يقال في علم النفس «ان نفوس البشر كالمواد الكيميائية بعضها يتفاعل مع بعض والبعض الآخر غير قابل للتفاعل وإذا حدث ذلك فالنتيجة البديهية له تتمثل في ان الطرفين يتعرضان للتحول وبقدر ما يكون ذلك التحول قويا ومؤثرا يكون الرباط الوجداني الذي جمع الشخصين قويا ومؤثراً».
وهذا ينطبق على العديد من العلاقات الإنسانية التي تختلف أنماطها لكن من الضروري الاعتراف بأن معظم هذه العلاقات الإنسانية في عصرنا هذا افتقد إلى مصداقيته فأصبح روتيناً نسمع به ونردده على الملأ في حين أننا جاهلون به من حيث المعنى والواجب.
والأمثلة على ذلك كثيرة أبرزها:
(العلاقات الزوجية)
فللمرأة ان تسأل نفسها مرارا وتكرارا كيف تستطيع ان تجعل من بيتها جنة ومن نفسها سكنا لزوجها سواء أكانت عاملة أم غير عاملة، وكيف لها ان تذود عن حياض مملكتها عندما تشعر بأن أجراس الخطر تطرق بابها، كذلك الرجل ينبغي ان يسأل نفسه لماذا الزوجة دائمة القلق من جانبه؟ أو لماذا لا تعيره اهتمامها بقدر ما تعطي بسخاء واضح لأبنائها أو حتى عملها؟ وماذا عساه ان يفعل؟!
هذه للأسف باتت هي العلاقة الزوجية مجرد تساؤلات ومخاوف وفي أحيان كثيرة تتحول إلى جمود أو رضوخ من أحد الطرفين، ولكن ولكي يتدارك الموقف ليصل كل إلى مبتغاه لا بد من تطبيق ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه أولا، كما يستوجب على كل منهما البذل لاسعاد الطرف الآخر قدر المستطاع ولكن كيف يتم ذلك هذا بالتأكيد يتوقف على ما سيفعله كلا الطرفين.
(العلاقات الأخوية)
في كثير من الأحيان تفقد هذه العلاقة السامية الرفيعة حميميتها اثر خلافات عدة من أبرزها الخلافات المالية والتي تولِّد الحقد والكراهية بين الأشقاء وقد تصل إلى حد القطيعة التي نهى عنها المولى عز وجل في محكم كتابه وفي أكثر من موضع.
ويا لها من مأساة حقيقية عندما نعلم ان هناك أشقاء يعيشون في منزل واحد ويأكلون من مأكل واحد ويشربون ويتنفسون ذات الشيء إلا أنهم يجهلون تماما معنى الإخاء فالغضب مسيطر والأنانية تفرض نفسها.
وللأسف باتت هذه هي العلاقة الأخوية مجرد أخوة بالبطاقة ولكن لكي يتدارك الموقف لا بد من تدخل سريع من قبل الوالدين قبل ان يحدث ما لا تحمد عقباه.
(علاقات الجوار)
أصبح من المألوف ان نقرأ التعازي في الصحف اليومية أو نقرأ عن حادث بشع وقع لإحدى الأسر ولكن يا لها من مفاجأة مخجلة حينما نعلم أنها تذكر أو تشرح حال أحد سكان الحي الذي يسكنه أي من جيراننا وكلنا يعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصانا بسابع جار وظل يوصي بالجار حتى ظن أحد الصحابة رضوان الله عليهم انه سيورثه، وأريد ان أسأل أنفسنا وبكل مصداقية هل عملنا بالوصية؟ أم أننا اكتفينا بمعرفة الأسماء حينا والألقاب حينا!! دون ان ندري هل هذا الجار يحتاجنا أم لا.
وللأسف باتت هذه هي علاقة الجوار مجرد اكتفاء بالظاهر بحجة مشاغل الحياة اليومية.. ولكن لكي يتدارك الموقف لا بد من تعزيز الروابط ابتداء من مسجد الحي.
(علاقات الصداقة)
يقول د.جان ياغر مؤلف كتاب الصداقة حتى لو كنت تنتمي إلى عائلة مترابطة فلا بد لك من أن تشق طريقك في الحياة يوما وحينها سيكون لك أصدقاؤك القدامى والجدد متاحين لك كلما أحسست بالرغبة في التواصل الوجداني مع الآخرين.
ولكن هل هناك صداقة حقيقية فعلا في هذا الزمن؟ وهل هؤلاء الذين نعرفهم كأصدقاء جادين في التواصل معنا في السراء والضراء أم أنهم عابرو سبيل، ان هذه التساؤلات وغيرها أصبحت ذات الصوت الأعلى حتى أننا أصبحنا نردد وبدون وعي منا خير صديق في الزمان كتاب، على الرغم من اننا قد لا نقرأ، بل نكتنز الكتب في مكاتبنا؟!! تماما كما ردد ويردد الغربيون إذا عز الأصدقاء من البشر، فلا بأس ان يكون الكلب صديقي!!!!!
ولكي يتدارك الموقف لا بد من وجود استعداد لدى الفرد لتطوير علاقته مع بعض الناس خارج حدود حياته اليومية الرتيبة.
تنوير
ان هذه العلاقات بعض من كل، لكني دائماً ما أوعز هذا للنقلة الكبيرة التي اجتاحت المجتمع وما تبعها من تحمل عبء الفجوة التي أحدثتها.
ومع ذلك فإن عدم المبالاة بهذه العلاقات الإنسانية وغيرها وعدم السعي قدماً للعناية بها وتطويرها.. وبالتالي رميها في مهب الريح لتلقى حتفها مما يجعلنا بالتأكيد نعيش في عزلة واغتراب روحي ونفسي يهدد كياننا البشري.
HASNAH111@HOTMAIL.COM
|