* الدمام - حسين بالحارث:
تتواصل ردود الفعل الإيجابية للمثقفين والأكاديميين حول القرار التاريخي بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين بعد موافقة خادم الحرمين الشريفين على المشروع.
وقد تحدث ل«الجزيرة» الدكتور سلطان بن خالد بن حثلين رئيس قسم الدراسات الإسلامية واللغة العربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن فقال:
أولاً: إن الحوار والتواصل بين فئات المجتمع المختلفة وبين السلطة السياسية والمواطنين هو أساس متين لإيجاد أرضية مشتركة لإعادة صياغة بناء المؤسسات الوطنية وفق مصالحنا الوطنية وثوابتنا الدينية والسياسية.
إن تقوية التلاحم الوطني شرط أساسي لمواجهة التحديات الخارجية أو الداخلية التي تأتي من قلة منبوذة من الوطن والمواطنين فكراً وأسلوباً ومنهجاً كما أحب أن اشير إلى أن الحوار يجب أن يشمل اضافة إلى رجال العلم الشرعي والمثقفين طبقات المجتمع المختلفة ممثلين مختلفين من القبائل ورجال الأعمال وأصحاب المهن.
ثانياً: اعتقد أنه لا بد من وضع أسس واضحة ومفاهيم محددة للثوابت الدينية والوطنية وتحديد المرجعية الشرعية والقانونية التي تحدد هذه الثوابت وآخرها وفق نظام واضح يتم الرجوع إليه في حالة وجود اختلاف في وجهات النظر.
ثالثاً: مع إيماني الكامل بأن حرية الرأي شرط أساسي في نهضة الأمم وقد كتبت في هذا المجال بحوثاً عديدة سواء بين وجهة النظر الإسلامية أو الغربية إلا إنني أرى أن هذه الحرية في بلدانها يجب أن تكون حرية مسؤولة وأن تعرف أن الكلمة أمانة وأن اطلاق حرية الكتابة والتعبير بدون وعي لحجم التحديات والمخاطر والمتربصين لأمن هذا البلد. أقول يجب أن تتقيد هذه الحرية بتلك الثوابت التي يجب تحديدها بوضوح تام.
رابعاً: نحن الآن في مرحلة جديدة وأمام مفترق طرق يجب علينا أن نحسن الاختيار وننبذ الخوف من التعبير والتجديد.
لقد أثبتت القيادة السعودية دائماً أنها قادرة على أن ترسي سفينة الوطن على بر الأمان في مواجهة الأمواج العاصفة في البحار الإقليمية والعالمية إذ بأن الحرب الباردة والتيارات الفكرية والسياسية المعادية للمملكة واتجاهها الإسلامي المعتدل في فترة الخمسينيات والستينيات الميلادية والآن فأن التحديات التي تواجهنا أكبر وأخطر ولا بد من التفكير بأسلوب جديد وطرق مختلفة وأنا على يقين أن دولتنا العزيزة تنظر لجميع الخيارات المتاحة واتخاذ القرارات الصائبة.
خامساً: الجبهة الداخلية هي صمام الأمان ومركز الحوار الوطني في مراحل مستقبلية يجب أن يوسع دائرته ليكون مركزاً لحوارِ عربي سعودي ثم لحوار سعودي دولي.
إن الضغوط الخارجية مستقبلاً ستكون كبيرة وقوية ويجب أن يكون جدارنا الداخلي نابعاً من احتياجات الوطن وأمنه واستقراره ومعززا« لدور الدولة» وسانداً قوياً لها حتى يكون الوطن قوة واحدة سياسية واجتماعية واقتصادية وفكرية يصعب اختراقها أو ابتزازها.
وفي الختام أقول: إن الجبهة الداخلية هي الأساس الذي ينطلق منه في مواجهة التحديات الخارجية وأن الحوار الوطني الصادق كفيل بالقضاء على النتوءات الداخلية من تعصب وغلو وتطرف أو تسيب وعدم مبالاة.
أكرر شكري للقيادة الحكيمة آملاً أن يكون هذا المركز أحد اللبنات الجديدة لبناء مرحلة جديدة.
كما تحدث ل«الجزيرة» القاص والكاتب الأستاذ خليل الفزيع قائلاً: إعلان إنشاء مركز الحوار الوطني هو تأصيل لقيم تميز بها مجتمعنا، حيث تنتظم علاقة المواطن بالمسؤول وفق معايير أصيلة مكنت جميع المواطنين من الحوار مع كل المسؤولين دون استثناء، وأصبحت مجالس ولاة الأمر أشبه بالمنتديات البعيدة عن الرسميات، حيث يطرح المواطنون مشكلاتهم إيا كانت هذه المشكلات لتجد آذاناً صاغية وقلوباً مفتوحة، وجاء إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني امتداداً وتأصيلاً لهذه القيم من التآلف والتضامن والمشاركة تمشياً مع ما تقتضيه الظروف التي يمر بها الوطن والعالم.
