استمرا في حياتهما الزوجية يعيشان في خط الفقر ويتكففان المسلمين
ورزقا بذرية، وتنامت هذه الذرية وسارت في موكب الحياة، وتحملا كل
مشقة وعناء، وسارت الايام والليالي حُبالى بالمصائب التي لا يعلم بها
الا الله، واشتغلا بتربية هؤلاء الاولاد ثم بعد ذلك تدخل الاقربون
والابعدون من اقاربهما ورفاقهما ليعطوا آراء للزوج حيناً وآراء للزوجة
حيناً آخر، فلما كان هذا التدخل يسير في الاتجاه المعاكس نقضا عرى
الزوجية عروة عروة، فافترقا وتخاصما، وتشتت الشمل، وافترق الصبية
الى قسمين واخذ الاب يلوم نفسه حين يرى الصبيان يأنون يريدون امهم،
واخذت الام تلوم نفسها حين ترى بعض الصبية يأنون يريدون اباهم
ومضت الايام ومثلا امام القاضي فنظر في امرهما، وتابع عليهما النصح
والإرشاد والتوجيه، وعهد بهما إلى جمعية تحسن إليهما، وترعاهما،
وتكرم اطفالهما، وتقوم بشؤونهما حين تأكد له فقرهما فلما أن عولجت
مسألة الفقر في حياتهما عادا زوجين كريمين تظلهما الرحمة والرأفة
يعيشان في بيت متواضع وهؤلاء الصبية يملأونه سروراً وحضوراً وقطعا
كل خطوط الاتصال برفاق السوء الذين يتدخلون، واقارب الشر الذين
يفسدون في حياتهما الزوجية فسارا على وئام ووفاق، وخير، ومنَّ الله -
جل وعلا - عليهما بحياة طيبة مليئة بالايمان، والقرب من الرحمن،
واغناهما الله - عز وجل - بسبب عناية الدولة - وفقها الله - ممثلة في
الجمعيات الخيرية، جمعيات البر التي يلتئم بسببها الشمل وبتوفيق من
الله لها تجتمع الاسرة، وبكرامة من الله لها تمتد ايادي المحسنين
البيضاء الى الفقراء المحتاجين والافواه الجائعة العاطشة فيكونون من
الله - سبحانه وتعالى - قربة من أعظم القرب، قال تعالى:{أّوً إطًعّامِ فٌي
يّوًمُ ذٌي مّسًغّبّةُ (ر14ر) يّتٌيمْا ذّا مّقًرّبّةُ (ر15ر) أّوً مٌسًكٌينْا ذّا
مّتًرّبّةُ }، فتكون الحياة بكل منغصاتها سهلة ميسرة في سبيل كسب دعوة
في ظهر الغيب من فقير محتاج، او ابتسامة لطفل ضعيف يعيش بين
كنفي امه وابيه برغم فقرهما لكنه لا يمن عليه احد فيكون يتيماً بلا يتم
وفقيراً مع فقر مدقع آخر وهم وغم بسبب افتراق الابوين، وفقرهما وفقره
هو ومنة من يتولى اطعامه، او كساءه من اقاربه ولله سبحانه وتعالى في
خلقه شؤون - والحمد لله رب العالمين -.
( * ) القاضي بالمحكمة الكبرى في الرياض
|