* الباحة صالح عبدالله الخزمري:
ضمن أنشطة النادي الأدبي بالباحة لصيف هذا العام أقيمت أمسية ثقافية فكرية مساء الثلاثاء 7/6 بعنوان «الخطاب العربي في مواجهة الآخر» القاها د. سلطان بن سعد القحطاني الأستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض.
قدّم للأمسية الأستاذ عبدالناصر الكرت مدير جمعية الثقافة والفنون بالباحة والوجه الإعلامي المعروف حيث أوضح ان العالم أصبح الآن بفضل التقنية الحديثة يعيش وكأنه في قرية صغيرة بعد تعدي الأمر أكثر من ذلك.
قدم ضيف الأمسية فهو من مواليد الاحساء 1368هـ يحمل دكتوراه في الأدب العربي، أعد أربعة عشر بحثاً منشوراً، شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات في الداخل والخارج.
ومن آخر أعماله: النقد الأدبي في المملكة، نشأته واتجاهاته، وله ترجمات عديدة، وهو روائي وكاتب معروف.
بدأت المحاضرة بعد ذلك حيث أكد المحاضر ان الموضوع واسع وشائك ومتشعب وعبّر عن أمله في لملمة الموضوع.
وأضاف: تعددت تعريفات الخطاب ومناحيه وأقصرها وأوجزها انه: شعار الفكر وترجمة ما يضمره الإنسان.
أما أقسامه: قسمان: المعلن والمضمر.
والتساؤلات المطروحة في المحاضرة:
* ما موقع الخطاب العربي من التفعيل = دفاع أم هجوم؟
* هل هو أبوي؟
* ما مرجعية الخطاب العربي = ديني أم سياسي أم عرقي...؟
* هل استطاع الخطاب العربي أن يتكيف مع التيارات القادمة؟
* ما الخطاب العربي هل هو موروث أم أنه تغيّر.
مقدمة
ثم بدأ بعد طرح التساؤلات بقوله سآخذ مقتطفات من الخطاب الإلهي، حيث نزل الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مواجهة الآخر إذاً هو خطاب دفاع وإقناع، ونجده يقوم على الرحمة استناداً إلى قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } تتضمن الجدال بالموعظة لحسنة.
ولكن ماذا نقول في خطاب الرفض؟ فمن المعروف ان الإنسان عدو ما يجهل، فهل كانت قريش تجهل الدعوة؟!!
والحقيقة انهم يعرفون ذلك ولكن يخافون على زعامتهم أن تؤخذ منهم، إذن لم يكونوا يجهلون هذا الشيء ولكن يتجاهلونه حفاظاً على الزعامة.
والبعض يرى أن العرب قبل الإسلام ليس لهم حضارة أو فكر.
ولكن ماذا نقول عندما نجد طائفتين:
أ متمسك بالمعتقد السابق «الخطاب الأبوي» «..وإنا على آثارهم مقتدون» وقول قائلهم:
وما أنا إلا من غزية إن غوت
غويت وإن ترشد غزية أرشد
ب و؟؟ من قال: والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وأضاف د. سلطان: أن الخطاب الإلهي انتصر، ولكن لماذا؟
لأنه قام على ثلاثة عوامل:
الصدق لا يطلب زعامة إنه مقنع واقعي.
والأهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمي ولم يأخذ مما سبق.
إن أقوى خطاب في التاريخ العربي قصيدة حسان بن ثابت رضي الله عنه التي مطلعها:
عدمنا خيلنا إن لم تروها
تثير النقع موعدها كداء
لأنه اعتمد في خطابه على بيت واحد هو:
وجبريل أمين الله فينا
ولم يستطع أحد أن يرد عليه
الرسالة الإعلامية في ذلك الوقت كانت رسالة الهجاء حيث سلّ الشاعر محمداً عليه السلام من الهجاء كما تسلّ الشعرة من العجينة فهنا بلاغة الخطاب.
وهناك خطاب غير مباشر من ذلك الدعوة عن طريق التجار وذلك لسلوكهم وأسلوبهم الحسن.
وخطاب الرسول صلى الله عليه وسلم الضمني عندما دخل الشاب الذي يستفتيه في الزنا فأقنعه من الواقع.
كانت تلك مقدمة للمحاضرة.
ثم تساءل د. القحطاني عن مرجعية الخطاب؟
وأضاف أنه عندما خرج العرب من جزيرتهم ظهرت الحاجة إلى الخطاب العربي لأنه دخل في الإسلام عنصر من غير العرب.
ولكن على ماذا يقوم الخطاب؟
هناك شروط للخطاب هي:
* أن يصدر الخطاب من متخصص.
* معرفة ثقافة الآخر.
* مطابقة النظرية للواقع.
وبناء على ما سبق قام المفسرون والبلاغيون بالاستفادة ممن كانوا على الديانات السابقة.
