كتب الله عز وجل ان أزور منطقة نجران في زيارة عمل، أمضيت خلالها ثلاثة أيام كانت غاية في الجمال وقمة في الرضا، أيام على ثرى منطقة نجران قضيناها وتحت سمائها أمضيناها فمرت علينا الأيام كبرق لمع، أو كدمع همع، فمنذ ان حطت الطائرة بنا في المطار، والألسن تسبق الأقدام في الاستقبال، والترحيب بنا يملأ الآذان، والحفاوة تحيط بنا من كل مكان، والتنظيم غاية في الاتقان وما ان جاء الصباح، وأشرق الضياء، إلا والموائد لنا قد هيئت، وسفر الأقطار قد جهزت، وما إن انهينا اجتماعنا الأول في تمام الساعة الثانية والنصف ظهراً إلا وموائد الغداء قد امتدت، وأطباق الأكل قد امتلأت.
وكذا كان المساء بعد رحلة أثرية ماتعة، وجولة سياحية رائعة شملت سد وادي نجران، ومنطقة الاخدود الأثرية، وقصر الإمارة القديم، ومتحف نجران وغيرها من الأماكن الأخرى، لقد كان احتفاء أهل منطقة نجران بنا ممثلاً برئيس المجلس الفني بمنطقة نجران الدكتور محمد الشهري ومدير مركز التدريب ومتدربي المركز، غاية في الاحتفاء، وقمة في الاعتناء، ودقة في التنظيم حتى إنا لو كنا ماء بكف أحدهم لما انسكب، ولو كنا جوهراً ولؤلؤاً على راحة كف يد أي منهم لما انتثر، حفاوة واستقبال وبشاشة غير مستغربة على أهل تلك المنطقة الرائعة من مناطق بلادنا الغالية، عذراً ثم عذراً أيها القارئ الكريم، فلقد حاولت ان أصوغ مشاعري تجاههم فيما بيني وبينهم فغضبت المشاعر وحاولت أن أجمل العبارات فرفضت، وبذلت جهدي لاختصر الكلمات فأبت وقالت لي: يا أبا معاذ كيف تريد ان تجمل العبارات وتختصر الكلمات في أهل نجران الذين ذاع صيتهم، وامتد جميل فعلهم، وغربت بأحاديث وجودهم الركبان، وملئت بأخبار كرمهم الآذان كيف تخفي المشاعر في قوم أول ما وطئت أقدامكم ديارهم أصبحت منهم ملء السمع والبصر، وتجاوز اهتمامهم بكم كلّ خواطر البشر، زملاء جمعكم واياهم العمل، وربط بينكم وحدة الأمل، بمستقبل للتدريب المهني أفضل، لكنهم جاوزوا ذلك إلى مواقف الإباء الشمم، والجود والكرم، فجملوا بفعلهم اللقاء وأذهب اهتمامهم المشقة والعناء، وألبسونا ثياب الأنس والرخاء، فلهم منا وافر الشكر والدعاء، وعذراً ثم عذراً أيها الزملاء في مجلس التعليم الفني ومركز التدريب المهني بنجران فماذا عسى مثلي ان يقول لكم، وماذا عن مثلي ان يتحدث إليكم فمهما قلت في حقكم من كلمات فهي قاصرة، ومهما نطق لساني من عبارات فهي غير كافية ولكني احيلكم على من يديه ملء سحاء الليل والنهار، أحيلكم على من عطاؤه لا ينقطع، وفضله ليس له حدود، وكرمه ليس دونه سدود، احيلكم على الملك الكريم، الرب الرحيم، بأن يجزيكم عنا خير الجزاء وان يخلف عليكم خيراً، وان يديم على مملكتنا الغالية امنها وإيمانها، وعزها واستقرارها تحت هذه القيادة الحكيمة التي جمع الله بها الشمل والتحم بها الصف، واتحدت بها الكلمة انه سميع قريب مجيب الدعاء، ودمتم أبناء وطني في كل مكان مصدر عز ونماء وشموخ وارتقاء وأمان وبناء.
|