Sunday 3rd august,2003 11266العدد الأحد 5 ,جمادى الثانية 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

سن القبول بالمرحلة الابتدائية.. نظرة تربوية سن القبول بالمرحلة الابتدائية.. نظرة تربوية
أحمد بن عبده الألمعي / الرياض

يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) (الأنعام:65)
وفي ذلك يروي عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قاله: (أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مررنا على مسجد بني معاوية فدخل فصلى ركعتين فصلينا معه فناجى ربه عز وجل ثم قال: سألت ربي ثلاثاً سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها) رواه مسلم في كتاب الفتن. ومن خلال هذه الآية والحديث النبوي الشريف يتضح لنا أن الله سبحانه وتعالى كتب على هذه الأمة الفرقة والاختلاف وأننا مهما فعلنا للقضاء على ما يحدث من تناحر بين المسلمين فلن نستطيع ذلك لأن الله سبحانه وتعالى قضى أمراً ولا راد لقضائه ولكننا نسأله سبحانه اللطف في القضاء لا رده ونسأل سبحانه أن يهدي المسلمين الى حسن التعامل مع هذه الاختلافات والفرقة والخروج منها بأقل الأضرار ومحاولة تلافيها قدر المستطاع.
هل أنت معني بما يحدث
أخى القارئ الكريم في البداية وقبل قراءة الموضوع أرجو منك التكرم بالاستعداد الذهني والنفسي لقراءة هذا المقال وجميع المقالات الأخرى التي تتحدث عن هذه المواضيع لأنه يا أخي وكما تعلم أن موضوع الارهاب لا يقتصر خطره على شخص بعينه أو فئة من الناس فقط بل يمتد ذلك ليشمل المجتمع ككل وقد يصل ضرره الى الدول المجاورة أيضا، لذا أخي الفاضل دعنا نركز كل حواسنا ونبذل قصارى جهودنا في سبيل الحد بل والقضاء على ما يسمى بالارهاب أو العنف ومن يسانده ويدعمه معنويا وماديا لذا أخي تعال معا لكي نناقش هذا الكابوس الجاثم فوق صدورنا هذه الليالي ونحاول الخروج بمفهوم حول الارهاب وأسبابه وطرق علاجه.
كيف يبدأ الإرهاب
كما هو معلوم أن الارهاب في الغالب يبدأ من اختلاف وجهات النظر في معالجة موضوع معين ثم يتطور الامر الى تطرف فكري وتعصب ومحاربة للرأي الآخر ومحاولة إظهار الجهة المخالفة بمظهر الضعف أمام الآخرين وعدم القدرة على إدارة وتسيير ما هو مطلوب منها، وكل ما تأمله تلك الفئة التي تعتمد الارهاب والترويع منهجا لها هو الحصول على تنازلات من الطرف الآخر وتعتبر هذه الوسيلة السبيل الوحيد لتحقيق مطالبها بعيدا عن الحوار والمواجهة المباشرة لأنها تعلم علم اليقين انها لن تحصل على شيء من جراء مثل تلك المواجهات لسبب وحيد أن مطالبها دائما ما تكون صعبة التحقيق وغير مقبولة من الطرف الآخر.
المشكلة الحقيقية للتطرف والإرهاب
على الرغم من بشاعة التطرف والارهاب وما ينتج عنهما من مساوئ وما يترتب عليهما من عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع من جميع النواحي النفسية والفكرية والاقتصادية إضافة إلى التعقيدات الناتجة عن الاجراءات الاحتياطية التي تتخذها الحكومات وهي ضرورية جداً لمحاولة القضاء على من يحاولون المساس بأمن الأوطان وتكون النظرة في مثل هذه الحالات واحدة لجميع أفراد المجتمع البريء والمذنب لأن الاحتياطات لا بد ان تطبق على الجميع أقول على الرغم من كل ذلك إلا أن هناك ما هو أشد خطراً من الجرم نفسه وما يترتب عليه من مخاطر ألا وهو ان من يقومون بتنفيذ جرائم الارهاب ما كان منها انتحاري يؤمنون إيمانا تاما أنهم على حق وأن ما يقومون به هو الصحيح وأنه لا سبيل لمعالجة ما يرونها مشاكل كبيرة إلا بهذه الطريقة لأنهم يكفرون أصحابها ويحكمون عليهم بالموت بأية طريقة وان قلت لهم أنكم بقيامكم بهذه العمليات لا تقتلون خصومكم فقط بل تقتلون أبرياء وأطفال لا ذنب لهم أجابوا ان هؤلاء كفرة ومن يخالطهم ويتعامل معهم كافر أيضا.
