* أبوجا - لندن واشنطن الوكالات:
الذين كانوا في مطار مونروفيا لحظة مغادرة رئيس البلاد المخلوع تشارلس تايلور لن ينسوا هتافات مؤيديه الذين اغرورقت عيونهم بالدموع وهم يهتفون «نحبك ولكن نريد رحيلك» معبرين عن املهم في ان يساهم ذلك في اعادة السلام الى البلاد التي تشهد حربا اهلية مستمرة منذ 14 عاما.
وفي اول تصريح له قال الرئيس الليبيري الجديد موسيز بلاه انه يعرض منصب نائب الرئيس على المتمردين في مسعى لإحلال السلام في البلاد بعد رحيل الرئيس السابق تشارلز تيلور تحت ضغوط دولية.
وفجر امس وصل الرئيس الليبيري السابق إلى منفاه في العاصمة النيجيرية أبوجا بعد ساعات من تنحيه عن السلطة تحت ضغط دولي من أجل إسدال الستار على سنوات من العنف المدمر في ليبيريا والمنطقة المجاورة، وقد رحب الرئيس الأمريكي جورج بوش بهذا الرحيل الذي كان طالب به..
وكان بصحبة تايلور على متن الطائرة التي أقلته إلى أبوجا اثنان من الزعماء الافارقة ضمن وجودهما معه إحساسا غير مألوف بشرعية عملية الانتقال القسري للسلطة في القارة.
وجاءت استقالة تايلور ومغادرته ليبيريا على متن طائرة الرئيس النيجيري نتيجة لإصرار جديد داخل دول القارة الافريقية على حل مشكلاتها لاسيما وأن الزعماءالافارقة أجروا مفاوضات على مدى شهور بشأن استقالته ورحيله عن البلاد. وكان يرافق تايلور على في رحلة الطائرة لدى مغادرته مونروفيا الرئيس الموزمبيقي يواكيم شيسانو وهو أيضا رئيس الاتحاد الافريقي الذي تأسس حديثا والرئيس الغاني جون كوفور الذي يرأس المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الايكواس). كما شارك في مراسم تسليم السلطة إلى نائبه تايلور، موزيس بلاه. رئيس جنوب أفريقيا تابو مبيكي وهو الامر الذي أضاف مزيدا من المصداقية إلى عملية السلام في ليبيريا.
وابتسم تايلور وهو يغادر الطائرة ويهبط منها ليجد في استقباله الرئيس النيجيري أولوسيجون أوباسانجو الذي صافحه طويلا هو ومن معه من مرافقيه، وكان ضمن أعضاء لجنة استقبال تايلور أيضا الحاكم العسكري السابق لنيجيريا عبد السلام أبوبكر الذي قام بدور الوساطة بين تايلور والمتمردين في أكرا.
وقد تنحى تايلور عن السلطة بعد أن تولى منصب الرئاسة لفترة ست سنوات فقد خلالها سيطرته على ما يقرب من 60 في المائة من مناطق البلاد لصالح جماعات المتمردين. ومن بينها جبهة الليبيرين المتحدين من أجل المصالحة والديمقراطية (لورد)، وتزايدت الضغوط على تايلور من جانب المجتمع الدولي لتنتهي بذلك المجزرة التي شهدتها بلاده والتي توجت بإدانته من المحكمة الدولية لاعتقاله ومحاكمته لارتكابه جرائم حرب.
وعلى الرغم من أنه من المتوقع أن يعجل رحيل تايلور عن البلاد بإنهاء موجة العنف التي اجتاحت ليبيريا على مدى 14 عاما فإن أنصاره قد حذروا من تفجرموجة جديدة من العنف.
وقال متحدث من معسكر تايلور «عندما يرحل الرئيس سيلحق ذلك ضررا شديدا بأبنائنا وعندئذ ستنفتح أبواب الجحيم مرة أخرى».
ويوم أمس في أكرا رحبت جبهة لورد بمغادرة تيلو وقالت إن هذه الخطوة ستؤدي إلى إحلال السلام في هذه الدولة الواقعة في غربي أفريقيا.
وفي العاصمة مونروفيا، انخرط مؤيدو تايلور في البكاء لدى تجمعهم بالمطار لمشاهدة الطائرة التي أقلته.
وفي الوقت الراهن، يوجد في ليبيريا حوالي 700 من جنود حفظ السلام الافارقة يتولون الاشراف على وقف إطلاق النار غير الرسمي في مونروفيا ومن المتوقع أن يزيد عددهم إلى ثلاثة آلاف ولاسيما أن قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة ستتولى مسئولية حفظ السلام في البلاد في أواخر هذا العام.
أما حكومة بلاه فهي مجرد ترتيب مؤقت حيث من المنتظر استبدالها في غضون أشهروفقا لخطة السلام التي وضعتها منظمة الايكواس، والتي تنص على تشكيل حكومة انتقالية محايدة لا تضم أيا من زعماء الاطراف المتناحرة.
وما زال الوضع الانساني في ليبيريا سيئا، إذ صرح متحدث باسم منظمة أطباء بلا حدود بأن الاشخاص الموجودين خارج العاصمة يعانون من ظروف قاسية حيث لايتسني حصولهم على المساعدة الطبية.
وقالت قوات المتمردين التي تسيطر على منطقة الميناء في مونروفيا إنها لن تسمح بالوصول إلى المستودعات والمخازن التي تحوى إمدادات حيوية من المعونات إلا بعد رحيل تايلور، لكنهم لم يعلنوا عن موقف جديد في اعقاب الرحيل ..
و قال وزير الخارجية الأمريكي كولن باول ان قائد قوة مهام أمريكية قبالة ساحل ليبيريا سينزل الى البر في غضون الاربع والعشرين ساعة القادمة او نحوذلك ليرى كيف يمكن للولايات المتحدة ان تساعد في فتح ميناء يسيطر عليه المتمردون للسماح بتدفق المعونات الانسانية.
وكان تايلور قد غزا ليبيريا كزعيم لجماعة تمرد في عام 1989 وأطاح بنظام الرئيس صامويل دو، زميله المتمرد والذي صار ديكتاتورا، وأسفرت الحرب الاهلية التي تفجرت من جراء ذلك عن مقتل مائتي ألف ليبيري على الاقل.
وبعد الحرب الاهلية، وفي عام 1997 انتخب تايلور رئيسا لليبيريا، وهي الدولة التي أسسها العبيد الأمريكيون السابقون، وبحلول تموز يوليو عام 2000، ظهرت جماعات تمرد في ليبيريا تطالب برحيل تايلور عن البلاد.
وفي 17 حزيران يونيو عام 2003، وقعت جماعات التمرد في البلاد، وفي مقدمتها جبهة لورد وحركة الديمقراطية في ليبيريا اتفاقا لوقف إطلاق النار في أكرا وهو ما أدى إلى البدء فورا في إجراء مفاوضات بشأن تشكيل حكومة انتقالية، وفي الرابع من آب أغسطس، وصلت القوات النيجيرية إلى مونروفيا لإقامة ممر يمكن من خلاله أن يرحل تايلور عن البلاد ويذهب إلى منفاه في نيجيريا حتى يمكن تشكيل الحكومة الانتقالية.
|