* الرياض وهيب الوهيبي:
التقى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الأئمة والخطباء بمحافظة الطائف وذلك بمقر جمعية تحفيظ القرآن الكريم وبدأ سماحته كلمته بالوصية بتقوى الله، مبيناً ان التقوى هي وصية الله للأولين والآخرين موضحاً بأنها تقتضي محبة ما أمر الله به وفعله وكراهية ما حرمه الله وتركه.. قال بعض السلف مفسراً التقوى: ان تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو نوال الله وان تترك المعصية على نور من الله وتخشى عقابه.
ثم تطرق سماحته لبيان عظيم منزلة الإمامة وجسيم خطرها وذكر ان الإمامة في الكتاب والسنة قد جاءت على أنواع، منها الإمامة العظمى يقول النبي صلى الله عليه وسلم «الإمام راع ومسؤول عن رعيته».
ومن أنواع الإمامة ومعانيها انه الذي يقتدى به، في الخير أو الشر فمما جاء في الإمامة بالخير قول الله عز وجل عن إبراهيم الخليل عليه السلام: {إنٌَي جّاعٌلٍكّ لٌلنَّاسٌ إمّامْا}.
وقال سبحانه: {وّاجًعّلًنّا لٌلًمٍتَّقٌينّ إمّامْا}.
وقال سبحانه: {وّجّعّلًنّا مٌنًهٍمً أّئٌمَّةْ يّهًدٍونّ بٌأّمًرٌنّا لّمَّا صّبّرٍوا}.
ومما جاء في أئمة الضلال قول الله عز وجل في قوم فرعون: {وّجّعّلًنّاهٍمً أّئٌمَّةْ يّدًعٍونّ إلّى النَّارٌ}.
ثم قال وهناك الإمام الذي يؤم الناس في صلواتهم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم «إنما جعل الإمام ليؤتم به» وقوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» وقوله صلى الله عليه وسلم «الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن».
ثم شرع سماحته في توجيه أئمة المساجد بتوجيهات نافعة جاء منها قوله:
انت مسؤول أمام الله عن هذا المنصب العظيم والمهمة الكبرى وأنت ضامن لهم أمام الله عز وجل.
ليست الإمامة وظيفة هينة بل هي عظيمة شريفة، ومن عظمها عند السلف قال الصحابة رضي الله عنهم لأبي بكر رضي الله عنه «رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا أفلا نرضاك لدنيانا»، وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه قال: «مروا أبا بكر فليصل بالناس».
ونبه سماحته الإمام فقال: من أعظم مهماتك مراعاة وقت الصلاة ومراعاة الجماعة فلا تتأخر بالصلاة تأخراً يضر بهم ولا تستعجل استعجالا يضر بهم، واقتد بنبيك صلى الله عليه وسلم حيث كان يراعي جماعته ان رآهم ابطأوا أخّر وان رآهم عجلوا عجّل.
أخي الإمام أنت مسؤول عن أداء هذه الصلاة وفق سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه هي علامة السعادة، ودليل التوفيق والهداية.
والنبي صلى الله عليه وسلم علّم أصحابه الصلاة من فوق المنبر، وقال إنما فعلت ذلك لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي.
اهتم بمسجدك واعتن بمن تنيبه ان احتجت إلى ذلك.
أخي الإمام ليكن لك في جماعتك دور في تأليف قلوبهم وحل مشاكلهم ورأب الصدع إن وجد فتكون معهم قلباً وقالباً يألفونك ويحبونك، لا أخلاق شرسة ولا وشاية، تعود مريضهم، تساعد محتاجهم، تتفقدهم.
أخي الإمام قد ترى من بعض الجماعة تخلفاً عن الصلاة بالمسجد فلابد من النصيحة والتوجيه وزيارته لتحمله على الخير.
أيها الإمام قدم مسؤوليتك في المسجد على قضاء مصالحك وحاجاتك، وان احتجت لشيء من ذلك، فأنب عنك من هو أهل للإمامة.
ثم وجه سماحته خطابه إلى الخطباء خطباء الجوامع وناداهم بما يستحثهم على تحمل مسؤولياتهم، معدداً كثيراً من الأمور التي تنتظر منه، مذكراً بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو خطيب المسلمين الأول ودعا إلى امتثال هديه.
ثم حث سماحته الخطيب على تقوى الله وذكره بأن من امامه اقبلوا عليه ليسمعوا ما يقول، وقد نهوا عن الكلام واللغو أثناء الخطبة، فهم يترقبون ما يقوله فما عسى الخطيب ان يواجههم به، أيواجههم بقيل وقال أو كلمات جوفاء، أو بشحن القلوب بالعداوات، أو بكلمات لا يفهمون معناها ولا يدركون ما يقول، ليس هذا هو الطريق السوي.
إن الطريق السوي ان يعطيهم ما ينفعهم وليعلم ان امامة ذي العلم والمتوسط في الفهم ومن هو دون ذلك، فمن توفيق الله له ان يخاطبهم بما يستفيد منه العالم ويفهمه من هو دونه «حدثوا الناس بما يعقلون أتريدون ان يكذب الله ورسوله».
وشدد سماحته على وجوب الاخلاص لله عز وجل وبين أثره الطيب في النفوس وحذر من عكسه، يقول الله عز وجل: {يّا أّيٍَهّا الّذٌينّ آمّنٍوا لٌمّ تّقٍولٍونّ مّا لا تّفًعّلٍونّ} ويقول سبحانه: {أّّتّأًمٍرٍونّ النَّاسّ بٌالًبٌرٌَ وّتّنسّوًنّ أّّنفٍسّكٍمً وّأّّنتٍمً تّتًلٍونّ الكٌتّابّ أّّفّلا تّعًقٌلٍونّ}.
ووجه سماحته الخطيب بأن يستعد لخطبته ويحضر لها التحضير الجيد ويجعل سائر أيام الأسبوع مجالاً للبحث والتأمل في أحوال الناس وما يناسبهم وما يتوافق طرحه مع الوقت بحيث ينفع ويؤتي ثماره. وقال سماحته إن من المفيد تقسيم الخطبة إلى عناصر واضحة، وان يحرص الخطيب فيها على الاستدلال بالكتاب والسنة وكلام السلف.
مذكراً بأن الخطب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين خطب تعليم وتوجيه وموعظة. وقال سماحته إن في الكتاب والسنة ثروة عظيمة يستطيع الخطيب من خلالها توجيه الناس وإرشادهم. وبيّن سماحته ان المجتمعات تختلف فمجتمع تنتشر فيه صور من الشركيات فيجب ايضاح ذلك لهم وبيان الطريق الصحيح للناس بأسلوب دعوي ليّن لا بالعنف والزجر. ومجتمع ينتشر فيه التهاون بالصلاة يخطب الخطيب فيبين عظم قدر الصلاة وجليل منزلتها وإثم تاركها، وهكذا.
أيضاً ينظر الخطيب في المواسم مواسم الصيام والحج والزكاة ونحوها فيذكر الناس بفضلها وأحكامها.
يتحدث عن مكارم الأخلاق ويحث عليها وعن منكراتها فيحذر منها.
وأكد سماحته على ان الخطيب ينبغي له ان ينطلق في خطبته من آية أو حديث يبني عليهما خطبته لتكون خطبة مؤصلة نافعة.
وحذر سماحته من الطعن في الناس وشتمهم وسبهم وجعل المنابر أماكن لهذه الأمور المشينة.
ثم قال سماحته إن البعض من الخطباء يجتهد وما كل مجتهد مصيب، فيرى ان الحديث عن السياسة والأوضاع التي تحل بالأمة لابد ان يكون على المنبر، وهو في حديثه قد يشط عن الطريق المستقيم، وهذا من الخطأ فالناس يحدّثون بما يعقلون.
واستطرد سماحته قائلاً: انا لا أقول بعزل المنبر عن واقع الناس بل أقول لا يتحدث في هذه الأمور إلا من عنده بصيرة، أما ان يجعل حديثه تخرصات يأخذها من الصحافة أو من وسائل اعلام او فضائيات أو وكالات أنباء أو مواقع إنترنت، وكل هذه لها أغراض سياسة، فلا تأتيك بالأمر على حقيقته بل يصاع بما يخدم أهدافهم.
فلا ينبغي ان تكون مصدراً لنا نحكم بها على مجتمعاتنا. وبيّن سماحته اننا في مجتمع يحظى بنعم كبيرة يجب ان نتذاكرها ويحث بعضنا بعضا على شكرها حتى تدوم. وحذر سماحته من دعاة الضلالة والفتنة الذين يشككون الناس في ولاة أمورهم وعلمائهم، وحث الخطباء على السعي في جمع الكلمة والتحذير من الفرقة، مبيناً سماحته ان مجتمعنا محسود على أمنه وعلى تمسكه بدينه وعلى قيادته، فعلى الخطيب ان يوجه المسلمين ويحذرهم من دعاة الضلال وممن امتدت أيديهم إلى الأعداء ضد ديار الإسلام.
ثم نبه سماحته إلى ان من السنة تقصير الخطبة وطول الصلاة.
وكرر سماحته التوجيه بتلمس مشاكل المجتمع وعلاجها وفق شرع الله مذكرا بمسؤولية الخطيب وان الله سائله عما يقول: {مّا يّلًفٌظٍ مٌن قّوًلُ إلاَّ لّدّيًهٌ رّقٌيبِ عّتٌيدِ}.
ثم طرحت بعض الأسئلة التي تهم الحضور وأجاب عنها سماحته بما ينفعهم.
|