* الرياض - سعود الشيباني:
في إطار نشاطاتها الروتينية والقيام بمهامها العملية واداء واجبها تجاه الوطن والمجتمع، نفذت دوريات الأمن بالرياض عدة جولات ميدانية في أنحاء متفرقة من الرياض،خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة خلال الأيام القليلة الماضية.. وكانت «الجزيرة» قد شهدت انطلاق الدورية حيث حرصت على اصطحابها للوقوف على بعض المشاهدات والمواقف والانجازات الامنية.
بدأت الجولة عند الساعة الخامسة والنصف مساءً وبعد ان أدى أفراد دوريات الامن «الصفة العسكرية» لأخذ توجيهات وتعليمات والتعاميم الجديدة من قبل رئيس الوردية الذي حثهم على الاخلاص والمثابرة في العمل ما قبل التحرك. بعدها بدأ التحرك إلى عدد من المواقع وكنت أنا وزميلي المصور عبدالله المسعود بصحبة الدورية التي كانت بقيادة مدير شعبة العلاقات العامة والتوجيه الملازم أول فيصل يوسف الرشيد. وقد ضمت الدورية التي تقلنا أجهزة اتصالات، الأمر الذي يتيح للمرافقين الاطلاع على بعض أنواع البلاغات والحوادث من خلال سماع أصوات الطرفين وبالفعل كانت هناك بعض البلاغات من المواطنين حيث هرعت الدوريات الأمنية إلى الأماكن المحددة وفي وقت قياسي وتركز الجولات الميدانية عادة على الحوادث الجنائية والملاحظات العامة والاشتباه ومنع وقوع أي مظاهر اختلال محتملة. وأثناء الجولة مرت الدورية بأحد الشوارع الذي شهد مشاجرة بين مقيمين أدت إلى تجمهر عدد من الفضوليين ولكن سيطرت عليها الدورية بهدوء شديد وتم تفريق المتجمعين كأن شيئاً لم يحدث والمرافق لها عن كثب يدرك أهميتها حيث تترك احساساً بالطمأنينة والأمان في الشوارع التي تمر بها وتجد تجاوباً جيداً من المواطنين والمقيمين، كما استطاعت من خلال تحركاتها الدؤوبة وجاهزيتها الدائمة وتجاوبها السريع مع بلاغات المواطنين ان تكتسب مكانة واحتراماً في نفوس الناس مما جعل لها مهابة لدى وصولها أي شارع أو حارة معينة.
الدوريات تبحث عن صاحب الديزل
أثناء الجولة كان هناك «ديزل» مسكوب على الشارع فتوقفت الدوريات عنده فقلت في نفسي ما علاقة ذلك بمهمة دوريات الأمن ولكني قبل ان أسأل أحداً أتتني الإجابة من خلال تصرف أفراد الدورية حيث اتضح انهم يتحرون عن الجهة المتسيبة في ذلك لالزامه بإزالته حتى لا يؤدي إلى حوادث تضر بالآخرين.
أما في نقاط التفتيش التي مررنا بها أثناء الجولة فقد لاحظنا دقة متناهية في التفتيش وتركيزاً شديداً وفحصاً دقيقاً مع ارتسام علامات الجدية الصارمة على وجوه أفراد الأمن والاحترام الشديد في ذات الوقت والتعامل مع عابري نقطة التفتيش بنوع من الأدب والأخلاق دون ان يخل ذلك بدقة التفتيش التي تقتضي في بعض الحالات فحص أجزاء السيارة.
وقد انطلقت الدورية التي تقلنا إلى نقطة تفتيش تقع بالمعذر شمال وزارة الداخلية حيث لاحظنا وجود عدد أربع دوريات أمن و«6» رجال أمن خمسة يقومون بالتفتيش وتفحص الاثباتات والسادس واقف على بعد «15» متراً ويحمل رشاشاً وقد ذهبت إليه وسألته هل السلاح الذي تحمله بداخله ذخيرة؟
فأجاب: طبعاً بداخله ذخيرة واحمل عدداً من مخازن الذخيرة.
