رأت الولايات المتحدة الأمريكية أن تتراجع عن بعض السياسات تجاه فلسطين وتحديداً عن مطالبتها رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن» حل بعض الفصائل، غير أن إعلان واشنطن العدول عن ذلك أثار غضب إسرائيل التي قالت: انها ليست مستعدة للتساهل في هذا الأمر.
العبارة الأخيرة وردت على لسان دوف ويسغلاس مدير مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إرييل شارون، والعبارة تنضح بكل علامات التعالى لكنها تمثل التطفل بعينه كما تكشف امكانية التدخل الإسرائيلي لتعديل السياسات الأمريكية من خلال لهجة الوعيد التي تنطوي عليها.
ويبدو أن الخطوة الأمريكية فاجأت إسرائيل ووجهت صفعة لها، حيث إن إسرائيل طربت كثيراً حينما سمعت الرئيس الأمريكي جورج بوش يطالب أبو مازن بحل المنظمات الفلسطينية مثل حماس والجهاد لكنها صعقت حقيقة عندما عرفت أن هذه السياسة تتغير وفقاً للتقديرات الأمريكية ومرئياتها تجاه الأوضاع الفلسطينية.
وربما تعين على إسرائيل أن تستعد لتلقي المزيد من هذه المفاجآت لأنها تبني مواقفها على منطق معكوس ولا تعطي اعتباراً لمقتضيات السلام الذي يستلزم مرونة أكثر في مواجهة الحقائق.
إننا لا نذهب بعيداً إلى الدرجة التى نتوقع فيها تناقضاً كاملاً بين الرؤى الأمريكية والاسرائيلية فهذا لم يحدث نظراً للارتباط العضوي بين الجانبين.
غير أن الأمريكيين العاديين يرون أن مساندتهم لإسرائيل تكلفهم كثيراً وانهم يفقدون تعاطف الشعوب الأخرى لأن حكومتهم تدعم حكومة يقودها إرهابي مثل شارون تنشر الرعب يومياً في أرض تحتلها.
والآن فإن الإدارة الأمريكية تسمع ما يتردد على نطاق واسع في المنطقة من ان الضغط على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إنما يضعف أبو مازن وأن ذلك يجعل السلطة منشغلة بمسائل أخرى عديدة غير السلام ولو أن الإدارة الأمريكية ركنت إلى الموضوعية وكفت عن توجيه النقد لعرفات فإن إسرائيل ستصاب بخيبة أمل أخرى لكن واشنطن ستكون قد قامت بخطوة نحو الموضوعية والحيادية التي يتعين أن يتصف بها الوسيط النزيه.
وتستطيع واشنطن ان ترسخ نهجاً حيادياً يساعدها على اكتساب ثقة الفلسطينيين ويمكنها من تحقيق السلام وإلا فإن الانحياز للارهاب الإسرائيلي سيفرز حلولا عرجاء لا تستقيم والمنطق السليم.
|