السارق يعلم أنه مذنب أما الإرهابي فيظن أن الجميع مذنب إلا هو
جميع الارهابيين من ذوي الفكر المتطرف يؤمنون إيمانا تاما أنهم على حق وجميع الحالات والأزمات التي ابتلي بها المسلمون كانت من أشخاص تظهر عليهم علامات الصلاح ولهم توجهات طيبة ولكنها مغالية ورافضة لأي حلول أو تنازلات ابتداء بعبدالرحمن بن ملجم الذي قتل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وتدرون من هو علي وما هي منزلته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوف نقول جميعا ان من قتل علياً رضي الله عنه من أعداء الاسلام ولا يمكن أن يكون أحد المنتمين لهذا الدين لأننا نعلم ما يكنه كل مسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه من محبة وإجلال، ولكن المفاجأة حين تعلم أن ذلك القاتل رجل مسلم تقي ورع تعرف ذلك كله بمجرد رؤيتك لوجهه وما يظهر على جبينه من اثر السجود، والمصيبة التي لا يمكن لعقل بشر استيعابها حين تعلم انه قتل علياً رضي الله عنه لكي يخلص المسلمين من شره ويتقرب الى الله في ذلك أية مصيبة وأي ابتلاء هذا؟ أن يقتل علي رضي الله عنه تقربا لله ومرضاة لرسوله صلى الله عليه وسلم فما بالك حين يقتل ذميون في بلاد الاسلام جاؤوا لمساعدة المسلمين والوقوف معهم والتعايش معهم دون أي ذنب اقترفوه إلا لانتمائهم إلى دولة كافرة يرى أولئك الفئة من المتطرفين تحريم التعامل معهم وتحليل قتلهم لذا فهم يتفقون مع عبدالرحمن بن ملجم في الغاية من القتل وهي التقرب الى الله ورسوله بتخليص المسلمين منهم ومن شرورهم.
إذا كان الإرهاب نتاجاً للتطرف الفكري فما هو سبب التطرف؟
التطرف الفكري تبدأ علاماته في سن المراهقة بالعناد وعصيان الأوامر التي تصدر من البيت والمدرسة، وذلك بسبب طريقة تعامل الوالدين مع الطفل منذ سنواته الأولى وسلبه حقه في التفكير واتخاذ بعض القرارات الخاصة وإملاء الأوامر عليه وطلب تنفيذها دون أي نقاش وفي حال وجود احتجاج أو وجهة نظر فإنه لا يتم سماعها مطلقا بل تقابل بالتوبيخ والتأنيب وقد يصل الأمر الى الضرب لمجرد محاولة الطفل ابداء وجهة نظره في أمر يخصه شخصيا، وهنا تبدأ المشكلة فيتعلم الطفل أن لغة الحوار معدومة وأن النقاش لا يقابل بالنقاش وانه في حال ضعف الحجة فبالامكان استخدام الطريقة التسلطية لمحاولة فرض الرأي والحصول على ما تريد فيكبر وتكبر معه هذه الخصلة حتى يأتي لمرحلة سنية لا يؤمن فيها بغير القوة فهي الوسيلة المثلى في نظره للاقناع والتغيير خاصة وهو يعلم علم اليقين انها كانت مجدية معه في صغره حين كانت وسيلة الاهل الوحيدة لجعله يرضخ لما يريدون والأهل هم القدوة والتعليم في الصغر كالنقش على الحجر.
