المعلمون والمعلمات في المدارس الأهلية إلى أين؟
عبدالرحمن صالح محمد الحربي*

فجر صندوق الموارد البشرية بالعام الماضي مفاجآت سارة لجميع مدرسي ومدرسات المدارس الأهلية في المملكة بأن هناك زيادة في رواتبهم الشهرية بمقدار 50% لترتفع رواتبهم بالمدارس الأهلية إلى أربعة آلاف ريال شهرياً بالإضافة إلى أن هنالك العديد من البدلات سوف تصرف للمعلمين والمعلمات كبدل سكن ومواصلات وسوف تستمر رواتبهم خلال الإجازة الصيفية التي تمتد لثلاثة أشهر تقريباً وأن هذا الدعم سيكون بالتعاون بين ملاك المدارس الأهلية وصندوق تنمية الموارد البشرية والتعاون سيكون على النحو التالي:
1- يتحمل صندوق الموارد البشرية 50% من رواتب المعلمين والمعلمات أثناء فترة التدريب بمقدار 2000 ريال لمدة سنتين.
2- يتحمل مالك المدرسة 2000 ريال من راتب المعلم أو المعلمة أثناء فترة التدريب لمدة سنتين.
3- بعد مرور سنتين من فترة التدريب يتحمل مالك المدرسة كامل راتب المعلم أو المعلمة ويلزم بدفع أربعة آلاف ريال شهرياً لوحده ويخلي صندوق تنمية الموارد البشرية مسؤوليته من دفع أي مبالغ مالية بعد مرور السنتين (فترة التدريب).
وهذا البرنامج الناجح بنظر صندوق تنمية الموارد البشرية هو الذي سوف يحل مشكلة تدني رواتب المعلمين والمعلمات والسعي إلى رفعها من 1500 ريال و2000 ريال إلى أربعة آلاف ريال ولكن المشكلة بأن الكثير من المدارس الأهلية رفضت الاشتراك بهذا البرنامج والتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية لسببين مهمين وهما:
1- أن ميزانية المدارس الأهلية لا تسمح بتحمل هذه المبالغ الكبيرة في السنة الواحدة والتي تكلف المدرسة للمعلم الواحد مبلغاً وقدره 48 ألف ريال وكما لا يخفى على الجميع بأن المدارس الأهلية بدأت تستقبل السعوديين في مدارسها وأصبحت كل مدرسة يزيد فيها عدد السعوديين إلى عشرة مدرسين وليس باستطاعتها أن تدفع لكل واحد منهم 48 ألف ريال سنوياً اضافة إلى التزاماته المالية تجاه احتياجات المدرسة من تجهيزات ودفع إيجار المدرسة (المستأجرة) بالإضافة إلى دفع رواتب المدرسين غير السعوديين الذين يزيد عددهم إلى خمسة أضعاف المدرسين السعوديين.
2- صندوق الموارد البشرية يذكر مسؤولوه بأنه سوف يقوم بتدريب المدرسين الجدد ومن ثم تقديمهم إلى المدارس الأهلية وهذا التدريب ربما يصلح للشركات والمؤسسات ولكن قد لا يصلح للمدارس الأهلية لأن المعلم عندما يتخرج من الجامعة أو الكلية يكون قد وصل لمرحلة متقدمة جداً من القدرة والكفاءة والتدريب في مجال التدريس بالإضافة إلى أن هناك الكثير من البرامج والدورات التي تقوم بها إدارات التربية والتعليم في جميع مناطق المملكة لمتابعة المعلمين في المدارس الأهلية والرفع من مستواهم في توصيل المعلومات للطلاب بأفضل الطرق التربوية عن طريق مشرفين تربويين لديهم الخبرة والقدرة العالية في اختيار أفضل البرامج التي تساعد المعلم في تطوير مستواه العلمي والوقوف معه والتدريب عن طريق صندوق تنمية الموارد البشرية غير مفيد إطلاقاً للمعلمين والمعلمات وفائدته تكون أعظم لشباب الوطن الذين يريدون العمل في الشركات والمؤسسات وليس لديهم أي خلفية عن العمل في تلك المنشآت الحيوية وتفيدهم جداً الدورات التدريبية التي يقدمها الصندوق.
