هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اسم جميل يسعد قلوب المسلمين المرتبطين بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويثلج صدور الغيورين على دينهم ومجتمعهم وأمتهم، لأنهم يعلمون علم اليقين أن اضطراب الأمن واشتعال الفتن، وهلاك بعض الأمم إنما يحصل عندما تغيب عنهم هذه «الشعيرة» الجميلة { )كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) }.
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جملة ذات إيقاع وتناسق ومقابلة بديعة أمرٌ ونهي، معروف ومنكر، ونحن أمة معروف يمحو آثار المنكر، وأمةُ دعوةٍ إلى كلِّ فضيلة وخير وعدلٍ واستقرار، وأمة نهي عن كل رذيلة، وشرٍ وجورٍ واضطراب، أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر جزء من أهم أجزاء تكوين شخصيَّتنا المستقرَّة الواعية التي تنطلق إلى غاياتها الكبرى في وضح النهار، وتحت ضياء الشمس الساطعة.
ولنا أن نتخيَّل مجتمعاً يعيش الناس فيه بلا أمرٍ بمعروف ولا نهي عن منكر، كيف يكون؟ عفواً نسيت أو أقول: لنا أن ننظر إلى المجتمعات البشرية المعاصرة في الغرب والشرق التي لا تطبق هذه الشعيرة العظيمة كيف حالُها ؟
لأنه لا مكان هنا للتخيُّل مادام الواقع في هذا العصر يعطينا شواهد على آثار ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث تصبح الأخلاق الفاضلة، والسلوك المستقيم والأعراض والقيم الإنسانية ضحايا ظاهرة للعيان لترك شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. المجتمع الإنساني إذا ترك للناس العنان، انحدروا عن مستوى البهائم كما ذكر الله ذلك في قوله {أٍوًلّئٌكّ كّالأّنًعّامٌ بّلً هٍمً أضّلٍَ } وكما يؤكده لنا واقع حياة الناس في المجتمعات المحرومة من هذا الفضل العظيم الذي منَّ الله به علينا في هذه البلاد المؤمنة بربها، تلك المجتمعات التي يفعل فيها الإنسان ما يشاء، دون زاجرٍ أو واعظ، فالحريات الشخصية «المنفلتة»، أهم عندهم من ضوابط الشرع، وموازين القين والأخلاق، ومن هنا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طريقا للإصلاح وتحقيق الأمن والاستقرار، لابد منه لمن أراد حياةً فاضلة كريمة آمنةً مستقرة.
هذه المعاني تتجلَّى في بلادنا ولله الحمد بصورة واضحة، وترسم أمامنا لوحةً بديعة مشرقة لمجتمع يرعى الفضيلة ويسمو بالإنسان إلى درجات الملائكة الأخيار، والصالحين الأبرار في غير عَنَتٍ ولا مشقة، ولا تطرُّفٍ ولا تنطُّع ولا تهويل ولا تضليل، ولا اعتقادٍ بأن الناس يجب ان يكونوا على مستوي واحد من الصلاح والخيرية، ولا أحكامٍ جائرة على نيَّات الناس وسرائرهم. «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» يكبح جماح الانحراف، ويحول بين أصحاب الأهواء والشهوات وبين ما يريدون من انحرافٍ عن الطريق القويم، ويُسهم في رعاية الأمن في هذه البلاد بما يكشفه من أساليب الانحراف الخلقي والسلوكي، ومن خلايا المسكرات والمخدرات التي تحطِّم أمن المجتمعات. هذه الأعمال الجليلة، أشار إليها بوضوح صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل في الحفل الختامي الذي أقيم في «الحَبَلة» يوم الجمعة 10/6/1424ه، بمناسبة انتهاء أعمال وأنشطة المخيَّم الناجح الذي أقامته هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أبها على مدى شهرٍ كامل، حيث امتدح الأمير خالد نشاط هذا المخيم، وأكَّد أهميَّة الدور الكبير الذي تقوم به رئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة بصفة عامة، مشيراً إلى تميُّز المملكة رعاها الله بهذا العمل الإسلامي الكبير، وهذه الشعيرة التي تحرص عليها حكومة المملكة العربية السعودية لإيمانها بأنها واجب شرعي لا يجوز التهاون به. هناك في الحبلة كان اللقاء متميِّزاً رائعاً قلت عنه في بداية مشاركتي في الحفل: «هنا تجتمع للشعر جميع العناصر، جوٌّ لطيفٌ ساحر، وغَيمٌ متكاتفٌ ماطر، وظلالٌ وارفةٌ من المودَّة وصدق المشاعر، أفلا يخفق لذلك قلب الشاعر». صورة بديعة من عشرات الصور التي نراها في هذه البلاد حفظها الله من كيد الكائدين ، ومؤامرات المتآمرين فتحية لخالد الفيصل الذي تدفَّقَتْ كلماته رقراقةً في ذلك الجو البديع، ولجميع العاملين في مراكز الهيئة المضيئة في أبها، وفي غيرها من أرجا بلادنا.
إشارة
هنا أبها ألست ترى بهاءً
تُطرَّز منه للحسن الثيابُ
تحدِّث عنه ألسنة القوافي
حديثاً لا يكذِّبه الضبابُ
|
|