أجل، إن عالمنا حافل بالأضداد والمتناقضات، فهو يظهر من ناحية، بمظهر العطوف المشفق، ولا يرضى بقطع يد السارق، ولكن هذا العالم العطوف نفسه، قد استعمر خلال سنين طويلة، الملايين من البشر، المستضعفين، والأمم الصغيرة، ونهب، ما شاء، من ثرواتها وخيراتها التي تفضَّل بها الله عليها، وجعلها تعيش في قبضة الجوع والفقر والمرض.
إن التي تسمي نفسها المسؤولة، والعطوفة المشفقة، التي ترى في ضرب ثمانين أو مئة، سوط، عملاً وحشياً، ولا يقبل التطبيق، قد قتلت بوحشية، ملايين البشر، ولم يكن ذنبهم إلاّ المطالبة بحريتهم واستقلالهم، وكانت لها من الجرائم التي يندى لها الجبين، في كثير من الدول الفقيرة، ونقاط أخرى، إسلامية وغير إسلامية، قد مارست أبشع الجرائم، وشنت حروب الإبادة الجماعية، من أجل استعمارها.
وبعض الدول التي تسمي نفسها مسؤولة لا ترضى بقطع يد السارق أو تشمئز من ضرب السوط، هي بنفسها قد ألقت القنابل الذرية على بعض الدول، وقتلت ما يناهز المائة ألف من الأبرياء، وضربت الكثير من البيوت والمصانع، هذا هو عالمنا اليوم، الحافل بالتناقضات.
|