شعار الذخيرة هي الغلطة الأولى والأخيرة
فقلت الله يستر لا تخرج منه طلقة فكما هو معروف شعار الذخيرة هي الغلطة الأولى والأخيرة. فرد علي بلطف واحترام قائلاً: لقد دربتنا الدولة حفظها الله على كيفية التعامل مع جميع أنواع الأسلحة. والمكتوب على الجبين لابد ان تراه العين، وأضاف قائلاً: انني ولله الحمد أعمل بهذا القطاع ما يفوق «15» عاماً لم تخرج طلقة واحدة من السلاح بالخطأ.
كما لاحظت وجود عدد من حواجز عاكسة توحي للمارة بأن فيه نقطة تفتيش.
ولم ألاحظ أي امتعاض أو تذمر من المواطنين تجاه عمليات التفتيش في النقاط المحددة أو عند بعض إشارات المرور بل العكس لمسنا تجاوباً وإشادة من المواطنين الذين يعتقدون ان هذه الأنظمة تستطيع منع الأعمال التي تهدد أمن الوطن والمواطن بل يرون في ذلك حرصاً على سلامة أرواحهم.
جنديان يفحصان وثالث ممسكاً برشاش
ثم اتجهنا إلى حي الوزارات حيث قمنا بجولة تمشيط على عدد من الشوارع ولمسنا ان الأمن بوضع ممتاز والدليل لا توجد بلاغات عن أي حالة جنائية أو غيرها بالرغم من كثرة وجود العمالة المقيمة التي تتسوق أو تقطن بحي الوزارات.
وكنا نصغي إلى بعض البلاغات عبر أجهزة الاتصال بالدورية ثم انتقلنا إلى شارع الضباب ووجدنا في أحد مواقع التفتيش جنديين يفحصان القادمين ويدققان في سياراتهم وأوراقهم الثبوتية بينما تعترض الطريق دورية من دوريات الأمن في حالة جاهزية للانطلاق وجندياً ثالثاً يقف منتبهاً على جانب الطريق وممسكاً برشاش تحسباً لأي طارئ أو هروب أحد قائدي السيارات أو تجاوزه لنقطة التفتيش مما يبعث الاطمئنان على صحة أفراد الأمن وحرصهم الشديد ويقظتهم الدائمة.
رجل أمن يصطحب طفلاً
كما شملت الجولة الميدانية المرور بجوار أحد المتنزهات الكبرى عند الدائري الشرقي وبرغم وجود دوريات في المنطقة بصفة مستمرة إلا ان الملازم الرشيد كان حريصاً على ان تشمل الجولة مرافق مختلفة في أحياء متعددة في مدينة الرياض فاحسسنا قرب ذلك المتنزه بالابتهاج يعم المكان والارتياح النفسي بوجود الدوريات ومرورها على المناطق للاطمئنان على أمن المواطن.
وبعد مضي ما يقارب الساعة وجدنا طفلاً يبكي «تاه عن والديه» فأخذه أحد رجال الأمن وحاول اسكاته بحنان واعطاه قطعاً من الحلوى واصطحبه إلى الاستقبال في المتنزه ولم يتركه حتى جاء والداه المذعوران واستلماه وهما يقدمان الشكر والتقدير لرجل الأمن.
وبعد ذلك عدنا إلى طريق الأمير عبدالله الذي شاهدنا به عدداً من دوريات الأمن تجوب الطريق وعلى الأرصفة والحركة المرورية تسير على أحسن حال.
دورية تباشر خلافاً حدث في مستشفى
كما نفذت دوريات الأمن التي تقلنا جولة داخلية على أحد المستشفيات الخاصة، حيث كان هناك بلاغ قبل ساعة باشرته إحدى دوريات الأمن حيث راجع شخص المستشفى وحدث خلاف بسيط حول الفاتورة وانتهى قبل وصول الدورية التي كانت بجوار الموقع. ولم نلاحظ ما يلفت النظر وعند خروجنا من الباب الثاني أخذت دوريات الأمن مساراً دائرياً حول مبنى المستشفى ثم انطلقت إلى موقع آخر، ثم اتجهنا إلى حي السلي مخرج 16 واتجهنا إلى أحد المستودعات فوجدنا عدداً من دوريات الأمن تتحدث مع أحد المقيمين الذي يعمل بإحدى المنشآت الخاصة فوقفنا بجوارهم وسألهم الضباط ما الأمر؟ فقالوا إن هذا مقيم يعاني من آلام ويحتاج لنقله لأقرب مستشفى ونحن الآن نتصل على كفيله لإشعاره بذلك ما هي إلا دقائق فأخذته إحدى الدوريات للمستشفى.
