* الرياض - خالد محمد الهويش:
خلال الإجازة الصيفية يستريح ابناؤنا وإخواننا الطلاب من عناء عام دراسي كامل كان حافلاً بالجد والمثابرة.
ومن حقهم ان يخرجوا وأن يفرحوا وأن يسافروا مع اهلهم ويزوروا القريب والبعيد. من حق كل عائلة أن تحزم حقائب السفر وتجهز السيارة للسفر لأي مدينة من مدن مملكتنا الغالية والحبيبة. وبودي أن اهمس في اذن كل أب وكل ولي امر وكل ابن، وخاصة من سيستخدمون الطريق البري في سفرهم أن يكونوا على حذر اثناء القيادة على الطرق السريعة.
وقبل أن تحرك وتدير السيارة توقف ايها الاب وأيها الابن وتمعن التقرير التالي:
ففي عام 2001م بلغ عدد الحوادث في المملكة 280400 حادث بمعدل 779 حادثاً يومياً، وقد ادت نسبة «10%» منها إلى إصابات خطيرة بينما تسببت هذه الحوادث في 12 حالة وفاة في اليوم الواحد، وفي عام 2002م زاد عدد الحوادث ليصل إلى 320 الف حادث بمعدل 820 حادثاً في اليوم الواحد مع 86 إصابة و 13 حالة وفاة.
تمهل عزيزي القارئ فتلك الوفيات وهؤلاء المصابون التي تقرأ اعدادها لم يموتوا جراء حرب. هذه الارقام من الاصابات والوفيات المروعة نتجت عن الحوادث المرورية.. حوادث الطرق البشعة التي يرتكبها السائقون في شوارع المدن والقرى والطرق السريعة بالمملكة والتي تكثر عادة خلال اجازة الصيف، شهر رمضان، إجازات الأعياد، بفعل السرعة واللامبالاة والتهور في القيادة بالاضافة الى عدم التقيد بوسائل السلامة.. من اجل ماذا؟.. من اجل كسب دقائق معدودة يختصر بها السائق مشواره معرضاً روحه وأرواح الآخرين للخطر.
وكشف الاحصاء ارقاماً مروعة ومخيفة لعدد القتلى والمصابين جراء الحوادث المرورية الناتجة عن السرعة واللامبالاة والتهور في القيادة وقطع الاشارات، وفوق كل هذا لا يزال للاسف حصاد الانفس مستمراً بل وفي تصاعد مذهل.
حرب الشوارع في الطرق، مخالفات مرورية، حوادث ليموزين، سرعة، قطع اشارات.
وفي لغز الاحصاءات المرورية المروعة التي تضم اعداداً متزايدة من القتلى والجرحى فتش عن السائق!
فالسيارة بيده إما أن تكون وسيلة نقل او اداة قتل!
مقود السيارة بين يدي الطفل والسائق المتهور.. تماماً كالمسدس بين «يدي مجنون»!
المصابون في الحوادث يدخلون المستشفيات، ومنهم من لا يخرج، والخارجون منهم من يشفى ومنهم من يخرج في حالة شبه اعاقة نصفية او رباعية غير قادر على الانتاج حيث تتعطل نصف قدراته او اكثر، او تكون اعاقته مستديمة تصاحبه طوال الحياة لا سمح الله كما تشير الاحصاءات والارقام الرسمية التي تعلن عبر وسائل الإعلام واحياناً في لوحات إعلانية توعوية مضيئة ونراها احياناً عند إشارات المرور.. تلك الارقام تشمل فقط من يموت في موقع الحادث.
وقد يتضاعف الرقم اذا اخذنا في الاعتبار عدد من يموتون اثناء تلقي العلاج في المستشفيات.
وتتركز الخسائر البشرية في فئة الشباب، وهذا يعني ان خسارة فادحة تقع في شريحة الفئة المنتجة في المجتمع واكثر من ثلث اسرّة المستشفيات مشغولة بمصابي الحوادث.. الارقام مروعة لعدد المصابين فأكثر من نصف الحوادث المرورية بالمملكة بسبب السرعة وقطع الاشارة.
تكاليف مادية فادحة تخسرها الدولة تقدر بالملايين تمثل الاخلاء، العلاج والتوقف عن العمل لا سمح الله.. هذه التكاليف الباهظة اذا نظرنا اليها فانها توضح حجم المعاناة وعظم المشكلة سواء على المستوى الإنساني او على المستوى الاقتصادي.