وقابل الخطاب العربي معضلة مع العنصر الفارسي والسبب أن العناصر الأخرى كانت تحمل ديانات سابقة ما عدا الفرس.
فالعنصر الفارسي كان هو المهيمن وانقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 قسم أسلم وحسن إسلامه ومنهم علماء وسفراء.
2 قسم أسلم ولم يؤمن ومنهم بشار بن برد، وعبدالله بن المقفع.
3 النوع الذي تمسك بزندقته رعاه رجل اسمه المقنع في خراسان.
هذا الخطاب الرافض قابله الخطاب العربي بالحجة، وبناء على ذلك ظهر العصر الذهبي ومن ذلك ما حصل بين الحسن البصري وتلميذه واصل بن عطاء، وما حصل بين الفراهيدي وبين الفكر المعتزلي ونجد من أقوى الخطابات التي اعترف لها المستشرقون قصيدة أبي تمام:
السيف أصدق أنباءً من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
فهو أقوى خطاب هز الروم.
الخطاب الثاني في قصيدة المتنبي:
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة
ووجهك وضّاح وثغرك باسم
وقد حاول بعض الشعراء بعدهم ولكن لم ينجحوا.
إن من أسوأ ما مر على الأمة العربية ثلاثة عصور: العصر الأيوبي، والمملوكي، والتركي.
فهل ظهر بعد ذلك خطاب يعلم عن المجتمع الآخر شيئاً يخاطبه؟
ظهرت في أواخر الدولة التركية بعض خطابات العوربة ضد خطاب التتريك ولكنه كان خطاباً مشتتاً، وخَفَتَ هذا الخطاب ولكنه ظهر مرة ثانية بعد الثورة في مصر والذي سمي بالخطاب الناصري، وظهر بجواره خطاب الأسلمة الذي تزعمه عناصر غير عربية، حيث قالوا: لا تقل أنا عربي ولكن قل أنا مسلم ولم تكن لهم قاعدة فهي خطابات نظرية ولم تقم لها قائمة.
ونحن نعلم أن حملة نابليون على مصر فتحت أذهان الكثيرين نحو العرب وقد اختارت مصر لأسباب ثلاثة:
1 الموقع الجغرافي. 2 الكثافة السكانية. 3 إن الثقافة في مصر قابلة للتأقلم مع الفرنسية.
وكان هناك المتقوقع والمنفتح.
وفي مجمل حديثه عن الحداثة بيّن انها ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية وكونها ترفض كل قديم فهذا أمر مرفوض.
وأضاف وبعد الحرب العالمية الثانية انفتح العالم فأصبح كالقرية.
والسؤال هل استطاع الخطاب العربي التعامل مع هذه المخترعات؟
من العلوم التي دخلت إلى مصر اللغة الإنجليزية وكان المنتشر ألفية ابن مالك، فقالوا نعلِّمها على مثال الألفية فكان النظم ومن ذلك:
القطُّ كاتٌ والفار راتٌ
والنهر عندهم يدعونه رِفَرُ
وكذلك الجغرافيا
وانقسم المجتمع إلى قسمين:
قسم متحجِّر، وقسم متفسِّخ، ونحن نريد الوسط الذي بينهما وخلص إلى الحداثة التي بدأت على أن أساس القصيدة العربية معقدة ولابد من اختراع لغة جديدة.
وأورد نماذج من شعر الحداثيين.
وأضاف أن هذا الخطاب الذي أراد ان يحضِّر ويجدد في اللغة والفكر خطاب عقيم وذلك للأسباب:
1 تبني بعض الصحف لبعض الحداثيين مع ان القائمين عليها ليسوا مقتنعين بذلك.
2 ضعف التيار الحداثي.
3 خَلَق التيار لنفسه أعداء حتى من التيار الوسطي.
4 خدع أعضاؤه بما ينشر.
5 لم يحترم البعض منهم الثوابت الدينية.
6 لم يكن الناقد الحداثي متمكن.
وهذا التيار قضى على نفسه بنفسه.
* وفي ختام المحاضرة طالب د. القحطاني بأن نكون واقعيين في ردنا على الآخر حيث نحن بحاجة إلى خطاب عربي إسلامي ولا يمكن الفصل بينهما.
وإذا أردنا أن يكون لنا خطاب مؤثر في الآخر فهناك بعض الاقتراحات:
1 احترام الرأي الآخر، ولنا في رسول الله عليه السلام أسوة حسنة.
2 مناقشة الأمور العامة والخاصة.
3 معرفة ثقافة الآخر.
4 القدوة الصالحة.
5 نبذ الازدواجية الشخصية.
6 نبذ الإقليمية والمذهبية.
المداخلات
أجاب الضيف على بعض الأسئلة وعلَّق على بعض المداخلات.
|