الطموح بين الواقع والتطبيق
حمد عبدالرحمن المانع

المساحة بين الخيال والواقع بلا ريب شاسعة، وباتساع المساحة بين الخيال وتطبيقه، تظل الفرصة متاحة بأكبر قدر من التفاؤل لتضييق المساحة بين الطموح وتطبيقه. إذ إن تطبيق الطموح على أرض الواقع ممكن، ويندرج على هذا التمكين مدى الحاجة إليه وحتمية تحقيقه. إذن هناك ما نحتاجه ولا نحتاج معه إلى التحقيق، بينما هناك ما نحتاجه ونحتاج معه إلى التحقيق، وبقدر اتساع الهوة بين الواقع والخيال يكون تطبيق الطموح ممكناً من خلال وجود المنطق الفعلي وليس منطق مدرسة المشاغبين، وكما كان الطموح قابعاً بين الخيال والواقع وإن كان أكثر قرباً للأخيرة، فإن المنطق لا يقبل أن يكون بعيداً عن مسرح الأحداث، فإذا كان الطموح منطقياً فإن السبيل إلى تحقيقه ليس صعب المنال، وإما إذا كان خيالياً ففي هذه الحالة يجدر بك أن تستعين بفنان تشكيلي لكي يحلّق بك بعيداً وينقلك عبر الخطوط السريالية وتحديداً في درجة الأفق إلى حيث يحدد خيالك محطة الاستقرار القادمة. والطموح مرتبط ارتباطاً وثيق الصلة بالحماس، وكذلك بالتحديث والتطوير، إذن الحماس إضافة إلى الرغبة الأكيدة في تجسيد الطموح إلى واقع ملموس عبر التحديث والتطوير، فإنه يتعين ان يجتاز مراحل تتيح انسيابية التحقيق من خلال تفعيل الأسس التي ترتكز عليها هذه العملية، متمثلة في تهيئة الأرضية المناسبة والمناخ الملائم، وذلك من خلال تغليب المصلحة العامة على الخاصة، واستشعار الطموح بحس وطني مجرداً من حب الذات، أضف إلى ذلك إزالة العوائق التي ما برحت تتربص بالطموح وتقف حائلاً دون تطبيق التحديث والتجديد، وتجاوز النمطية في بعض الأساليب المتبعة، والتي لم تعد تجاري وتواكب النهضة الحضارية، بالاستفادة من مخرجات التقنية وتطويعها بما يتلاءم ويتناسب مع البيئة، ما يساهم بشكل فاعل في اختزال الإجراءات، وتسهيل تسيير المعاملات بمرونة، تتوافق مع الأهداف بهذا الخصوص. وكون البعض يتحسس من مسألة التحديث والتطوير، فإن هذا أمر بدهي، حيث انه أمضى سنوات عمره في عمله واستوعب الإجراءات بحكم خبرته في مجال عمله، ولكي تتحقق مسألة التطوير والتحديث وتؤتي أُكلها، فإن عنصر التهيئة من الأهمية بمكان وتفعيل التواصل بقبول الآراء والاقتراحات. وبالإمكان الاستفادة من خبرته في مجال عمله من خلال الأفكار التي يطرحها عبر تصوره لما هو أفضل، وهو بلا ريب الأحرص على مصلحة عمله فنجاح عمله نجاح له، وكل شيء بدأ بفكرة، ولن يلمس الفرق حتى ينعكس التطوير على مستوى الأداء ويرتقي به حينئذ ستتبدد هذه الأحاسيس وتصبح في طي النسيان.