Sunday 10th august,2003 11273العدد الأحد 12 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

2-3-1386هـ الموافق 22-6-1966م العدد 100 2-3-1386هـ الموافق 22-6-1966م العدد 100
رأي سياسي.. بولندا في طريق الإصلاح المتعثر

كانت بولونيا الدولة الاولى بين دول اوروبا الشرقية التي سمحت بتوجيه النقد العلني لمركزية التخطيط الاقتصادي في النظام الشيوعي. كما كانت الدولة الاولى ايضا التي جاءت «بنموذج اقتصادي جديد». ومع ذلك فقد كانت بولونيا بين آخر الدول التي بدأت بوضع الاصلاحات اللازمة موضع التنفيذ.
وقد بدأت هنغاريا ويوغسلافيا بتوجيه اقتصادهما نحو انتاج المزيد من السلع الاستهلاكية حتى على حساب الصناعة الثقيلة. كما ان تشيكوسلوفاكيا والمانيا الشرقية وحتى الاتحاد السوفياتي نفسه قد شرعت باجراء تجارب جدية ولو انها على نطاق متواضع في نطاق اشكال جديدة من الحوافز الاقتصادية.
وبالمقارنة، لا يوجد في بولونيا سوى عدد ضئيل من الهيئات الاقتصادية التي تسير اعمالها على اساس الربح بدلا من ان تسيرها على اساس كمية الانتاج. وتكاد تكون الصناعة البولونية اليوم مركزية بطابعها مثلما كانت عليه منذ تسع سنوات يوم قام علماء الاقتصاد في فرصوفيا يتحدثون عن المبادرات المحلية في المصانع وعن حوافز الربح وعن «التسعير المنطقي».
وقد اوضح واقع المعضلة الاقتصادية في بولونيا الاستاذ ستيفان يدروتشوفسكي رئيس لجنة التخطيط الحكومية..
فقال ان الاحداث برهنت على ان «الاحلام الشيوعية باقامة جهاز موحد يعمل بشكل آلي في الحياة الاقتصادية انما هي مجرد أحلام خيالية». واعترف ايضا بأن روسيا وبولونيا وغيرهما من الدول الشيوعية، على الرغم مما تقاسي من عجز ونقصان في حقل السلع الاستهلاكية مازالت منذ سنين تكدس كميات من السلع غير القابلة للبيع والتي لا يرغب فيها احد والتي فرض صنعها فرضا من قبل المخططين الصناعيين لا من قبل السوق. واستنتج قائلا نظرا لان نظام التخطيط المركزي لم ينجح فقد صار من الضروري توسيع نظام الربح ليشمل عدداً من الحقول الصناعية.
ومن الواضح أن بولونيا تمر الآن في فترة من الصراع الداخلي كغيرها من دول اوروبا الشرقية.. صراع بين رجال مدينين بوظائفهم لاتصالاتهم برجالات الحزب وبين علماء الاقتصاد ورجال ادارة الاعمال الذين يتفهمون حاجات الاقتصاد متطلباته المعقدة والمتشابكة.. ويعود الجزء الاكبر من بطء تطبيق الاصلاح الاقتصادي في بولونيا الى مقاومة خفية صامتة من قبل بعض كبار شخصيات الحزب الذين يشعرون بأن الدور القوي الذي يلعبونه الان تهدده اللامركزية في حقل اتخاذ القرارات الرئيسية في الاقتصاد.
ويعترف أكثر زعماء بولونيا بضرورة اجراء اصلاحات جذرية في الاقتصاد الوطني. ولكن تحديد الاسعار سيبقى مركزياً بطابعه، كما أن اتخاذ القرارات انتزع من ايدي الوزراء ولكنه لم يعط لادارات المصانع بل نقل الى هيئة الجمعيات الصناعية الوطنية التي يرأسها بيروقراطيون يسيطر عليهم تفكير حزبي وليس لهم الكثير من الخبرة الفنية.
فهل باستطاعة رجالات الحزب تحقيق اصلاحات فنية غريبة عن تقاليدهم؟ وهل باستطاعة المفكرين الاداريين ان يطغوا على المفكرين العقائديين؟ ان الاجوبة على هذين السؤالين هي التي ستقرر الى حد بعيد المستقبل الاقتصادي لشعب بولونيا.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved