Sunday 10th august,2003 11273العدد الأحد 12 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رسالة العصر «2/4» رسالة العصر «2/4»
الشيخ سلمان بن فهد العودة

من واجب المسلم في الفتن، وهي أحد المتغيرات التي تلم بالناس:
أولاً: حفظ اللسان، فاللسان في بعض الفتن أشد من وقع السيف.
ثانياً: الإخلاص للّه تبارك وتعالى والنية الصالحة، فإن النية مطية الإنسان وعمله، ولكن النية لا تكفي وحدها، وربما يقول بعضهم إن الطريق إلى الخطأ والنار مفروش ببعض النيات الطيبة، فلا بد مع النية الطيبة من العمل الصالح، ولهذا أجمع العلماء على أن لا قبول للعمل إلا بشرطين:
1 الإخلاص للّّه عز وجل.
2 الصواب باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الصواب رعاية المصالح العامة، وفعل ما هو الخير والأفضل لعامة الناس وخاصتهم.
ثالثاً: الصبر والهدوء وعدم العجلة، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه.
رابعاً: المشورة فإنه ما خاب من استخار ولا ندم من استشار.
وأذكّر بكتاب لطيف جميل، وهو موقف المسلم من الفتن: وهو رسالة علمية للأستاذ حسين الحازمي، كما أذكّر بشريط مماثل للشيخ ابراهيم الدويش.
{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) (طـه:130) }
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عن ابن عمر: «الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهل وماله» أي فقد أهله وماله، وهي أعظم خسارة والمعنى الذي تفوته صلاة العصر أي يؤخرها عن وقتها سواء وقت الاختيار أو وقت الضرورة.
وعن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ترك صلاة العصر فقد حبط علمه».
ولهذا عرضت صلاة العصر على من كان قبلنا فضيعوها، فمن حافظ عليها من هذه الأمة فله الأجر مرتين، هي التي فاتت سليمان بن داود ففعل بسببها بالخيل ما فعل.
وإذا كان العصر هو آخر النهار فعصر هذه الأمة المحمدية هو آخر الدنيا، ونهاية المطاف وأجمل شيء آخره، فنحن أمة المجد والعزة والتاريخ والانتصار، وأمتنا آخر الأمم وأعظمها وأولها دخولاً الجنة وأفضلها عند الله تبارك وتعالى شاء من شاء وأبى من أبى، ولتعلمن نبأه بعد حين.
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنه ونحوه أيضا عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجراء فقال: من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: ما لنا أكثر عملاً وأقل عطاء؟ قال: هل نقصتكم من حقكم؟ قالوا: لا. قال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء» فإذا كما نحن أمة العصر، ورسالتنا هي رسالة العصر، فينبغي علينا ان نكون شهداء على الناس، وكان خليقاً بنا ان نكون أكثر الناس علماً، وأحسن الناس خلقاً، وأعظم الناس حضارة، وأكبر الناس عقولاً، وأوسع الناس تأثيراً، وأعرف الناس بمصالح الدنيا والآخرة، وأدرك الناس بهذا الواقع.
أما واقع الحال اليوم فنحن أمة مستهلكة، أمة مغزوة مقهورة، أمة محتلة في أراضيها في غير ما بلد من بلاد الإسلام، وشعوب المسلمين في غالب أمرها ضحية الضخ الإعلامي الفاسد.
65% من فقراء العالم هم من المسلمين.
80% من اللاجئين في العالم من المسلمين، وعلى الرغم من ان المسلمين يمثلون ربع أو خمس سكان الكرة الأرضية غير ان نصيبهم من الاقتصاد لا يتجاوز 6%.
إن الفتاة اليوم تعرف المئات ممن يشكلن لها مثلاً أعلى من ممثلة وغانية وراقصة وفنانة ومقدمة برامج وعارضة أزياء بل عارضة أجساد، ولكننا حين نريد ضرب المثل الجيد من الواقع يرجع البصر إلينا خاسئاً وهو حسير، ولهذا نفزع إلى التاريخ، ونتحدث عن زينب وخديجة وعائشة وسمية وحفصة..
فلم لا يوجد في واقعنا وعصرنا ومجتمعنا ونحن أمة العصر وأمة الشهود أمثال القمم الشامخة من القدوات للكبار والصغار من الرجال والنساء.
هل عقمت أرحام الأمهات عن مثل هذا؟! كلا ثم كلا.
ربما كنا على رغم فقرنا وضعف حالنا وشدة حاجتنا والتحديات التي تواجهنا مشغولين بتدمير بعضنا البعض، وكأن المطلوب في الناس الكمال.
كما يحسن التحذير من بعض الكتب التي تتكلم عن عمر هذه الأمة، وتحدد أزمنة معينة، وتتناول أشراط الساعة بطريقة غير علمية ولا شرعية.
قد تكون هذه الكتب وغيرها كتبت بحسن نية، ولكنها تهجم على الغيب، وتربي الناس على الاتكالية والانتظار وتمهد لبعض المواقف السلبية اعتماداً على الحديث الذي مر في مثل المسلمين واليهود والنصارى وأشباهه..
ثانياً الإنسان:
* كل الإنسان، وحين يخاطب الإنسان في القرآن فهذه إشادة.
{يّا أّيٍَهّا الإنسّانٍ مّا غّرَّكّ بٌرّبٌَكّ الكّرٌيمٌ} الانفطار: (6) {إنَّا خّلّقًنّا الإنسّانّ مٌن نٍَطًفّةُ} الإنسان:( 2)، {)وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الاسراء:70)
قال ربنا الحكيم: {إنٌَي أّّعًلّمٍ مّا لا تّعًلّمٍونّ} *البقرة: 30*، وهذا إشادة ظاهرة بجنس الإنسان وخصوصيته وكفاءته ومسؤوليته، والعقاب والعتاب يكون على قدر المسؤولية، وقوله تعالى {لّفٌي خٍسًرُ} أبلغ من أن نقول: «إن الإنسان لخاسر» لأن الخسر حينئذ كأنه إناء أو وعاء يحيط بالإنسان من كل جانب، وهنا يكون التنكير للتهويل والتعظيم أي أنه في خسارة عظيمة، فما أشد خسارته وما أعظم غبنه.
فالحياة سوق والعمل تجارة، {)أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) (البقرة:16)
وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري: «كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها».
فالإنسان متحرك بطبعه، وفعال وهمام، وسائر لا يتوقف كما ان الشمس لا تتوقف كل يوم لها أفق ولها مدار، والناس كذلك، فالإنسان سمي بذلك، لأنه ينوس أي يتحرك ولا يقف، وكل أحد منهم ساعٍ متحرك، ولكن منهم ساعٍ في كمال نفسه ونجاتها، ومنهم ساعٍ في هلاكها وإباقها.
رأى بعض العقلاء بياع ثلج وهو يمشي في الطرقات ويصيح ويقول: ارحموا من يذوب رأسماله، فتبسم وقال: كلنا يذوب رأسماله.
الكثيرون يتبرمون من الحياة والعيش، فيقول قائلهم:


لبست ثوب العمر لم استشر
وحرت فيه بين شتى الفكر
وسوف أنضوه برغمي ولم
أرد لماذا جئت؟ أين المفر؟

ثم يهرب من هذا القلق وهذا التوتر والخوف واليأس إلى اللذة الحرام:


أفق وصب الخمر أنعم بها
واكشف خفايا النفس من حجبها
وروي أوصالي بها قبلما
يصاغ دن الخمر من تربها

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved