يعتبر احترام العلاقات ضمن حدود محيط العمل من أهم ركائز الشخصية الجاذبة لموظفي النشاطات الاقتصادية. فالجاذبية الشخصية المتميزة المتفاعلة ترتقي السلم الوظيفي بكل يسر بينما الشخصية المقصرة دائمة الشكوى تبقى متجمدة في سلمها. والسؤال هنا كيف يمكن ان تساهم شخصية الموظف في تيسير العمل وتحقيق اهداف الشركة سواء في زيادة انتاجها أو زيادة مبيعاتها في مقابلة المنافسة التسويقية الحادة. وما الذي يميز الموظفين بعضهم عن بعض مما يجعلهم متفاوتين في الأجور والرتب. وما هي الصفات التي تجعل هناك شخصية مقبولة في العمل عن اخرى منفرة مبعدة بينهم. ان احد المزايا التي يتمتع بها اصحاب الشركات ذوو الرتب الوظيفية العليا هي قدرتهم على التأثير في سير العمل وتحقيق الأرباح عن البقية. وهذه الصفة تخلق جواً من التعاون والتفاني والاخلاص. فهي تشجع كثيراً من الموظفين على الاستعداد لأن تلبي معظم متطلبات العمل الشاق دون ان يتملكهم شعور بالملل والارهاق. فيرجع السبب الرئيسي ان بعض الافراد العاملين يعجبون بالشخصية المتميزة المتزنة وبالتالي يتعاملون معها بطريقة متعاونة فيبذلون قصارى جهدهم في سبيل نيل رضا صاحب الشركة أو المدير العام. فالشخصية الجذابة لها مقدرة أكبر في اقناع الموظفين تفوق احيانا في مفعولها الكيماوي مفعول الحوافز المادية المجزية. ويغيب على بعض الموظفين ان ما يهم غالبية الشركات في المقام الأول هو ان يتصف موظفوها بالبشاشة والدفء والمصداقية وانها لا تحتاج إلى افراد منفرين طاردين للعملاء والمراجعين. فتختار عند مقابلات التوظيف الفرد ذي الشخصية المتزنة أولاً ثم ما لديه من مهارات وخبرات يفتقدها الآخرون من حوله، ثانياً: فتبني قناعتها على أساس ان الموظف الذي يمتلك هذه الصفات والمهارات سوف يضطر زملاؤه في الرجوع إليه للاستشارة والتنوير في حل مشاكل العمل مضيفة إليه المزيد من السمعة الطيبة والمزيد من الترقيات على المدى البعيد ومساهمة في تكوين التقييم الذاتي والثقة بالنفس له. فشخصية العامل ذاتها هي التي تقوده إلى خبرات ومكتسبات جديدة قد تساعده على فتح الأبواب امامه لمستقبل زاهر. وقد نجد أن احدى المناورات التي يمكن ان تستخدم في تقوية روابط الموظفين في الشركة هي ان يخصص الموظف وقتاً للحديث الانفرادي مع الآخرين كل على حدة. فهذه الجلسات المنفردة تعمل على تدعيم الروابط الانتاجية في العمل بطريق غير مباشر. بالاضافة الى ان القدوة في الانغماس والانهماك اثناء الاداء دون الالتفات الى امور جانبية مضيعة للوقت قد يكون لها ايجابيات اضافية في محيط العمل. فكثير من الزملاء ذوي الاداء العالي يمارسون خبراتهم في العمل بانتظام ويكرسون انفسهم وجهدهم لانجاز المهام بكل جدية محاولين تركيزها على بنية العمل ملهمين الآخرين بتلك الروح والاحساس الصادر منهم. فنري هذه الفئة من الافراد تعمل في هدوء ودقة مصحوبة بالتسامح والابداع. وبذلك فهي تضيف مزيجاً من انجاز المعاملات والراحة النفسية للمراجع او العميل والزميل في آن واحد. بالاضافة الى ان سلوكية الشخصية المتفانية تتصف بعنصر الثقة بالنفس والتي تلعب دوراً ايجابياً في بلورة الرؤى حيال متطلبات العملاء واحتياجاتهم. وعلى العكس فهناك فئة تعمل داخل الشركة تسود بينها الوساطة والمحسوبية، فترى هذه فئة من المواطنين تحاول دائماً الوصول إلى اعلى الرتب الوظيفية من اسهل الطرق مستخدمين ادوات الاطراء والنفاق والنميمة لنيل المرام. الا انهم عندما يواجهون مشكلات ومسؤوليات العمل المعقدة نجدهم يجهدون انفسهم في الالتفاف حولها بدلا من محاولة حلها. وتزداد الأمور صعوبة عليهم عندما يكون حالهم حال فاقد الشيء لا يعطيه. لذلك فان التسويف وتأجيل عمل اليوم إلى الغد هو أبرز سماتهم الشخصية المعهودة.
ويتوقف العطاء والاداء الوظيفي بصورة متوازية وتسير جنبا الى جنب مع الحوافز المادية. وعليه فان التوفيق بين شخصية العمل وبين الأجور في الشركة ضرورة تحفز على ظهور تلك الصفات الحميدة. فتحديد الأجور يتوقف على عدة أسس منها: أولا الدور الذي يؤديه الموظف. فكل دور يتطلب نوعية مختلفة من الكفاءات والمهارات التي لابد وان توضع في الحسبان عند تحديد الأجر. فمدير القسم يحتاج إلى قدرات خاصة في التسهيل والتنسيق وتحقيق التناغم بين الزملاء. ثانياً فان حجم المسئولية المالية التي يتحملها الموظف يتساوى مع ادائه. فيرتبط بهذا الجزء مثلاً أهمية القسم الذي يقوم بادارته وتطويره باستمرار باجرة. وقد تأتي المسؤولية المالية بقدر ما من المخاطرة. فهناك تناسب طردي بينهما فكلما زادت المسؤوليات على عاتق الموظف كلما كان حجم المخاطرة التي تكون مصحوباً مع المسؤولية كبيراً. ويفترض على بعض الشركات ان تربط جزءاً كبيراً من الأجر الشهري بالاداء والمهارات المبذولة وبالتالي حفز موظفيها على العطاء والاخلاص. فيجب شحذهم اما عن طريق معرفة رضا الموظفين فيما بينهم أو بمشاركتهم في صنع القرارات الاستثمارية أو حتى اقترانها بالمكافآت الموسمية. وقد يتحتم على الشركات في الوقت الحالي ان تعيد التفكير في نتائجها وفي اساليبها لقياس تلك النتائج السنوية المنجزة. فكان سابقا ان يقيم اداء الموظف ومهاراته على أسس قصيرة المدى مثل نمو حجم المبيعات من السلع أو الربحية والعائد على الاستثمار للشركة. آما الآن فقد تغيرت هذه الأسس على الرغم من ان هذه المقاييس لم تفقد صلاحيتها بعد الا ان بيئة العمل التنافسية فرضت حاليا على الشركات البحث عن طرق جديدة تتلاءم وتتناسب مع معرفة التوقعات والتنبوءات المستقبلية لنموها الاقتصادي. ولعل ومن اهمها اليوم الفكرة والصورة العامة للشركة سواء في اسمها أو في علامتها التجارية لدى العملاء. من هنا فلابد من ربط الاداء والاجر ربطا تصنيفيا ترتب بموجبها فئات الموظفين. فيحصل المديرون على حوافز مالية تعتمد اعتماداً كبيرا على مدى تحقيقهم لأهداف الشركة في فترة زمنية معينة. ويحصل رجال المبيعات على حوافز تختلف في تصنيفها عن زملائهم وتكون عادة مقيدة تبعا لارقام مبيعاتهم وتسويقهم لسلع الانتاج. وقد يكون ربط الاجر بحجم المسؤولية ونتائجها مقياساً آخر جيدا للتحفيز والابداع. فيقترن مثلا ارتفاع الاجر طبقا لارتفاع نتائج الشركة الدولية وتنخفض بانخفاضها كل سنة مما يجعل الموظف حريصا على بقاء الشركة في مستوى تحقيق الارباح وانجاز اهدافها لمعرفته شخصياً المسبقة ان نجاحه من نجاحها وفشله من فشلها.
|