Wednesday 6th august,2003 11269العدد الاربعاء 8 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أوحال الإرهاب أوحال الإرهاب
محمد بن عيسى الكنعان

في الوقت الذي تتطلع فيه الأمم المتحضرة والبلدان الحية لشبابها كي يكونوا سواعد فتية وطاقات فاعلة في بناء الوطن وتقديمه للصفوف الأمامية في مركب الحضارة الإنسانية، يخرج من تحت عباءة الإرهاب طغمة فاسدة (فكرياً) من شباب هذا البلد، وهم يتوشحون برداء الدين النقي، والدين منهم براء براءة الذئب من دم يوسف، بعمليات انتحارية تحت زعم الجهاد، جرَّت الأنفس البريئة والممتلكات العامة والخاصة لمحرقة تفجيرات ضربت عصب الحياة في جسد الوطن في عاصمته (الرياض)، ثم امتدت تأثيراتها إلى العاصمة المقدسة مروراً بمدينة المصطفى على ساكنها أفضل الصلاة والسلام وبمنطقة حائل عروس الشمال السعودي.
مما يعني ان الأمر لم يقف عند حد خروج تلك الفئة المارقة ومن ثم القضاء عليها إن شاء الله، بقدر ما يعني ان تفجيرات الرياض، ومطاردة حائل وأحداث مكة قد دقت ناقوس الخطر الكبير بقدوم طوفان دموي (لا قدر الله)، ما لم نراجع أنفسنا بانفتاح شامل يشارك فيه مسؤولو الدولة والعلماء ورجال التربية والتعليم والمثقفون وأهل الفكر، بحيث يقف الجميع على حقيقة مرة، وهي وإن كنا مجتمعاً مسلماً محافظاً، فإن الواقع يؤكد أن بيننا (إرهابيين) يجب تطويق فكرهم ليسهل بعد ذلك استئصال شرهم!!
إرهابيون تربوا في الظلام على موائد الانتحار الجماعي تحت أنفاس الفقه الناقص والفهم الخاطىء للإسلام بتعاليمه وقيمه وفضائله، حتى جاز لهم أن يركبوا الموجة الميكافيلية التي تقول ان الغاية تبرر الوسيلة، فلم يترددوا بنقل معاركهم التي يسمونها (جهاداً) إلى بلادالمسلمين، والكارثة أن تكون بلاد الحرمين ومهبط الوحي ومنطلق رسالة الرحمة للعالمين، أن تكون المملكة الآمنة المطمئنة هدفاً أول وصيداً ثميناً لأولئك المارقين ممن يتحدثون بلغة التكفير بين المؤمنين، وينتهجون التفجير بفتوى محاربة الصليبيين، ويحرفون قطار الجهاد عن مقاصده السامية إلى أوحال الإرهاب، الذي لا يفرّق بين طفل وامرأة، أو يعترف بحق ذمي مستأمن أو معاهد!!
كما أن الخطأ كل الخطأ أن تُختزل أسباب هذه القضية الخطيرة في مشاكل تنموية كالفقر والبطالة وما إلى ذلك من عوامل (قد) تكون مساعدة لوجود هذه الفئة المارقة، ولكنها قطعاً ليست السبب الرئيس، لأن المشكلة (فكرية) لبست لبوس الدين فانحرفت بقطار التفجير المزود بوقود التكفير مهدداً المجتمع الإسلامي بأسره، هذا ما كان والله المستعان.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved