كثر المهتمون بشؤون المرأة وأوضاعها، وهذا أمر يدعو للسرور، ولكن أحياناً خلف الظاهر تختفي ظواهر اخرى لا تكتشفها الا العين الفاحصة الخبيرة، فالمرأة هي الاخت، والام، والزوجة، والابنة، وهي التي حملتنا ببطنها تسعة اشهر وهناً على وهن، وهي التي سهرت علينا الليالي، وهي التي ربتنا واطعمتنا، وبعد كل هذا أليس من حقها علينا أن نمنحها الحب، والتقدير، والاحترام، والتبجيل، والتوقير، هذه هي النظرة الإسلامية الصحيحة للمرأة، فالإسلام صان المرأة، وجعل مكانتها عالية تعانق عنان السماء، فلم تبلغ ما بلغته في الإسلام لا سابقاً، ولا حاضراً، وتكريم الإنسان تشترك فيه المرأة والرجل على حد سواء، فلا فرق بين ذكر او انثى الا بالتقوى والعمل الصالح.
إن التكريم الذي منحه الله للمرأة في الإسلام لا يوجد ما يماثله في اي ديانة، او قانون، وحتى ما يدعى اليوم بالحضارة الغربية، لم تقدم للمرأة الا نوعاً من العبودية واستغلال الجسد صار يعرفه كل ذي بصيرة.
لقد لفت نظري كثرة المجلات، والمطبوعات، ومواقع الإنترنت التي جعلت همها وشغلها الشاغل المرأة، وحتى باللغة العربية، فرفوف المكتبات تحتوي على ماهب ودب من صحافة نسائية كما يقال، يكتب فيها القاصي والداني، المتخصص وغير المتخصص، وفي معظمها: هي صحافة تستغل المرأة اكثر مما تحترمها، وملابس عجيبة غريبة، ورحلات عجيبة، واشياء لا تبقي في الإنسان عقلاً ولا روحاً، اما الاسعار فهي الجنون بعينه، واما الصور المنشورة فهي التي جعلت من المرأة سلعة بالمعنى الكامل، يزخرفها المزخرفون كيفما ارادوا، ويتلاعب بشكلها وزيها المتلاعبون من كل حدب وصوب.
ناهيك عن عروض ملكات الجمال، او بالاحرى بائعات الجمال، وعروض المطربات، او بالاحرى المقرفات، وعروض الفنانين او بالاحرى المجانين إن جاز التعبير.
أهذه هي المرأة التي نخاطبها؟ اهذا ما تريده منا المرأة؟ أهذه هي الصحافة النسائية؟ أهذه هي الحضارة والعصرنة؟ إن كل ما نتحدث عنه يوجد في مجتمعاتنا الشرقية الإسلامية المحافظة، فيا عجباً والف عجب، اين احترام الذات؟ واين احترام الدين؟ واين الالتزام بالاخلاق، والعادات الفاضلة؟.
المرأة لدينا اسمى من ذلك بكثير، ولا مجال للمقارنة، المرأة لدينا والاهتمام بها هو معيار لحضارتنا، ومقياس لتفوقنا على غيرنا شاء من شاء وأبى من أبى، العبرة ليست بالشعارات وانما بواقع الحال، وواقع الحال يندى له الجبين ومزرٍ بالمرأة.
لقد عقدت بعض المؤتمرات باسم المرأة، وكانت المحصلة بيعها بأسواق النخاسة العصرية، وكثرت الندوات التي تعقد باسم المرأة ايضاً، وكانت النتيجة ظلم وزور وبهتان.
هل يريدون المرأة كائناً بلا عقل ولا تفكير؟ كائناً يستهلك وينفق ليس الا، كائناً يتعرى من كل لباس وكل خلق، كائناً تسوقه شهوات الآخرين؟ هذا بالطبع ما يريدون، ولكن المرأة ابنة هذه الديار بعيدة كل البعد عن اهوائهم ورغباتهم، انها الحصن القوي الذي ستتكسر عليه كل تكالباتهم واطماعهم، انها المرأة التي انجبت وتنجب رواد الحضارة وحماة الدين، والوطن، والأمة، فاعتصمي اختي بحبل الله المتين، ولا يهزك قيد شعرة أهواء المرُجِفين، والله من وراء القصد.
|