إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني له دلالة واضحة على عدة جبهات:
1- هو يدل على مدى الأهمية التي تعطيها حكومة المملكة العربية السعودية لمشاركة كل فئات الوطن في توطيد أركان الأمن المجتمعي عبر الحوار البناء.
2- ويدل على شفافية موقفها الرسمي من مرئيات مثقفي المجتمع واحترامها لطموحات المواطنين بكل فئاتهم، والرغبة في العمل معاً كفريق هدفه الأول أن يحقق الوفاق الوطني وأمن الوطن والمواطنين.
3- كذلك يدل على وضوح الرؤية عندها بضرورة التوافق في ممارساتنا مع المجتمع العالمي وبأن الحوار هو نسغ الحياة لأي مجتمع إنساني. وأن المجتمع الذي لا يتقبل الحوار بين أعضائه لا يسمح له الآخرون بالبقاء في عضوية المجتمع العالمي وهذا في عصر العولمة موقف انكفاء وانحصار انتحاري النزعة لا نرضاه لأنفسنا كأفراد ولا لمجتمعنا كمجموع ولا لوطننا ككيان سياسي.
أرجو أن ذلك يعني إعلان نهاية مرحلة حرجة في تاريخنا كمجموع جاءت بعد مرحلة ممتدة من المرئيات المشوشة حول موقع الذات والآخر.
إن حق الحياة الآمنة هو بلا شك حق للمجتمع ولكن لا يحققه فعلياً على مستوى الواقع إلا التقبل والتعايش والتضامن والتعاون كفريق بناء لا كفريق هدم.
المملكة العربية السعودية ضمن المنطقة العربية كلها تمر بمرحلة من التحديات المثقلة بالمخاطر سياسياً واقتصادياً واجتماعياً فهي كجسد يحتاج إلى عمل كل أعضائه وكل أجهزة مناعته في مواجهة الإرهاب الداخلي والخارجي التي تتكالب عليه لإسقاطه عليلاً ضعيفاً.
وفي هذا الموقف الحاسم يتفق الكل أي مسؤول وأى فرد مخلص مثقفاً ومواطناً: أن الشقاق والتناحر ورفض أي طرف للآخرين لا يأتي إلا بمزيد من الشقاق وأن الانقسام يولد الضعف للفرد وللمجموع ككل وينتهي بالوبال على الوطن كله، فالوطن سفينة تحمل الجميع إلى بر الأمان وإلا غرقت بكل من فيها.
طرح فكرة ضرورة الحوار الوطني كانت خطوة شجاعة وتقبل الفكرة الطموحة وتحقيقها كانت خطوة أشجع.. كلاهما توضح مدى الشعور بالمسؤولية لدى المواطن وولي الأمر أمام تحديات المرحلة وخطورة ما قد تحمله التطورات فيما لو لم يتم احتواء الانحرافات والتصدعات والشقوق في البناء المجتمعي، والحوار المتزن الناضج هو أول متطلبات المرحلة للعمل معاً كفريق.
أنا سعيدة بهذه الروح المبادرة والخطوة الحيوية، التي جاءت دون تأخير بعد الجولة الأولى من الحوار الوطني في مكتبة الملك عبدالعزيز وبرعاية ولي العهد - و في وقت يتطلب منا الكثير من الخطوات لملء فجوات وخيمة في التطور المجتمعي تركتها مرحلة طويلة كنا فيها لا نلتفت إلى نتائج توسع الفجوات.
وأرجو أن يسمو كل مثقفينا وعلمائنا والمسؤولين إلى وقفات ناضجة أمام الذات ومواقفها من الآخرين ليشرعوا في حوارات بناءة منطلقها التفهم والتفاهم، وهدفها العيش معاً بأمن ورفاه واطمئنان، ووسيلتها إلى ذلك بناء الوطن الذي يضمن استمرارية التعايش والسعادة للجميع.للوطن تهاني.. ولخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي العهد وللمثقفين الشجعان المخلصين ولمكتبة الملك عبدالعزيز والعاملين عليها تحياتي كمواطنة وتقديري لجهودهم المخلصة في جعل الحوار الوطني حقيقة نفخر بها.
ويبقى أن آمل أن يكون للمرأة السعودية دور في هذا الحوار تنطق وتستمع وتشارك مستمتعة بكل حقوق المواطنة والإنسانية.
|