وعلى ذلك فإن تحسين أوضاع المعلمين والمعلمات في المدارس الأهلية مسؤولية جهة واحدة وهي التي تستطيع أن تقف معهم وتساعدهم في الرفع من رواتبهم المتدنية كثيراً وهي وزارة التربية والتعليم التي ومع الأسف مازال دورها سلبياً تجاه دعم أبناء الوطن في المدارس الأهلية حيث إنها لا تجبر المدارس الأهلية على توظيف السعودي وتدع الحرية الكاملة لتلك المدارس في توظيف من تشاء من الوافدين وزملائي أبناء الوطن ما يزالون في بيوتهم منذ سنوات ينتظرون بارقة أمل تأتيهم وينخرطون في العمل في تلك المدارس التي هي أفضل مكان مناسب لمؤهلاتهم العلمية المتقدمة ويستفيدون من البرامج التعليمية التي تقيمها إدارات التعليم في مناطق المملكة بدلاً من الوافدين الذين نشاهدهم في تلك البرامج بنسبة 90% بينما أبناء الوطن بعيدون عنها ومجمدون في بويتهم.. حتى المعلمين السعوديين في المدارس الأهلية الذين على رأس العمل لا تنظر إلى أوضاعهم أو تتلمس احتياجاتهم مع أنهم يبذلون جهوداً كبيرة في المدارس الأهلية تفوق ما يبذله المعلم السعودي في المدارس الحكومية حيث ان رواتب المعلمين في المدارس الأهلية 2000 ريال فقط وبدون بدل سكن وبدل مواصلات ومحرومون من العلاوة السنوية التشجيعية وكذلك أن المعلم السعودي والمعلمة السعودية العاملين بالمدارس الأهلية محرومون من رواتبهم في فصل الصيف لمدة ثلاثة أشهر وهذه المدة الطويلة تضع المعلمين والمعلمات في أوضاع نفسية سيئة وتجعلهم يمدون أيديهم للآخرين لطلب المساعدة ومع ذلك لم تتحرك وزارة التربية والتعليم بانقاذ منسوبيها ومنحهم الاستقرار والراحة النفسية بدفع رواتب مجزية لهم في فترة الصيف على ما بذلوه من جهد كبير طوال العام الدراسي وعندما حان الوقت أن يستريحوا لم يجدوا من يقدر ظروفهم وأوضاعهم المادية المتردية..
والغريب جداً أن جميع ما يعمله المعلم السعودي وما تعمله المعلمة السعودية من جهد وكفاح وصبر على المعاناة وسنوات الخدمة في المدارس الأهلية لا نجد له أي أهمية في وزارة التربية والتعليم فالمعلم أو المعلمة الذي عمل خمس سنوات مثلاً في التعليم عن طريق المدارس الأهلية لايكون لخدمته أي أهمية عندما يتم تعيينه في المدارس الحكومية حيث إنه يصنف على إنه مدرس مستجد وليس له أي خدمة في التعليم ويعامل مع الخريجين حديثاً من الجامعات معاملة واحدة ودون منح معلمي ومعلمات المدارس الأهلية أصحاب الخبرة والخدمة أي أفضلية من حيث المستوى الوظيفي أو العلاوة السنوية وكذلك النقل وغيرها من الامتيازات الأخرى التي لدى الوزارة بالرغم أن المدارس الأهلية خاضعة تحت إشراف وزارة التربية والتعليم ولكن للأسف ما زالت حقوق المعلمين والمعلمات ضائعة حتى وقتنا الحاضر. ومع كل ذلك ما يزال أملنا كبيراً بمعالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الأحمد الرشيد أن ينظر في معاناة اخوانه المعلمين والمعلمات الذين يقدرون جهوده الكبيرة في وزارة التربية والتعليم من حيث المتابعة والتطور ومعالجة جميع المشاكل والمعوقات التي تعترض مسيرة التعليم في بلادنا بحكمة وحنكة وبعد نظر حتى أنه استطاع أن ينال ثقة ولاة الأمر للمرة الثالثة على التوالي بالتمديد لمعاليه وتجديد الثقة فيه ليقود مسيرة التربية والتعليم لأربع سنوات قادمة ولا يخفى على أحد بأن معالي وزير التربية والتعليم لديه الكثير من المسؤوليات التي تشغل تفكيره ولكن نتمنى أن تكون معاناة المعلمين والمعلمات في المدارس الأهلية أولى اهتماماته المستقبلية ليتم حلها بشكل سريع وبدون أي تأخير فكما أن تهيئة الجو المناسب للطلاب مهم.. فالمعلم والمعلمة أيضاً يحتاجان من يهيئ لهما الأوضاع المناسبة حتى يقوما بأداء دورهما التربوي على أكمل وجه وبدون أي مؤثرات خارجية تؤثر على أداء رسالتهما التعليمية.. وتقبلوا تحياتي وشكراً لكم.