في الوقت الذي تتطلع فيه الأمم المتحضرة والبلدان الحية لشبابها كي يكونوا سواعد فتية وطاقات فاعلة في بناء الوطن وتقديمه للصفوف الأمامية في مركب الحضارة الإنسانية، يخرج من تحت عباءة الإرهاب طغمة فاسدة (فكرياً) من شباب هذا البلد، وهم يتوشحون برداء الدين النقي، والدين منهم براء براءة الذئب من دم يوسف، بعمليات انتحارية تحت زعم الجهاد، جرَّت الأنفس البريئة والممتلكات العامة والخاصة لمحرقة تفجيرات ضربت عصب الحياة في جسد الوطن في عاصمته (الرياض)، ثم امتدت تأثيراتها إلى العاصمة المقدسة مروراً بمدينة المصطفى على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وبمنطقة حائل عروس الشمال السعودي.
مما يعني ان الأمر لم يقف عند حد خروج تلك الفئة المارقة ومن ثم القضاء عليها إن شاء الله، بقدر ما يعني ان تفجيرات الرياض، ومطاردة حائل وأحداث مكة قد دقت ناقوس الخطر الكبير بقدوم طوفان دموي (لا قدر الله)، ما لم نراجع أنفسنا بانفتاح شامل يشارك فيه مسؤولو الدولة والعلماء ورجال التربية والتعليم والمثقفون وأهل الفكر، بحيث يقف الجميع على حقيقة مرة، وهي وإن كنا مجتمعاً مسلماً محافظاً، فإن الواقع يؤكد أن بيننا (إرهابيين) يجب تطويق فكرهم ليسهل بعد ذلك استئصال شرهم!!
إرهابيون تربوا في الظلام على موائد الانتحار الجماعي تحت أنفاس الفقه الناقص والفهم الخاطىء للإسلام بتعاليمه وقيمه وفضائله، حتى جاز لهم أن يركبوا الموجة الميكافيلية التي تقول ان الغاية تبرر الوسيلة، فلم يترددوا بنقل معاركهم التي يسمونها (جهاداً) إلى بلادالمسلمين، والكارثة أن تكون بلاد الحرمين ومهبط الوحي ومنطلق رسالة الرحمة للعالمين، أن تكون المملكة الآمنة المطمئنة هدفاً أول وصيداً ثميناً لأولئك المارقين ممن يتحدثون بلغة التكفير بين المؤمنين، وينتهجون التفجير بفتوى محاربة الصليبيين، ويحرفون قطار الجهاد عن مقاصده السامية إلى أوحال الإرهاب، الذي لا يفرّق بين طفل وامرأة، أو يعترف بحق ذمي مستأمن أو معاهد!!
كما أن الخطأ كل الخطأ أن تُختزل أسباب هذه القضية الخطيرة في مشاكل تنموية كالفقر والبطالة وما إلى ذلك من عوامل (قد) تكون مساعدة لوجود هذه الفئة المارقة، ولكنها قطعاً ليست السبب الرئيس، لأن المشكلة (فكرية) لبست لبوس الدين فانحرفت بقطار التفجير المزود بوقود التكفير مهدداً المجتمع الإسلامي بأسره، هذا ما كان والله المستعان.
|