قالت صديقتي:
من الرجال من أحسب أنَّّهم لا يثقون في أنفسهم ذلك لأنَّهم يعتقدون بأنَّ نجاح النساء هو تهديد لنجاحهم، وأنَّ قدرتهم عليهن لا تتحقق إلاَّ عن طريق إيذائهن، فإن كانوا أزواجاً منعوهن عن العمل، والاستقلال الذَّاتي، وضايقوهن في الحياة الأسرية إلى أن تصل الأمور بينهم إلى الانفصال، فيزدادون إمعاناً في القسوة عليهن فلا يطلِّقونهن ولا يراجعونهن، ويحرمونهن من أبنائهن، وإن كانوا أقلَّ شراسةً، اتَّبعوا أسلوب الفظاظة في التعامل، والإحراج في المواقف، والسَّفه بهن، والتقليل من شأنهن، وكذلك يفعل كثير من الأباء والإخوان.
إنَّ هذا النَّمط من الرجال هو السائد في مجتمعنا، المهيمن على حياة النساء، هناك منهم من يحتاج إلى ضوابط، وإلى روادع، إنَّهم قادرون على أن يُحيلوا الأمور كلَّها في صالحهم، فيدَّعون ما لا يكون، ويصوِّرون على ما لا يحدث، ويتسلَّطون بقدرتهم، ولا يخشون شيئاً.
قلت: إن كان هذا هو السائد، فإنَّه مؤشر إلى ضعف في الإيمان، وقصور في الأخلاق...، وكلاهما يتلازمان، فمن لا يخاف اللَّه تعالى، فإنَّه لا يخشى البشر، ومن لا يخشى البشر فإنَّه لا يستحي، ومن لا يستحي فهو يفعل ما يشاء...، وتلك لعمري معضلة...
قالت: لعلَّنا لو ذهبنا نبحث في القضايا الموجودة في المحاكم وحدها، أو أحصينا عدد الحالات التي لم تصل للمحاكم رغبةً من النساء في السِّتر والحماية ممَّن لا يخاف اللّه من هؤلاء النماذج أن ترمى منهن بما ليس فيها من قِبَلهم، فإنَّنا سوف نجد شرخاً هائلاً في بنية المجتمع.
إنَّ ذلك في رأيي يعود إلى أنَّ الرجال الذين نشأوا في أسرهم، ومجتمعهم وهم مملوءون إحساساً بالذَّات، وتعظيماً للأنا، هم الذين يمثِّلون هذه الشريحة، ولعلها إن كانت الشريحة الأكثر انتشاراً فإنَّ ذلك يعود إلى التربية منذ النشأة، وما لم يعالج من الصغر فإنَّ علاجه يصعب في الكبر.
قلت: ألا يدعو ذلك إلى أن تلتفت الأمهات إلى تغيير نمط التربية عند تنشئة الأولاد وتقليم أظافر الأنا لديهم، وتدريبهم على احترام الذَّات الإنسانية في الجنس الآخر، والخشية من اللَّه تعالى عند العمل، بل في التفكير، وطيِّ النوايا على مخافته تعالى، والإيمان بأحقيَّة الآخر في الحياة الكريمة في شخص المرأة؟
قالت: إنَّهم يحتاجون إلى ما يعزِّز ثقتهم في أنفسهم كي تُعزَّز ثقتهم في الآخر.
قلت: ولعمري فإنَّه المحك.
|