* بغداد د ب أ:
قد تكون الولايات المتحدة عرضت 25 مليون دولار جائزة لمن يرشد عن مكان صدام حسين إلا إن أغلب العراقيين يقولون إن لديهم ما يقلقهم أكثر من العثور على الرئيس السابق. ويقول كثير من العراقيين إنهم يفضلون التمتع بمزيد من الامن وأن يتراجع انقطاع التيار الكهربائي بدلا من زيادة مبلغ الجائزة مع كل إعلان تصدره الولايات المتحدة بشأن القبض على صدام.
ويشكو الشعب العراقي من عدة أشياء أولها الامن، فمع بداية الفصل الدراسي الجديد بعد أربعة أسابيع ينتاب الآباء قلق بالغ على أطفالهم، حيث انتشرت منذ نهاية الحرب العصابات المتخصصة في خطف الاطفال.
كما لا يستطيع أحد الاعتماد على حماية قوات الامن وذلك لعدم كفاءة جهاز الشرطة الجديد في البلاد ولا يملك الآباء إلا دفع الفدية التي يطلبها الخاطفون لاسترجاع أبنائهم. ويقول الملاحظون إن عبارة «أمر مثل هذا لم يكن يمكن حدوثه في أيام صدام» أصبحت شائعة بين العراقيين. وأصبحت السرقات على الطرق السريعة ظاهرة تتخذ طريقها لحياة العراقيين.
وأصبح السفر من الحدود الاردنية إلى بغداد مغامرة تنطوي على كثير من المخاطر في الاشهر القليلة الماضية، ولم يسلم قلب العاصمة العراقية من اللصوص، حيث يجبر قطاع الطرق المواطنين العراقيين على ترك سياراتهم في وضح النهار، أما من لا يمتثل لهؤلاء اللصوص فغالبا ما يتعرض لاطلاق النار أمام سيارته وهو ما حدث لاحد العراقيين كان يقود سيارته من طراز (بي إم دبليو) وأطلق الرصاص عليه وهو لا يزال جالسا خلف عجلة القيادة، ويعد السير ليلا خطرا على العراقيين والاجانب على حد سواء.
ويقول العراقيون إن محاولة الابلاغ عن أي جريمة في مركز الشرطة تقابل برد تقليدي بارد هو «سنحاول». كما يعاني العراقيون من انقطاع التيار الكهربائي، فحتى أكثر مناطق بغداد ثراء لا يتمتع ساكنوها بالتيار الكهربائي إلا لمدد تتراوح بين ثماني و12 ساعة يوميا مع ارتفاع درجات الحرارة التي تصل إلى 50 درجة مئوية.
أما ما تبقى من اليوم فلا توجد طاقة لتشغيل أجهزة تبريد الهواء.
وتعهد بول بريمرالحاكم المدني للعراق بأن مشكلة نقص الطاقة ستجد طريقها للحل مع نهاية الشهر المقبل، أما بالنسبة للمواصلات فيقول العراقيون: إن المرور في العاصمة العراقية اصبح يتسم بالفوضى على عكس ما كان أيام النظام السابق، وقال مراقبو المرور الجدد: إن القوات الامريكية أغلقت من الشوارع أكثر مما كان يحدث أيام النظام السابق لدواع أمنية، كما أصبح مسموحا للشاحنات بالسير في وسط المدينة وهو ما كان ممنوعا أيام النظام السابق، كما تجوب نحو 40 ألف سيارة مستعملة دخلت العراق بعد الحرب شوارع العاصمة بلا تصاريح. ورغم أنه لم يعد أحد يترحم على أيام الرئيس السابق إلا إن البعض مازال يدعوه الرئيس وآخرون يكتفون بأن يطلقوا عليه اسم «الشيخ الكبير»، كما أعرب كثير من العراقيين عن سعادتهم بأنهم لن يمطروا بملايين من صور وتصريحات الرئيس العراقي، وتزداد سعادتهم بأن عملتهم الوطنية أصبحت أكثر قوة كما يمكنهم الآن التعبير عن آرائهم ورغبتهم في مزيد من المعلومات بدون خوف، لذلك وبلا أدنى شك كما يرى المراقبون فإن أغلب العراقيين يشعرون بالامتنان للولايات المتحدة للاطاحة بالرئيس السابق. ولكن سيشعر العراقيون بامتنان أكثر عمقا إذا حزمت القوات الامريكية حقائبها وغادرت الاراضي العراقية. ويشكو كثيرون من تعرضهم لمضايقات القوات الاجنبية في البلاد وما تنشره من دوريات وما تفرضه من حظر للتجول.
كما يصطف عدد ضخم من العراقيين تحت الشمس الحارقة يوميا لمجرد عبور إحدى النقاط الامنية، ويواجه العراقيون الاوامر التي تفرضها القوات الامريكية، أما اللغة العربية البدائية التي توجه بها الاوامر مثل «إخلاء» و«اترك» التي يستخدمها الجنود الامريكيين فيرى فيها العراقيون إهانة تدل على افتقاد الاحترام خاصة في مخاطبة الاشخاص الاكبر سناً.
|