والمركز حين يتصدى للتشدد والغلو، ويأخذ على عاتقه مهمة تأصيل قيم الحوار الوطني القائم على المحبة والصدق والشفافية، إنما ينطلق في هذا التوجه من قاعدة صلبة أسسها الإسلام للحوار بالحكمة والموعظة الحسنة، فالإسلام هو دين المحبة والسلام، وما يطرأ من ظواهر شاذة تجنح إلى التطرف المؤدي إلى مستنقع الإرهاب.. كل ذلك ليس من الإسلام في شيء، بل يساهم في تأكيد مزاعم أعدائه الذين يحاولون إلصاق كل التهم الباطلة به.
والابتعاد بالوطن عن أخطاء التطرف وتبعاته، وكل ما يسيء إلى الإنجازات الوطنية، وما تحقق على أرض الواقع من إنجازات يعتز بها المواطن إيما اعتزار.
الحوار الوطني هو الطريق لمزيد من الإنجازات، ودرء الأخطار التي تحيق بهذا الوطن، وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام والتي يحاول تشويهها من قصر بهم الفهم، وأغلقوا قلوبهم وعقولهم أمام سماحة الإسلام وعظمته، وتحريمه لكل أنواع التطرف والإرهاب، وكذلك التصدي للحملات الإعلامية التي تحاول الإساءة لهذا الوطن ومواطنيه وتشويه صورته النقية الطاهرة.
إن هذا المركز هو دون شك مظلة للقاء الأخوي بين المواطن والمسؤول، وهو أيضاً منبر حر لطرح ومناقشة كل الأمور ذات العلاقة بمصلحة الوطن والمواطن دون تردد، وصولاً إلى تحقيق المصلحة.
وتحدث الأستاذ ظافر حمد قريضة وهو من الموقعين على إحدى الوثائق المقدمة لسمو ولي العهد المطالبة بالحوار والتغيير فقال: هذا الأمير عبدالله الذي عندما يعد يفي وعندما يقول يفعل وأتمنى أن يجعلوا من يوم الأحد الخامس من شهر جمادى الآخرة يوماً تاريخياً مشرقاً في تاريخ مملكتنا الحبيبة ويسطره التاريخ بماء الذهب بكل ما تعنيه تلك الكلمات من معنى، حيث أصبح ذلك اليوم من أيامها المجيدة حكومة وشعباً فلِمَ لا أيها الأخوة الأعزاء وهذا اليوم من وجهة نظري المتواضعة هو اليوم الحقيقي لانطلاقة حرية التعبير والحوار الوطني المسؤول المرتكز على ركيزتين أساسيتين هما:
العقيدة الإسلامية ووحدة الوطن كما جاء بكلمة سمو ولي العهد - حفظه الله - نصاً فمرحى بالرأي وصاحبه.
لقد توقفت كثيراً عند كل حرف ورد في كلمة سمو ولي العهد وخاصة عندما قال ما نصه: إن المملكة قيادة وشعباً لن ترضى أن تتحول حرية الحوار إلى مهاترة بذيئة أو تنابز بالألقاب أو التهجم على رموز الأمة... إلخ.
إلى أن قال سموه بأنه لن يقبل فكراً يحرف تعاليم الإسلام ويتخذ شعارات خادعة لتبرير الأهداف الشريرة في المسلمين إلى أن وصل سموه بأنه لا بديل عن الوسطية المعتدلة.
كل هذا أوردته ليس من باب التكرار لما سبق وطرح وأعلن وإنما نقلته كما هو في بعض من جمله لهدف واحد وهو الالتزام والاتعاظ بما نص عليه ذلك الخطاب السامي الوافي وخاصة من أصحاب الرؤى المتطرفة كما هو موجه إلى كل من يظن أن حرية الحوار والتعبير البناء ضد ما يعتقد أنه ينال من وجاهته أو كيانه إلى أن يصل بذلك الإنسان إلى التهجم بالألفاظ الجارحة غير المسؤولة على عباد الله.
حفظ الله قيادتنا الرشيدة وأمتنا المجيدة ووطننا الغالي من كل مكروه إنه سميع مجيب.
|