لابد أن تعلن حالة تعبئة قصوى واستنفار مجتمعي كامل لدعم هذا المشروع، واعذروا استخدامي مفردات الحرب والمواجهة في هذا المجال، لأنني أراه من وجهة نظر خاصة هدفاً قومياً بالغ الأهمية يجب ان يشارك المجتمع في جميع شرائحه بأنشطته.
المشروع «الوطني الثقافي للكتاب» أولاً :أود أن أمنح باقة خزامى للقائمين على المشروع فكرة وتنظيماً ومتابعة، فيبدو أن ذلك المربع الثقافي المورق الوارف الذي تقع فيه مكتبة الملك عبدالعزيز، لا يكف عن إطلاق المشاريع النبيلة السامقة الطموحة، ابتداء بمشاريع الحوار والقراءة ورعاية الموهوبين، وأرى بأن جميعها متصلة ومتداخلة، وتصب في قناة الهم الوطني الذي بات من الواجب ان يشحذ نصاله ضد مخلوقات الظلام والكآبة والوجوم التي كانت تعربد في الساحات لفترة ليست بالقصيرة.
كتبت كثيراً عن أهمية القراءة كوسيلة، كمفتاح كأجنحة، كممرات، وجسور تجسّرها الكتب بيننا وبين مأزق الظلام، والقراءة هي قضية وعي، ويجب أن يتحول هذا الوعي إلى هم وطني، فطالما كانت الشعوب لا تقرأ ولا تنتقل بوعيها إلى مراحل أكثر تقدماً وتطوراً، فهي إذاً أرقام مجرد أرقام تتناسل وتأكل وتشرب، وتسفك الدماء.
القراءة لها بعدها الروحاني العظيم كأول كلمة في كتابنا المقدس، كانت هي كلمة الافتتاح التي أعلنت المشروع الإسلامي الخالد.
واليوم أين نحن من هذا؟ متى نقرأ وكيف وكم؟ الأرقام مخزية ومخجلة سواء على المستوى المحلي أو العربي.
نجيد تماماً كأهل أن ننفخ خدود أطفالنا بالطعام السريع المقرطس بالدهن والمرض، ولكن لم نقترح يوماً زيارة عائلية لمكتبة، مكتبة عامة أو خاصة، لم نطلل يوماً وإياهم على مشروع القراءة الثمين الذي توفره لهم مكتبة الملك عبدالعزيز، لم نحاول ان نزيل عن أحد رفوف المنزل التحف الباهتة المملة وان نرصف فوقه عقداً من الكتب المميزة المثرية للروح وللعقل.
ومن ثم نطلقهم إلى المجتمع ضحايا الهشاشة والسطحية، تتلقفهم أي فكرة، ويقودهم أي مطبِّل أو مزمِّر، أو ناعب يدَّعي بأنه يمتلك الحلول الشافية كلها لأوجاع العالم، القراءة هي درع ثمين ونادر يجعلنا قادرين على الموازنة وطرح الأسئلة، القراءة في نفس الوقت هي أجنحة تأخذهم بعيداً عن برك أو مستنقعات الحسية والغرائزية التي تطاردهم بها الفضائيات و(MTV)، القراءة هي الوعي الذي يدعم مواجهتنا في الجهاد الأكبر.
رجائي لكل أم الليلة قبل أن تحشو لأطفالها شطائر العشاء، تشاركهم قراءة كتاب أو مجلة، أو لربما موضوع في هذه الجريدة التي بين يديك، ستكونين خطوتِ خطوة في درب يأخذهم باتجاه العالم، بشر مكتملو الإرادة والمسؤولية والوعي.
|