العقلاء، لا يريدون، مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة، في وضعها النفسي، والسياسي الحالي.
* والعقلاء، عادة، لا يفضلون، الانجراف، إلى مجابهات، غير محسوبة، تهدر الوقت، والجهد، والمال، وتستنزف الموارد. وهم يحاولون، عدَم الوقوع، في فخاخ، منصوبة، يخطط لها آخرون، أو يفرحون لها، وبها.
* والعقلاء، الطّيبون، المخلصون، في محاولة، تقييمهم للعلاقات العربية الأمريكية، ورسمهم لسياساتهم الوطنية، والإقليمية، تجاه الولايات المتحدة، يجهدون، حقا، لتجنيب أوطانهم، ومنطقتهم، مشاكل المجابهة، والاشتباك الطائش مع القوة الكونية العظمى، وهي ترمي بأثقالها العظيمة على طول الكون، وعرضه، مُزَمُجَرةً، مبحلقةً، شَاخِرةً، ومتهدجة.
* وحتى، يستطيع هؤلاء العقلاء الطيبون، ان يحققوا اهدافهم الطيبة، ويرسموا سياساتهم العاقلة المتوازنة، يجب عليهم ان يفهموا هذه الولايات المتحدة الأمريكية، ويستوعبوا أهداف سياستها الخارجية، ومراميها، ويفسروا «الاشارات»، و«البلاغيات»، في منطقها.
* ماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية، من العالم، ومن منطقتنا ودولنا؟
* سيقول البعض هذا سؤال، بارد، وسخيف، لأن التصريحات واضحة، و«التسريبات» مقصودة، والأفعال، لا تترك مجالاً للشك، حول النوايا والأهداف.
* ولكنَّ، الباردين، السخفاء، يتساءلون، هل تلك، التصريحات والتسريبات، وهذه الأفعال، تعكس، تغيراً، حقيقياً، جوهرياً، دائماً، ومستمراً، في السياسات الخارجية الأمريكية أم أنها تعبير، مؤقت، وانعكاس، لإدارة أمريكية معينة، لا تلبث ان تَرحل، أو لمجموعة معينة داخل هذه الإدارة الأمريكية، لا تلبث، ان تتراجع، أو لتيار، صاعد منظم داخل المجتمع الأمريكي، لا يلبث ان يستنفدَ زَخَمه، فتتغلب عليه، أو تحدَّ من غُلوائه، القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في ذلك المجتمع؟
* بعض المتابعين للشأن الأمريكي، والعارفين به، يقولون ان الخطوط الإستراتيجية الكبرى، للسياسة الخارجية تصنعها، عادةً، «المؤسسة» الأمريكية، ولا تعتمد، على رئيس معين، أو إدارة هذا الحزب، أو، ذاك، أو على مجموعة إيديولوجية معينة، داخل الإدارة، وهؤلاء ينصحوننا، بأن السياسة الأمريكية الجديدة، خرجَت إلى العالم لتبقى، وتستمر وان ما نسمعه من الإدارة، والاعلام، وما نراه من التحركات هو تعبير حقيقي أصيل عن «الأمريكي» الجديد ولذلك، يجب ان ندع الأوهام والتمنيات جانباً، وان نستعد للتعامل مع هذا «الأمريكي» على أسس جديدة.
* هناك، من يقول، ان أمريكا الحالية، هي كيان، خائف ، مضطرب داخليا، وخارجيا، وتمر بظروف نفسية سيئة، بعد كارثة الحادي عشر من سبتمبر، وان علينا، أن نحتفظ بهدوئنا، ونلاطفها، ونلاعبها، حتى تهدأ، وتستكين، وتعود إلى رشدها، أو حتى يؤدي التفاعل بين القوى السياسية والاجتماعية، في المجتمع الأمريكي، إلى اعادة التوازن، في الرؤية الأمريكية، نحو نفسِها، والعالم من حولها.
* يقولون، ويقولون ونحن نسمع، ولا نعرف، حقاً ، ماذا نقول، أو نفعل.
* وبصَرف النظر، عن النوايا، والأهداف، فإن، «أمريكا الجديدة» قد أطلقت العنان، لِقُوى، وتيارات، وتغيرات، تكتسب زخماً ذاتياً، تراكميا، يصعب التحكم فيه، أو التنبؤ بنتائجه، وتفاعلاته الدولية، والإقليمية، والقطرية.
* العقلاء، لايصرفون وقتهم، فقط، على محاولة فهم، ارادات الآخرين، وتوجهاتهم، ونواياهم، بل لابد من تفعيل إراداتهم، ومبادراتهم، واعداد انفسهم، لأسوأ «السيناريوهات»، وأصعبها دون أن نفقد هدوءهم، وتوازنهم.
* سنصْرف عمرا طويلاً، لا نملكه، لفهم نوايا امريكا، وإرادتها، ولابد، ان نصرف على الأقل شيئاً منه، لنفهم، ماذا نُريد، ونرغب، ونستخدم امكاناتنا الوطنية، وجهدنا الاقليمي، لتفعيل تلك الارادة، وتحقيق تلك الرغبة.
* ماذا تُريد امريكا.. سؤال مهم جداً، ولكن الأهم منه: هو ماذا نُريد نحن.. وهل نحن عازمون على فِعل ما نريد؟
| 
