الاستفادة من الوقت في حياتنا العائلية
منصور إبراهيم الدخيل/مكتب التربية العربي لدول الخليج

لقد أصبحت المجتمعات في شتى أنحاء المعمورة تعيش الكثير من التحديات ولا سيما ما له تأثير على الأسرة بشكل مباشر فيما يتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة التي جعلت الكثير من أرباب الأسر يلهثون وراء لقمة العيش وأصبح الوقت غير كاف للحوار مع الأبناء وهذا بلا شك له انعكاسات سلبية على أفراد الأسرة باعتبار الأب محوراً رئيساً في التربية ولديه من الأنماط والتوجهات الخاصة به والمكملة للأنماط الأخرى الموجودة عند الأم وأفراد الأسرة مجتمعة والوقت في العالم الإسلامي كفله الإسلام بصورة غير مسبوقة ولكن غياب المنهج الإسلامي في الكثير من الدول الإسلامية جعل الجانب المادي يطغى أكثر نتيجة لمبالغة بعض المجتمعات بضغوط الحياة وغياب القناعة في كل شيء ونظرة إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم «من بات آمناً في سربه عنده قوت يومه معافىً في بدنه كأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، هذا الحديث عندما نقرؤه سوف نجد مضامينه في حياتنا اليومية واقعة، حيث نسبة كبيرة من الناس تتمتع بما ورد فيه مما يجعل التذرع بحجة تأمين لقمة العيش حجة واهية واليوم عندما نبحث عن الحكمة في ثقافات الأمم الأخرى نجد الكثير من الكتابات التي تتفق في بعضها مع توجه أبناء المجتمع في العالم الإسلامي حيث ذكر ستيفن كوفي مؤلف كتاب العادات السبع وهي:
1) كن نشيطاً ومسؤولاً في اختيار البدائل.
2) ضع لنفسك أهدافاً من أجل تحديد مستقبلك.
3) ضع الأولويات في المقام الأول واقض وقتاً منتظماً مع عائلتك.
4) حاول ان يسود التفاهم والتعاون بين أفراد الأسرة.
5) حاول ان تنصت وتفهم أفكار ومشاعر أعضاء الأسرة الآخرين.
6) احترم وقدِّر الفروق الفردية واعمل على تقويتها.
7) اعمل على توطيد الأعراف والتقاليد بين أفراد الأسرة.
وعندما نتمعن في العادات المشار إليها ونتساءل هل لدينا الوقت الكافي للقيام بذلك أجاب كوفي عن ذلك من الملاحظ ان الكبار والصغار يقضون وقتهم أمام التلفاز وهذا التقليد يعيق المشاركة في الحديث مع أفراد الأسرة، ويسترسل كوفي حديثه قائلاً: إنك تتحدث عن الحب وفرح العائلة لكنك إذا لم تستغل الوقت استغلالاً مفيداً عندئذ سوف يكون تقصيرك في تنظيم وقتك حجر عثرة في طريق تحقيق أهدافك.
أخي القارئ الكريم لو دققنا في حياتنا وعلاقاتنا الأسرية لمعرفة استثمارنا للوقت معها لوجدنا أنفسنا مقصرين وقد وصلت سلوكيات بعض أرباب الأسر إلى عدم المبالاة بحجة ضغوط العمل وضيق الوقت، وقد حدثني أحد الأصدقاء بقوله في يوم من الأيام وأنا منصرف من العمل وفي وقت إحضار وجبة الغداء أتى ابني بتقريره الشهري وعرضه علي فنهرته وقلت له بعدين ولم أشعر بخطئي إلا في اليوم التالي وقد أنبني ضميري كثيراً ويفترض ان تكون هذه فرصة لتعويض الوقت المستحق لأفراد الأسرة والانصات إليه ومعرفة وضعه الدراسي والاطمئنان عليه وتشجيعه إلى الأحسن والأسرة في مجتمعنا الإسلامي لديها أشياء كثيرة لمعالجة الوقت الذي يأخذه بعض أرباب الأسر من أسرهم والمشاهد على ذلك كثيرة فاصطحاب الأولاد إلى المسجد ذهاباً وإياباً فرصة للتحدث إليهم كذلك الوجبات الغذائية الفطور والغداء والعشاء تعتبر فرصة مناسبة للتحاور وتبادل الابتسامات والاجابة على بعض الاستفسارات، الإجازات الاسبوعية أيضاً من أفضل الأوقات التي يمكن الاستفادة منها بين أفراد الأسرة إذا استغلت بالشيء المفيد، مثل الذهاب إلى حديقة أو فسحة برية حتى الجلوس في البيت إذا كان بعيداً عن الأمور الروتينية تستطيع أفراد الأسرة الاستمتاع بالوقت بشكل جيد. الإجازات السنوية والأعياد، الكثير من الأسر تقضي إجازتها بطريقة عشوائية وبدون تخطيط وهذا يفقد الإجازة فائدتها والاستمتاع بها على الوجه المطلوب ويفترض ان تعتمد في التخطيط لها على ثلاثة عناصر وهي «متى وأين وكيف» بهذه العناصر سوف تكون الأسرة مهيأة بشكل منظم بعيداً عن الارتجال الذي في بعض الأحيان يسبب ضغوطاً داخل الأسرة مما يجعل التوترات قائمة وبهذا تفقد الإجازة متعتها وتعود بمردودات عكسية على أفراد الأسرة.
وقبل أن أختم مقالتي هذه أحب ان أشير إلى نقطة مهمة في كيفية استثمار الوقت وهي القراءة بجميع صورها، فمثلاً بإمكان واحد من أفراد الأسرة ان يسرد بعض الأخبار من جريدة ما أو القراءة في قصة من قصص الأطفال سوف يجدون المتعة مجتمعين كباراً وشباباً وأطفالاً ويا حبذا اصطحاب أفراد الأسرة لزيارة إحدى المكتبات لاختيار بعض الكتب المناسبة لأفراد العائلة لضمها إلى المكتبة المنزلية للرجوع إليها بين وقت وآخر.