ودورية أخرى طلب منها ان تنتظر حتى حضور كفيله الذي طلب منهم عدم المغادرة خوفاً على منشآته حتى يصل وقد وصل خلال دقائق معدودة.
استغرقت الجولة حوالي سبع ساعات وشملت عدداً من المواقع والأحياء والمرافق المختلفة واتسمت بالانضباط وارتفاع الروح الوطنية والحس الأمني والتفاعل من جهة المواطنين والروح الطيبة في التعامل من جهة ضباط وأفراد دوريات الأمن إلى جانب الحرص الشديد على منع وقوع كل ما من شأنه تعكير الأمن أو زعزعة الاستقرار في هذا البلد الذي منحه الله نعمة الأمن والاستقرار الدائم.
وبعد ذلك اتجهنا إلى حيث انطلقنا من قيادة دوريات الأمن بحي الغرابي حيث ودعت الملازم الرشيد الذي قدمت له باسم «الجزيرة» الشكر والتقدير على اهتمامه وحرصه على تسهيل مهمتنا ومرافقة الدورية.
من وحي الجولة
المهمات الأمنية عادة لا ترتبط بزمن محدد أو دوام ثابت فقط ينتهي وقتها عند تنفيذ المهمة أو انقضاء العمل وذلك دأب دوريات الأمن التي يمتد عملها أحياناً إلى وقت متأخر حتى إنجاز المهام. كنا نجلس في المقاعد الخلفية لسيارة الدورية ولم يكن زجاج الأبواب الخلفية مظللاً وشاهدني أحد الأقارب عند الساعة الحادية عشرة مساء لدى توقفنا في إحدى الإشارات، فتساءل في نفسه ماذا فعل سعود الشيباني حتى يؤخذ في سيارة الدورية الأمنية؟! وفي ساعة متأخرة!! وهو لا يدرك بالطبع اننا نرافق الدورية في مهمة صحفية لتغطية الجولة التي تنفذها دوريات الأمن، وفي واقع الأمر سبب لي هذا الأمر الكثير من الإحراج بين أفراد العشيرة حيث حدث هرج ومرج بين أفرادها يظن البعض بأنني ارتكبت جريمة ما أو وقعت في المحظور لا سمح الله خاصة وكما هو معلوم ان الكثير من العلاقات العشائرية تكتنفها بعض الحساسيات وتظل السمعة الطيبة رصيداً يحرص المواطن على الحفاظ عليه وبقائه ناصعاً بصفة دائمة وانطلاقاً من هذا الموقف أناشد القائمين على الأمر بالتوجيه بتظليل زجاج الأبواب الخلفية لسيارات دوريات الأمن حفاظاً على مشاعر من يكونون على تلك المقاعد بغض النظر عن أسباب جلوسه على المقعد الخلفي فقد تضطره ظروف عمل «كحالتي» للجلوس على ذلك المقعد ويصبح محط أنظار الذين يمرون على مقربة من سيارات الدوريات. أو يكون شخصاً بريئاً في اشتباه ما ومازال رهن التحقيق، ولو تدركون كيف كانت نظرات الناس تلاحقني وأنا جالس في المقعد الخلفي رغم انشغالي بالحديث تارة مع الضابط وأخرى مع المصور حيث كنت أحس بأن سهام تلك النظرات التي قد تستغل لتشويه السمعة تحرقني.
لذا آمل من الجهات المختصة تجنيب المواطن ذلك الحرج بتظليل زجاج الأبواب الخلفية لسيارات دوريات الأمن.
|