الأمن لا يحتاج الحديث عنه إلى كثير عناء وذلك للإتفاق الذي لا خلاف فيه على أهميته والحاجة إليه إذ المقابل له هو الخوف الذي لا تستقر فيه حياة ولا يهنأ به أحد مهما قوي سلطانه وكثر أولاده وأمواله ولذا كان من فقه إبراهيم الخليل عليه السلام حينما دعا لمكة حرسها الله أن قدم في دعائه طلب الأمن لها، فطلب الأمن مقدم على طلب الغذاء لأن الخائف لا يتلذذ بالغذاء، ولا يهدأ بالنوم ولا يطمئن في مكان فكان من دعائه عليه السلام لمكة {رّبٌَ \جًعّلً هّذّا الّدْا آمٌنْا وّارًزٍقً أّهًلّهٍ مٌنّ الثَّمّرّاتٌ} فدعا بتوفير الأمن قبل توفير الرزق.
والأمن بنوعيه الحسي الذي هو الأمن على الأبدان والأموال والأعراض والعقول وغيرها، وكذا الأمن المعنوي وهو اطمئنان القلوب وسكن النفوس إلى أمر ربها والتنعم بالراحة النفسية التي ينشدها كل أحد لن يأتي إلا بالأخذ بالأسباب مجتمعة التي يشترك فيها كل أحد ولا يعذر فيها أحد إذ الطاقة والوسع لم تجعلا لمعتذر مقالا، والخوف من الخوف غير موجد للأمن المنشود لأن الخائف أًصلاً لا يمكنه المساهمة قولاً وفعلاً، ولكن التأكيد على الأمن وأهميته ووضع المقاييس والعبر تدفع إلى تقوية الأمن الموجود وذلك بتقوية الأسباب الموجدة له بإذن الله والبحث عن أسباب أخرى كفيلة بذلك وكذا إزالة ما يتوقع أن يعكر صفو الأمن بنوعيه، هذا هو العمل الجاد وهو المثمر بإذن الله مع استشعار كل احد أنه بقدر ما يُطالب بالعمل على تقوية الأمن هو في حقيقة الأمر يسعى بذلك لنفسه وأسرته ومجتمعه وأمته إذ أن أمنهم أمن له وسعادتهم له سعادة وهكذا.
ولا أخالني في هذه العجالة إلا كمن يجلب التمر على هجر أو يؤكد أن الليل ليل والنهار نهار. فقارىء هذه الكلمات في الأصل هو مدرك لهذه المعاني ولكنما المشاركة التي تساهم في التأكيد والتذكير بهذه النعمة التي يسعى الآخر جاهدا لتغييرها ولكن الأمر لله من قبل ومن بعد والله قال: {الذٌينّ آمّنٍوا وّلّمً يّلًبٌسٍوا إيمّانّهٍم بٌظٍلًمُ أٍوًلّئٌكّ لّهٍمٍ الأّمًنٍ وّهٍم مٍَهًتّدٍونّ} .
فلابد من تأكيد الوحدة وتقوية اللحمة وإغلاق الأبواب في وجه كل مبير وكذاب والأخذ بالكتاب كله حتى يبقى لنا أمننا ويتحقق لنا موعود ربنا سبحانه وتعالى.
|