- حوادث الايام الاخيرة من رمضان، رحلات العمرة، حوادث العيد، حوادث الصيف، الحوادث داخل المدن، حوادث بالآلاف، كم مرة قرأناها في الصحف او عبر الانترنت - هل هي رحلات اجازة ام حزن؟
- وترجع اسباب الحوادث المرورية الى السرعة وتأخذ الدرجة الاولى في معظم الحوادث، اضافة الى التجاوز الخاطئ والوقوف غير النظامي والدوران من مكان ممنوع، وقطع الاشارة.
اذاً.. المشكلة والظاهرة موجودة وحجمها كبير ولابد من وضع الحلول ومعرفة من المقصر ومن له الدور الكبير للتقليل من هذه الحوادث.
طرقنا جيدة
- فالطرق في بلادنا ولله الحمد مريحة وواسعة.. وبمسارات متعددة وجيدة الاضاءة، ودورنا هو استغلالها والمحافظة عليها واستعمالها استعمال العاقل بالالتزام بالسرعة القانونية وعدم تجاوز السيارات بطريقة غير نظامية، او التسبب في اغلاق الطريق بالازدحام الذي يشل حركة السير.. وهنا لابد من تواجد المرور ووضع صمام ينظم السرعة ويقضي على هذه المخالفات الخطيرة الناتجة عن «لامبالاة» قائدي السيارات، فتجاوز السرعة المحددة مجازفة قاتلة والنعاس والسرحان والتفكير اثناء القيادة والانشغال مع الهاتف النقال وما اكثرهم كلها مسببة للحوادث المؤلمة والمروعة.
وقائد السيارة مطالب بأن يتعاون مع رجل المرور ويحترم تعليماته ويطبقها دون استهتار بل التزام بهذه التعليمات.
ووضع آلية لحفظ عدد المخالفات المرورية ومتابعتها وحين وصولها للعدد المحدد يتم سحب الرخصة.
كما ان المرور مطالب بتطبيق اقصى انواع العقوبة بعد التأكد من المخالفة، فالسجن وسحب الرخصة وايقاف السيارة هو مصير المخالف المستهتر بأرواح الناس دون قبول اي «وساطات».
تأمين الرخصة
فوثيقة تأمين الرخصة تغطي لغاية خمسة ملايين ريال وهو ما يترتب على حامليها تجاه الغير من التزامات مالية في حال وقوع حادث داخل المملكة يكون المؤمن عليه متسبباً فيه كلياً او جزئياً ونتج عنه اضرار سواء في سيارات الآخرين او ممتلكاتهم، كما تغطي الديات وتكاليف علاج إصابات الآخرين الجسدية، دون ان يتعرض المؤمن عليه للتوقيف.
اما الليموزين، وما ادراك ما الليموزين فكأنهم يقودون السيارات في مدن ملاه. فأين مراقبتهم ورصد سرعتهم وتجاوزاتهم الخاطئة؟.. يتسابقون على الزبون كأنه سيطير، حوادثهم ومسلسلاتهم مضحكة ومبكية، فلا نكاد نرى حادثاً الا وقد اشترك في بطولته قائد سيارة ليموزين او اكثر، تصوروا وهذا واقعي وغير مبالغ فيه ومن ألسنتهم، يقود السيارة لمدة 16-18 ساعة يومياً ممسكاً بـ «دريكسون» السيارة جسم بلا عقل وعيون شبه ذابلة من قلة النوم بحثاً عن الزبون.
اما الاسرة فدورها كبير.. الآباء والأمهات مطالبون بعدم التهاون مع ابنائهم والسماح لهم بالقيادة وهم في عمر الزهور يقودون هذا الحديد اللعين ويستهينون بأرواح الناس، وتكون بدايتها «هدية النجاح لك يا ولدي سيارة» انت انجح وابشر بالسيارة «الام تلح وتزن على الاب: اشتر للولد سيارة لأن زملاءه معهم سيارات، اعط الولد سيارة لا يتعقد في الدراسة، وش يقول لربعه وشلته ابوي ما قدر يشتري لي سيارة «عيب»، وتكون النتجية لا سمح الله ما لا تحمد عقباه؟.. الله خير حافظ.. هم امانة في اعناق آبائهم، شرط ان لا تغلبنا العاطفة والشفقة والرحمة في مثل هذه الامور.. في عمر الزهور 15 او 16 او 17 سنة ويقود هذا الحديد بتهور وجنون.
همسات على الطريق
«اعقلها وتوكل» كان عنواناً جميلاً وموفقاً وناجحاً لحملة امنية ناجحة.. هي جملة من حديث شريف، اعقلها وتوكل موجه الى رجال الامن والمرور في التعامل الاخلاقي الراقي مع الناس والتوعية المستمرة، فحياتنا لا تخلو من المخاطر والكوارث التي تتربص بنا.. فنتفاداها تارة.. ونقع في فخها تارة اخرى، عندما نبخل عن بذل درهم وقاية، نتكبد بعدها قناطير العلاج، فهل سننتظر وقوع الخطر؟ تاركاً لك الحسرة والقهر؟ ولأهلك الحزن المستمر؟ .. ان سلامتك وسلامتهم امانة في عنقك.. ومسؤولية على عاتقك.. اعقلها الآن.. وتوكل! فلا تتهاون مع قواعد السلامة المؤدية لوقوع الكارثة لا سمح الله.
فالمرور مطالب بالوجود الفاعل في جميع الميادين والتقاطعات الخطيرة.. حتى اصحاب الرتب العسكرية العالية فالسائق يهاب الرتبة العسكرية العالية اذا اوقفته.. وان ينزلوا اقصى العقوبات على كل مستهتر. والمرور مطالب بمتابعة اصحاب الجمال السائبة في الطرق السريعة وما اكثرها، وضرورة الزام اصحابها بوضع احزمة فسفورية على اجسام الجمال والتي يكثر وقوعها في الليل، والعواقب وخيمة. ورجل المرور واقصد قائد سيارة المرور لابد ان يكون على مستوى عال من التعليم والخبرة ولديه تجربه وان يكون قد تلقى دورات تدريبية مكثفة تؤهله لأن ينهي الحوادث ويحل المشكلة في وقتها وليعترف مرورنا الفاضل ويقولها بصوت عال انا مقصر في التعقيبات والردود ومتابعة كل ما يكتب عن المرور في الصحف والمجلات، اولاً بأول وفي حينه، فكم هي المقالات والتحقيقات التي تكتب عن المرور ومشاكله، وكم هي التقارير التي دعمت بالصور وإدارة العلاقات العامة بالمرور مهتمهم القراءة والحفظ دون توضيح او تعقيب.. اما وسائل الاعلام فلم تقصر كتبت مقالات وتحقيقات مدعمة بالصور.. فهذه نقطة مهمة لابد ان ينتبه اليها المرور ويركز عليها ونضع اللوم عليه.
الحزام
شدوا الحزام «وقولوا آمين» ما دمنا قد انهينا سنته الاولى بتقدير جيد جداً ولله الحمد - شعار الزامي مفروض ولابد ان نرفعه ونعلنه ولا للتهاون معه. حيث اثبتت التجارب والتحقيقات التي تجرى بصورة مستمرة ان حزام الامان والسلامة يقلل احتمال الوفاة الى اكثر من النصف باذن الله.وفي دراسات حوادث التصادم التجريبية تبين ان حزام السلامة يقلل الاصابات بمشيئة الله.. وقد اتضح انه في جميع حالات تصادم السيارات لا يكون تصادم السيارة مسؤولاً عن الحاق الاذى براكب السيارة او قتله وانما المسؤول عن ذلك هو ارتطام جسم الراكب بالجزء الداخلي للسيارة.فبمجرد ان يحدث التصادم فان الراكب الذي لم يربط حزام السلامة يندفع الى الامام ليرتطم بالزجاج الامامي او ينقذف احياناً خارج السيارة. وتنخفض احتمالات النجاة الى النصف في حوادث التصادم عند عدم استخدام الراكب لحزام السلامة، وما دمنا قد انهينا السنة الاولى التمهيدية مع حزام الامان بنجاح، ففي هذا الجانب لابد من المرور الفاضل ان يسهم ويكلف نفسه قولاً وعملاً بتنظيم حملات اعلانية وندوات إعلامية في الصحافة والتلفاز يشارك فيها نخبة من رجال المرور لإلقاء الاضواء على اهمية استخدام حزام الامان وعدم الملل وهم يشرحون بل يدعمونها بالارقام والصور عارضين صور الاصابات والاعاقات والتشوهات التي حدثت، اضافة الى الوفيات والحالات التي تستقبلها المستشفيات نتيجة الحوادث المؤلمة.
|