بلغت العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية شأناً عظيما ورسخت بجذور ضربت في الارض إلى حد المنتهى، وسار البلدان بقيادتين حكيمتين علي نهج قديم ودبلوماسية غاية في الشفافية تولي هذه العلاقة كل اهتمام وتحرص على تميزها وتكاملها في شتى المجالات مما يصب في مصلحة الشعبين الشقيقين ويعلو من قامة الامة العربية والإسلامية ويساهم في الدفاع عن حقوقها والذود عنها ودرء العدوان الذي يريد إلغاء عروبتها وإفناء كرامتها وهو يفتح فكيه لالتهامها لقمة سائغة في ظل غفلة كبيرة ومخطط أكبر مما يتصوره الناس جميعا، لكن ما يزيدنا اطمئناناً وثقة رغم ما يعترينا من تمزق وشتاب رهيب عصيّ اللملمة في زمن الاحادية واختلال موازين القوى وفرض الهيمنة القسرية والجبروت الإسرائيلي والموالاة الأمريكية التي أخجلت حتى أهل صهيون ذاتهم، فرغم كل تلك البلاوي ومركوزاتها المتناقضة ها نحن نلوذ فرحا بمثل هكذا علاقة أصيلة نظيفة حكيمة راشدة تثلج الصدر وتوحي بأمل عريض تجمع بين بلدين عربيين لهما وزنهما في منطقة الشرق الاوسط ولا يمكن لأي كائن من كان أن يتجاوزهما في رسم أي مشروع مقبل للسلام على الموقد الملتهب «فلسطين».
فهنا في المملكة والحمد لله نجد قيادة بلغت من الرشد والنضج السياسي والتخطيط الدقيق مرحلة تمكنها من اختراق عباب البحر الهائج والمتلاطم الأمواج سواء كان ذلك على الصعيد الإقليمي أو الدولي، ومواقف المملكة مشهودة من قديم الزمان ورؤيتها جد صائبة لكثير من المحن والأزمات والمعضلات التي نزلت بالأمة يوم أن جيء إلى المنطقة «بمسمار جحا» إسرائيل، ومضت قيادات المملكة المتعاقبة تتوسم ذات النهج الأصيل الذي أرسى قواعده المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وجاء من بعده أبناؤه البررة ليتبعوا ذات السياسة الراسخة والنهج القويم الذي ينبع من أصل الدين ومصلحة الامة وهكذا سارت الدولة محفوفة بالعناية الإلهية إلى أن تسلم الأمانة قبل عقدين من الزمان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود باني نهضة ومجد المملكة في عصرها الحاضر وواضع أسس الدولة الحديثة وصاحب الدور المحوري في قيادة مسيرة النماء من خلال ما اختزنه من تجربة عميقة وما تميزت به شخصيته من حكمة وعقل راجح وبعد نظر وذكاء كبير وحسم وعزم ومتابعة دقيقة لتغدو المملكة في ظل قيادته الحكيمة ملتقى القُصَّاد من العالمين العربي والإسلامي ومحور اهتمام كل الشعوب المحبة للسلام وذلك بعد أن رسخ في عهده الميمون موقع المملكة على خارطة الحدث السياسي لتلعب دوراً بارزاً على صعيد المنطقة ولتقف إلى جانب الأشقاء العرب وتساهم في دعم القضايا المصيرية لأمتنا.وقد فتح الله على الجميع بخيرات الأرض الظاهرة والباطنة وعاش الناس هنا بفضل الله وفتوحاته وبركاته التي تنزلت على البلاد في بحبوحة من رغد العيش وانقلبوا بنعمة من الله وفضل ووجدت هذه النعمة قيادة رشيدة وظفتها في المصلحة العامة وكل ما من شأنه اصلاح احوال البلاد والعباد وجادت بما فاض منها على الاشقاء العرب والمعوزين والمحتاجين في مشارق الارض ومغاربها وعم خيرها على أوطان المسلمين أجمعين، ورأينا كيف حلقت طائرات السعودية حاملة الهبات والعطايا والمكرمات من الاغذية والملبوسات والأدوية، هدايا خادم الحرمين الشريفين لمن تقطعت بهم السبل ونزلت بساحتهم الرزايا والابتلاءات بشتى صنوفها، وتسير المسيرة المباركة رغم نباح المغرضين وصياح الحاقدين وولولة قاصري النظر وفاقدي البصيرة.
ونجد سوريا الدولة الفتية تشهد انفتاحاً اقتصادياً وسياسيا واعلاميا يقوده الرئيس الدكتور بشار الأسد الذي أكد انه قادر على إثبات الذات، وقد توفرت فيه مقومات الزعامة ومستحقاتها ومتطلباتها يحمل شرعية الحق ويستمد العون منه جل جلاله ليطور مدرسة السياسة والإدارة ويرعي شؤون العباد والبلاد ويتقدم بخبرة الطبيب البارع يجري عملية جراحية سياسية مستعصية لجرح غائر ومحتقن بمخلفات شديدة الحساسية، لكنه استطاع وبحنكة سياسية مداوة الجراح القديمة وتفتيت حصوات الخلافات السياسية لتعزيز التضامن العربي، وكان أن وجد من قادة المملكة اكرم دعم وخير مؤازرة حيث بادلوه تحية بتحية وحباً بحب ووفاء بوفاء وعملاً بعمل لتستقر الأحوال وتهدأ العواصف في دروب السياسة الوعرة، وقد بدأ الدكتور بشار من حيث انتهى والده الرئيس الراحل حافظ الأسد في الحرص على دعم العلاقات بين المملكة وسوريا التي تتميز بصلابتها وببعدها الاستراتيجي وأخذ يعمل سيادته مع القيادة الحكيمة للمملكة لكل ما من شأنه تعزيز وتطوير العلاقات لما فيه خير البلدين الشقيقين اللذين كانا على الدوام يعيشان حالة تكامل في التعاون المشترك بما تربطهما من وشائح مميزة عبر التاريخ.وها قد امتزجت هموم القيادتين هنا في المملكة وهناك في الجمهورية العربية السورية لتحط للشعبين الشقيقين نهجاًً مستقيماً من الحميمية والتآلف والمودة ولتزرع في نفس الشعبين معاني الوحدة والاخوة وليس اكثر مثالاً على ما ذهبنا إليه من هدية الحب والتمور التي أرسلها مولاي الفهد خادم الحرمين الشريفين لأشقائه في سوريا مصحوبة بوفاء المودة وديمومة الألفة وحبل الله المتين، وكان للهدية وقع كبير في نفوس السوريين كونها تؤكد عمق ومتانة الروابط القوية بين الشعبين الشقيقين كما تبرز ألق العلاقات المتميزة بين القيادتين اللتين تحرصان على التنسيق والتشاور لكل ما من شأنه خدمة القضايا العربية والإسلامية فشكراً للمليك المفدى على هديته القيمة وشكراً للقيادة السورية التي أنزلت الهدية منزلتها التي تستحقها وقاسمتها بين الضعفاء والمساكين والفقراء ونزلاء الدور الخيرية ومعاهد ومؤسسات الخدمات الاجتماعية هناك.
(*) عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال/الرياض فاكس014803452
|