Wednesday 6th august,2003 11269العدد الاربعاء 8 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نحن أمة أعزنا الله بالإسلام ولما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله نحن أمة أعزنا الله بالإسلام ولما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله

استوقفتني مقالة كتبتها الأخت ناهد بنت أنور التادفي في عدد الجزيرة «11263» ليوم الخميس 2/6/1424هـ والتي عاودت قراءتها أكثر من مرة كونها تلامس واقع الأمة وتكشف حالها وتبين مرضها وتشخص أعراضها ومنها الذل الخوار والتفرق والشتات موضحة أسبابه ومسبباته بقولها «انشغل الساسة بالقضايا الانصرافية وضياع الدين وهوية» نعم والله صدقت والواقع يحكي ذلك والتاريخ أكبر شاهد وأعظم دليل فكم من قلاع للإسلام هدمت بعدما شيدها خلفاء عظام وكم من إمبراطورية إسلامية تهاوت بين عشية وضحاها وكم من مجد عظيم ضاع لما ضيع الدين واستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وها هو التاريخ اليوم يعيد نفسه بعد عدة قرون وها هي جحافل الصليبية تعيد استعمار الأرض بعدما استعمرت الفكر والعقل، وما يحدث بالعراق اليوم من جرم الغزاة أمام سمع وبصر العالم العربي والإسلامي ومنظماته والتي لم تصدر بياناً يدين ويشجب العمليات التي يقوم بها الجنود المحتلون، وكأن إحساس الأمة وعصبها أزيل من جسدها فلم تحد تحركها الحوادث ولا الفواجع ولا صراخ الأطفال وبكاء النساء وغبن الرجال الذين يعيشون تحت سطوة المحتل، يديرون شؤونه ويتحكم بمصيره ويتلاعبون بخيراته إنه قمة الذل والإهانة ولكن لله حكمة بالغة في عباده.. يقول مالك بن أنس رحمه الله لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها فالذي أصلح أولها هو الدين الصحيح الخالي من البدع والشركيات ومن تعدد الحزبيات ورفع الشعارات القومية التي ما أنزل الله بها من سلطان وكانت سبباً في تفرق الأمة وشتاتها وتكالبها على بعضها شرقاً وغرباً تركض خلف سراب يحسبه الظمآن ماء وغررت بشعارات براقة وديمقراطية مزعومة وحرية مجهولة جنت بسببه الويلات وأوردت نفسها موارد الهلاك والدمار ضلت عن طريق الهداية والاستقامة وسلكت طريق الضلالة والغواية فحل ما حل بها اليوم من ضعف وخوار وذل وهوان وتشتت وتفرق وخصومات ونزاعات لما أعرضت عن أعظم دستور مكتمل الأركان قوي البنيان أعز الله به أمة كانت متفرقة ومتشاحنة تعيش في ظلام وجهل ليجعلها من خير الأمم وأفضلها، مكن لها السيادة والريادة على هذه البسيطة، عندما رفعت راية التوحيد وبسطت سيادتها من السند شرقاً إلى الأندلس غرباً وإقامة شرع الله قولاً وفعلاً ونهجاً ونظاماً سيّروا به جميع شؤون حياتهم فمنحهم الله قوة لا تغلب ومنعة لا تقاوم فهابتها الأمم والشعوب الكافرة آنذاك ومازالت صفحات التاريخ البيضاء تذكرنا بماضينا المجيد لتلك الأمة العظيمة التي استطاعت أن تبني لنفسها مجداً عظيماً تتذكره الأجيال جيل بعد جيل، أما اليوم فقد تبدل الحال لأن واقع أغلب الأنظمة العربية والإسلامية نجدها مستمدة من نظم الغرب ودساتيره والتي تتبدل مع من يعتلي كرسي الزعامة والرئاسة وتتغير بتغير الزمان والمكان، وهذا هو سبب ضعفها وذلها حتى صغرت بعين عدوها وصدق من قال نحن أمة أعزنا الله بالإسلام وإذا أبتغينا العزة بغيره أذلنا الله.
فما نراه اليوم من اختلاف المسلمين وتفرق كلمتهم وشتات وحدتهم وتمزق صفوفهم هو بسبب بعدهم عن الله وعدم إقامة الدين كما ينبغي، فواقع دينهم فيه الخلل والنقص وشابه التحريف والتزييف والقول على الله بغير حق وهذا أدى إلى حصول التفرق والاختلاف والتناحر والتباغض مما أوجد ثغرة واسعة وشرخاً كبيراً استغلها أعداء الإسلام وهم الذين تسببوا في زعزعة كيان الأمة ووحدتها لعملهم اليقين أن الإسلام إذا أقامه أهله على ما أراده الله أن يكون فسوف تكون لهم الريادة والسيادة والمنعة والقوة على هذه الأرض استنتاجاً من تاريخها العظيم، ولذا لجأ بتغرير الشعوب بالحضارة الغربية والديمقراطية والحرية المزعومة وثورتها العلمية المبهرة وشن حملة ثقافية وفكرية تتقاذفها وسائل إعلامهم المختلفة وتروج لها ومع الأسف وسائل إعلام عربية ساقطة حتى تفرخ من بني يعرب نفر كثير تصبغوا بصبغة الغرب وتنكروا للإسلام ولهويتهم العربية بعدما استحوذ بعض منهم على وسائل إعلام يروج من خلالها أفكاراً هدامة وتوجهات باطلة وادعاءات كاذبة حتى وصل بهم الحال باتهام الإسلام انه سبب تأخر العرب وتخلفهم، وهؤلاء هم بنو علمان وما علموا أنهم هم سبب واقع الأمة اليوم بما أحدثته شطحات أفكارهم وسوء نياتهم، إن ما يواجهه العالم الإسلامي اليوم من تحديات كبيرة ومخططات خطيرة تعد وتحبك من قبل أعداء تعلن ويجهر بها عبر وسائل إعلامهم المختلفة من استبعاد حكام وتقسم دول ونهب ثروات، هذا الوضع يستوجب منا الوقوف مع النفس ومحاسبتها على ما اقترفته بحق الله ونعلنها توبة صادقة مع الله، فوالله الذي لا إله إلا هو لا ينقذنا مما نعيشه اليوم من ذل وهوان وأخطار تحيط بنا من كل مكان إلا العودة على ما كان عليه سلف الأمة منذ بزوغ فجر الإسلام وهذا ليس بعسير على الله وهو القائل {)وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186)

ناصر بن عبدالعزيز الرابح مشرف تربوي بتعليم حائل

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved