء الظروف والمستجدات التي تشهدها المنطقة وتوحيد الرؤى والمواقف العربية تجاه هذه القضايا كما تجمع ايضا المشاورات الدولية مع روسيا كخطوة في طريق حشد التأييد الدولي للقضايا العربية انطلاقا من اهمية الموقف الروسي على الساحة الدولية والاقليمية.
المثلث الذهبي
ركزت جولة سمو ولي العهد على محورين المحور الاول عربي وشمل كل من سوريا ومصر وبعدهما المغرب والمحور الثاني دولي ويتمثل روسيا ويأتي المحور الاول من جولة سمو ولي العهد انطلاقا من القناعة الراسخة والإدراك الواعي بأهمية الدول الثلاث (السعودية، مصر، سوريا) او ما يطلق عليه المراقبون (المثلث الذهبي) والدور المحوري الذي يلعبه زعماء وقادة الدول الثلاث في خدمة القضايا العربية وإيمانا بأن التحرك الثلاثي المشترك لكل من المملكة ومصر وسوريا هو القوة الدافعة والرافعة التي يرتكز عليها العمل العربي المشترك، كما تلعب المغرب دورا رئيسيا في القضية الفلسطينية برئاستها للجنة القدس.
وفي المحطة الأولى لجولة سمو ولي العهد ركزت القمة السعودية السورية على الاوضاع الاقليمية والدولية والشأن العربي عموما والشأن العراقي والفلسطيني بصفة خاصة والصيغ المطروحة لتطوير وتفعيل العمل العربي المشترك واستعرض الامير عبدالله والرئيس الاسد المشاريع السياسية المطروحة دوليا والتي تعنى بقضايا المنطقة ووجوب اتخاذ مواقف موحدة تجاهها.
واكد نائب الرئيس السوري الدكتور محمد زهير مشارقة ان زيارة سمو ولي العهد الامير عبدالله الى سوريا تكتسب اهمية خاصة في ظل الاوضاع التي تشهدها المنطقة العربية وتداعياتها مما يستدعي تفعيل العمل العربي المشترك وتعزيز التضامن العربي واضاف مشارقة انه اذا كانت اواصر الاخوة التي تربط بين سوريا والمملكة العربية السعودية تتميز بأنها اواصر متينة وتاريخية فإن هذه الزيارة اسهمت في تعزيز تلك الاواصر وتمتينها ووصف العلاقات الثنائية القائمة بين سوريا والمملكة بانها علاقات اخوة وتعاون وتشاورر وتنسيق وتتسم بأنها علاقات عريقة ومتينة وترتكز على أرضية صلبة وقواعد ثابتة.
وفي اطار التنسيق التشاور المستمر بين القاهرة والرياض كانت زيارة سمو ولي العهد لمصر هي المحطة الثانية في جولته وخلال الزيارة جرت مباحثات بين الرئيس مبارك وسمو الأمير عبدالله تناولت تطورات القضايا العربية والموقف في الاراضي الفلسطينية والوضع في العراق والمبادرات العربية لتطوير العمل العربي المشترك من خلال جامعة الدول العربية. فضلا عن العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية.
وتأتي زيارة ولي العهد لمصر ولقائه بالرئيس مبارك عقب المباحثات التي كان الزعيمان قد اجرياها في شرم الشيخ اخيرا على هامش القمة العربية الامريكية وركزت المباحثات هذه المرة على اهمية الزام اسرائيل بتطبيق خريطة الطريق والجهود التي تقوم بها القاهرة والرياض لتذليل الصعاب التي تواجه المباحثات الفلسطينية الاسرائيلية وذلك في ضوء لقاء ولي العهد مع ابو مازن خلال زيارة الاخير للمملكة وفي اطار لقاء للرئيس مبارك ووليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الامريكي.
كما ركزت المباحثات على تطورات الاوضاع في العراق والدور المرتقب في حل الازمة العراقية وضرورة قيام الامم المتحدة بدور فعال في اعادة الاعمار في العراق ومساعدة العراقيين على استعادة السيطرة على مقدرات الامور في بلادهم وفي هذا المجال دعا الزعيمان الى تعزيز دور الامم المتحدة في العراق واعربا عن قلقهما ازاء التعنت الاسرائيلي في تنفيذ خريطة الطريق وتماديها في بناء الجدار العازل مؤكدين رغبة القاهرة والرياض في تهيئة الاجواء لتنفيذ خريطة الطريق وعدم الانسياق وراء الاستفزازات الاسرائيلية.
نتائج مثمرة
وقبل مغادرة سمو ولي العهد القاهرة بدأت الثمار الاولى لجولته في الظهور مع عقد اجتماع وزراء خارجية السعودية ومصر وسوريا وهو الاجتماع الذي قالت مصادر دبلوماسية انه تقرر اثر محادثات ولي العهد في دمشق والقاهرة بهدف بلورة موقف عربي موحد تجاه الوضع في العراق والاراضي الفلسطينية ومناقشة مبادرات اصلاح الجامعة والوضع العربي.
ويقول المراقبون ان اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث جاء ليؤكد على ان العلاقات بين القاهرة والرياض ودمشق هي الاساس لأي عمل عربي مشترك لما لهذه العواصم الثلاث من اهمية اقليمية وبما يسهم في تحول الموقف العربي الى فعل عربي استنادا الى التوافق بين الدول العربية خاصة وان اجتماع لجنة المتابعة العربية الاخير الذي عقد في القاهرة اكد اتفاق الدول العربية على المبادئ العامة بشأن العراق والقضية الفلسطينية وقال المراقبون ان التنسيق والتشاور المصري السعودي السوري يعد من ثوابت ومبادئ العمل القومي ويشكل سياسة مشتركة بين الدول الثلاث.
وبعد تحقيق المرحلة الاولى من زياراته نجاحا كبيرا يواصل سمو ولي العهد جولته بزيارة المملكة المغربية الشقيقة التي تربطها بالمملكة العربية السعودية علاقات متينة أرسى دعائمها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وجلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله وتدعمها العلاقات الطيبة بين سمو ولي العهد الامير عبدالله عبدالعزيز وجلالة الملك محمد السادس العاهل المغربي وتتناول مباحثات الزعميين العلاقات الثنائية بين البلدين وتنسيق الجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب في ضوء التفجيرات الارهابية التي شهدتها الرياض والدار البيضاء مؤخرا كما تتناول المباحثات الجهود العربية لدفع عملية السلام في ضوء رئاسة المغرب للجنة القدس وتطورات الاوضاع في الاراضي الفلسطينية والعراق ويختتم سمو ولي العهد جولته بزيارة روسيا في اطار كسب التأييد الدولي للقضايا العربية في ظل العضوية الدائمة لروسيا في مجلس الامن والمصالح الروسية في المنطقة.
|