الجانب المضيء لما حدث من تفجيرات في مدينة الرياض مؤخراً
نعم نتفق جميعا أن ما حدث في مدينة الرياض والدار البيضاء وغيرهما من المدن وينسب للاسلام، هو في الواقع إساءة صريحة لهذا الدين ولا يمت له بصلة، ولكن الشيء الذي لاحظه الجميع بعد تفجيرات الرياض الاخيرة هو التفاف الشعب والحكومة واتفاقهم على محاربة الارهاب والوقوف في وجه كل من تسول له نفسه المساس بأمن هذا الوطن وحقيقة لا أخفي اعجابي هنا بالطريقة التي اتبعتها حكومتنا الرشيدة في التعامل مع هذا الحدث وطريقة معالجته والشفافية الواضحة واطلاع الجميع على كل ما يحدث دون أي تحفظات وفي هذا منعا لمن يستغلون مثل هذه الاحداث لاثارة البلبلة وترويج الاشاعات ومحاولة الاصطياد في الماء العكر كما لا يفوتني الاشادة ايضا بالتجاوب والتفاعل الملفت للنظر من قبل أفراد المجتمع ككل منذ اللحظة الاولى لوقوع التفجيرات بدءا برفض ما حدث وتجريم الفعل والوقوف الى جانب قيادتنا الرشيدة في محاربة الارهاب والتصدي له وأيضا التجاوب مع جميع الاجراءات الاحتياطية التي تم اتخاذها بعد تلك الاحداث وقبولها بصدر رحب بل وتشجيع ومؤازرة رجل الامن اثناء قيامهم بأعمالهم ليقين كل فرد من هذا المجتمع ان كل تلك الاجراءات إنما وضعت ليتم التضييق على جميع المشبوهين ومحاصرتهم ومن ثم القضاد عليهم بإذن الله وأن هذه الاجراءات وإن استمرت لبعض الوقت فإن نتائجها سوف تكون ايجابية ومثمرة لهذا الوطن ومواطنيه.
الطريقة المثلى لمكافحة الإرهاب
بالتأكيد أن كل واحد منا يتمنى تلك الساعة التي يقضى فيها على الارهاب وتتم السيطرة على أهله، وإذا أردنا تحقيق ذلك فلا بد لنا أن نعرف ان العلاج يحتاج منا بعض الوقت فالمسألة جدا خطيرة ولا تحل بين عشية وضحاها، كما ان المعالجة ليست مسؤولية الحكومة وحدها بل هي مسؤولية مشتركة يتحمل المجتمع الجزء الأكبر منها، فالحكومة مسؤولة عن نشر الوعي وتنبيه الناس وتبصيرهم بوسائل الاعلام المختلفة بخطورة الارهاب خاصة في حال استفحاله وانه لا يمكن تحقيق أي نمو أو ازدهار أو رخاء اقتصادي في حال فقدان الامن كما ان الحكومة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن منع دخول أي من المواد المستخدمة في عمليات التفجير لأن جميع تلك المواد تصنع خارج بلادنا ويتم تهريبها الى الداخل لذا على الحكومة ان تبذل قصارى جهدها لكي تكافح وتحارب عمليات التهريب بشتى الوسائل الممكنة، كما ان كل فرد من أفراد المجتمع مسؤول عن تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة لدى من يراهم من أفراد عائلته أو أقاربه أو أصدقائه ومحاولة ارشادهم الى الطريق المستقيم، وبالامكان الى الاستعانة بمن يكون أقدر منه على التوجيه والارشاد في حال عدم قدرته عليه، ولا ننسى أن تربية النشء على الحوار هي الوسيلة الأهم لخلق مجتمع متفاهم متجانس قادر على التعايش مع بعضه البعض دون أية مشاكل.
وفي الختام أسأل الله أن يديم على هذا الوطن أمنه وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

* وزارة الداخلية - الرياض.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved