هذا السواد العظيم الذي يغشى هذا الكون إذا أقبل، أوجده المولى- عز وجل- ليكون سكناً تسكن فيه الحركات، وتأوي فيه الحيوانات إلى بيوتها، والطيور إلى أوكارها، وتستجم النفوس وتستريح، لذا يقول الله جلت قدرته في قرآنه المجيد {وّهٍوّ الّذٌي جّعّلّ لّكٍمٍ الَّيًلّ لٌبّاسْا وّالنَّوًمّ سٍبّاتْا وّجّعّلّ النّهّارّ نٍشٍورْا}، وقوله عز وجل {هٍوّ الّذٌي جّعّلّ لّكٍمٍ الَّيًلّ لٌتّسًكٍنٍوا فٌيهٌ وّالنَّهّارّ مٍبًصٌرْا}، لكن!! الا توافقونني معاشر القراء الكرام.. أن بيوتاً من المسلمين غير قليلة في هذه الايام «ايام الاجازة» تعيش اضطراباً وخللاً في توازن حياة أسرهم.. أصبح ليلهم نهار ونهارهم ليل.
متى ينامون؟ متى يستيقظون؟ متى وكيف يأكلون؟ بل ماذا يعملون؟ ناهيك عن اوقات الصلوات هل ضبطت أم لا؟ بل أين العبادة والطاعة؟
هل خرج أحد منا في ساعة متأخرة من الليل وسار في أحد شوارع المسلمين؟ ماذا يرى؟ يرى الاعداد الهائلة من السيارات المتدفقة، والزحام الشديد على المطاعم والوجبات السريعة.. ناهيك أيضاً عن دوران الكثير من الشباب في بعض الشوارع.. فراغ قاتل!! هم الواحد منهم الدوران والتسكع من أول الشارع إلى آخره.. مع إيذاء المسلمين والمسلمات بالمعاكسات والمضايقات، كم يتمنى هؤلاء الشباب أن يطول الليل ولسان الواحد منهم:
«الا أيها الليل الطويل لا تنجلي»
لكنهم سرعان ما يختفون عند ظهور النهار، وحرارة الشمس، فالشوارع لا يكون فيها إلا الذين ذهبوا لاعمالهم واشغالهم.
وهذا خلل في ناموس هذا الكون.. فنوم الليل لا يعدله نوم النهار كله.. وهو راحة للجسم.. بل كم يتعب كثير من المربين والآباء والمعلمين في الايام الاولى من الدراسة.. لماذا؟ لان الطلاب قد تعودوا على السهر بالليل والنوم في النهار.. الحل الاوحد هو: ان الليل ليل والنهار نهار، فأعمال الليل لا تكون في النهار، واعمال النهار لا تكون في الليل.. «والله ولي التوفيق والسداد».
|